IMLebanon

لماذا “القواص” على “هيئة الإشراف”؟

كتب غالب أشمر في صحيفة “الحياة”:

دفعت موجة الانتقادات التي طاولتها في الفترة الأخيرة، هيئة الإشراف على الانتخابات إلى الخروج عن صمتها، بموقف عالي النبرة هو الأول من نوعه ردت فيه على تصريحات منسوبة إلى بعض المرشحين عن وجود رشى ودفع أموال في بعض المناطق، وصرف نفوذ واستخدام مؤسسات الدولة انتخابياً، آخذين عليها عدم التحرك والنزول إلى الأرض. فرسمت خطوطاً حمراً وحذّرت «المتطاولين» ومخالفي قانون الانتخاب من مرشحين وسياسيين ووسائل إعلام ومؤسسات استطلاع رأي، كـ «تدبير مخفف» من الاستمرار في مخالفاتهم التي سجلت، وآخرها مخالفة قواعد السلوك واستخدام مراكز عامة وطنية للمهرجانات الانتخابية، وهي مخالفات ستحيلها إلى المراجع المختصة لاتخاذ المناسب في شأنها». على ما قال رئيسها القاضي نديم عبدالملك لـ «الحياة»، منبهاً «من التمادي في الانتقادات العشوائية وإطلاق الاتهامات التي تتناول دورها وتشكك في صدقية عملها».

«الهجمة لا مبرر لها»، يقول القاضي عبدالملك. ويسال الذين يحملون على «هيئة الإشراف»: لماذا «القواص» علينا من بعيد؟ قدموا لنا شكاوى مثبتة، وإذا لم نعطها المجرى القانوني، لكم ما تريدون»، واضعاً هذه الانتقادات في خانة «الدعاية الانتخابية، أو لغايات أخرى كسباً لمكانة، على حساب الهيئة».

ويلفت عبدالملك إلى أنه لم يتقدم للهيئة بشكوى عن رشى انتخابية سوى النائب سرج طورسركسيان و «حولتها إلى المرجع المختص. وعلى كل ذي صفة من مرشح أو من حزب وغيره، لديه شكوى أن يقدمها لنا لإعطائها المجرى القانوني الصحيح، وأي شكوى تصل إلينا أو نعلم بها نتعامل معها بجدية مطلقة ولا نهملها أبداً. فلا يجوز التطاول على الهيئة، هذا خط أحمر وسيأخذ المجرى القانوني في ما بعد».

وللتأكيد على صدقية عملها والتعامل بمساواة وإيجابية مع الجميع، لفت عبدالملك إلى أن «هيئة الإشراف أجابت عما يزيد عن خمسين استفساراً حول قانون الانتخاب من مرشحين وقوى سياسية مختلفة». وكشف لـ «الحياة» أن «الهيئة وثقت العديد من المخالفات على وسائل الإعلام، وسنرسل لكل منها ماهية المخالفة التي ارتكبت، مع من وفي أي وقت حصلت. وهذا سيكون من باب التنبيه أولاً، لكن الاستمرار بالتمادي في التطاول على الهيئة، فإن بين يدي إجراءات سأتخذها وليتحمل مرتكبو المخالفات المسؤولية». وقال: «نحن ووسائل الإعلام في خندق واحد وعليهم أن يسهلوا عملنا، وسأكون أكثر حرصاً مع السلطة الرابعة على حسن سير الأمور والتعاون الكامل، لكن لن نقف مكتوفين أمام أسلوب التحريض والتجريح بأعضاء الهيئة والتحريض عليها».

وبعدما شدد على أن «لدينا الصلاحية إذا تثبتنا من وقائع معينة مخالفة، كجرم شراء الأصوات، ورشى سنحيلها فوراً على القضاء المختص لتأخذ مجراها القانوني، أما ما يتعلق بمخالفات كاستطلاعات الرأي مثلا، فلنا الحق في تغريم هذه المؤسسات». عدد عبدالملك ثلاثة أنواع من المخالفات ترصدها الهيئة، وهي: «المخالفات التي ترتكبها وسائل الإعلام في ما يتعلق بالإعلان المدفوع الأجر، ولم تذكر ذلك ولا اسم الجهة التي طلبته، وما لم ترسل لنا أسبوعياً، وفق ما ينص القانون، عدد الإعلانات ومداخيلها. والثاني: هو خطاب الكراهية والتحقير والذم. إضافة إلى الشق الثالث المتعلق باستطلاعات الرأي». وزاد: «أخذنا تدبيراً مخففاً، للتدليل على أننا نتعاون، لكن لا يمكننا الاستمرار بهذا التدبير وليتحمل كل مخالف مسؤوليته. الكل سواسية أمام القانون. من يريد القيام بدعاية انتخابية لا يجب أن يذم الهيئة ويغمز من قناتها وينعتها بأمور هي براء منها، وكل من يسهم في نشر ذلك سيكون شريكاً فيها، وإذا أردت ملاحقة أي كان في المستقبل، وأصبح خارج النيابة، سألاحقه هو ووسيلة الإعلام التي طاولت وأهانت الهيئة وحقرتها».

وإذ ذكّر بأن جوهر عمل الهيئة «يكمن في الإشراف على الانتخابات، ضمن صلاحياتها والإمكانات المتوافرة لها مادياً ومعنوياً». يضيف عبدالملك: «نقوم بمهماتنا وواجبنا وفق الوسائل المتاحة بين أيدينا، والمعدات الفنية. وفي الوقت ذاته، وبإشراف الهيئة، دربت مؤسسة «مهارات» نحو 25 مراقباً إعلانياً، وهم يقومون بمهماتهم منذ 5 شباط (فبراير)، مع بدء انطلاق الحملة الانتخابية لرصد جميع المخالفات. ولاحقاً سيكون لدينا ما نحتاج من أصحاب الاختصاص في المعلوماتية ومدققي الحسابات للرقابة على الإنفاق الانتخابي، وخبراء في مراقبة الإعلام والإعلان وتقنيين وموظفين، إضافة إلى توفير شاشات وتقنيات فنية للمدققين، وإلا كيف يمكنهم ممارسة عملهم، وهذا كله يتطلب توفير موازنة بين أيدينا، فيما الموازنة العامة لم تنجز حتى الآن».

تجاوز سقف الإنفاق… وإبطال النيابة

وفيما يكثر الحديث عن إشكالية، بوجود 15 وزيراً مرشحاً يشكلون نصف الحكومة، يستخدم كثراً منهم نفوذهم ويستغلون مؤسسات الدولة ومقدراتها لخدمة الانتخابات، يجيب: «هذه مسألة سياسية. نحن ندخل في الشق القانوني الصرف. إذ في حال قيام سياسي بمهرجان انتخابي، فأننا نرصد ذلك، وسنحتسب هذا العمل من الإنفاق الخاص به. لا يمكنني المنع، لكن بإمكاني وفق نصوص القانون، إحالة ما يحصل إلى النيابة العامة، أو الادعاء في محكمة المطبوعات، أو احتسابها من النفقات الانتخابية فيما بعد».

وعن إمكان الطعن في هكذا حالات، يوضح أن «الطعن مرجعيته المجلس الدستوري، وتقدير ذلك يعود له. أما في ما يختص بنا، فسنودع المجلس الدستوري البيان الحسابي الشامل الذي يقدمه كل مرشح، وإذا تجاوز سقف الإنفاق، سنبلغه والمجلس النيابي أيضاً بهذا الأمر، فإذا فاز هذا المرشح بالانتخابات يطعن به وتبطل نيابته، وهذا وفق نص القانون. نحن من جهتنا لا نعمل إلا من ضمن صلاحياتنا والمهمات المعطاة لنا في قانون الانتخاب».

وكشف عبدالملك لـ «الحياة» أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً آخر الشهر الجاري «لوضع كل المسائل في مكانها الصحيح. الهيئة في صدد إعداد ملف موثّق للتحرك في اتجاه القضاء لوضع حد لهذا الفلتان في المواقف. أنا ليس لدي إلا المصلحة العامة والقانون، فعلى الذين يحرتقون بنا كف شرهم عنا».

وتتكون «الهيئة» التي شكلها مجلس الوزراء في قصر بعبدا في أيلول الماضي، من القاضي عبدالملك رئيساً ونهاد جبر نائباً له، أمأ الأعضاء فهم: فيليب أبي عقل، عوني رمضان، جورج موراني، موفق اليافي، كارين جعجع، سيلفانا اللقيس، عطاالله غشام، أندرية صادر وآردا أكمكجي.