IMLebanon

البقاع الغربي: نهاية حقبة “الحديقة الخلفية للمختارة”؟

كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “الأخبار”:

ما الذي جعل وليد جنبلاط يركّز على دائرة البقاع الغربي – راشيا في مقابلته الأخيرة مع «الأخبار»؟ وهل يمكن التعامل مع «انقلاب» سعد الحريري على تعهده بضم أنطوان سعد إلى لائحته عن المقعد الأرثوذكسي بوصفه استهدافاً عونياً ـ حريرياً للدور الجنبلاطي بعد الانتخابات

خلط وليد جنبلاط الأوراق في دائرة البقاع الغربي. رفع الصوت عالياً، وصولاً إلى التحذير من خسارة مرشحه وائل أبو فاعور لمقعده النيابي، بخلاف الانطباع السائد حتى الأمس القريب بأن الأخير أكثر المرتاحين إلى وضعه الانتخابي.

لكن هل حقاً أبو فاعور بخطر ويمكن أن يخسر مقعده؟

كل التوقعات تشير إلى أن النائب الحالي عن البقاع الغربي وراشيا، لا يزال يمسك بمفتاح الفوز بالمقعد الدرزي في الدائرة دون منافسة تذكر. لكن لدى الاشتراكيين قناعة بأن القانون الانتخابي لا يعطي أحداً ورقة كفالة نهائية. يسأل مسؤول اشتراكي: إذا كان هنالك قرار سياسي بتخسير أبو فاعور مقعده، بغضّ النظر عن النتائج الأخرى، هل هذا ممكن أم لا؟ الإجابة تأتي على لسان أحد المتخصصين الانتخابيين، بأنه ما دام لا يملك الحاصل الانتخابي منفرداً، فإن كل شيء ممكن (يتوقع أن يصل عدد أصواته التفضيلية إلى 9000 صوت، وهو رقم كبير نسبياً، خاصة أن الحاصل الانتخابي لن يتعدى 12 ألف صوت).

باختصار، يعبّر جنبلاط في كلامه الأخير لـ«الأخبار» عن أزمة ثقة مع تيار المستقبل، وخلاف في الرؤية مع التيار الوطني الحر، على حدّ تعبير مسؤول اشتراكي. فالاشتراكيون يخشون من أن يكون سببَ الالتفاف المستقبلي على ترشيح أنطوان سعد طلب مباشر من التيار الوطني الحر، أو على الأقل قرار من سعد الحريري بمراعاة التيار الحر، الذي وضع «الاشتراكي» فيتو على انضمام مرشحه إيلي الفرزلي إلى لائحة البقاع الغربي الحريرية.

بالنسبة إلى الاشتراكيين، ثمة قناعة بأن «المستقبل» و«التيار» يتناغمان في الترشيحات في كل من البقاع الغربي والشوف – عاليه، حتى لو كانا في لوائح متنافسة. ففي البقاع الغربي، سبق أن وافق المستقبل على انضمام الفرزلي إلى اللائحة، لكن الفيتو جاء من الاشتراكي، ويبدو أن التيار الوطني الحر لم يتأخر في الرد على هذه الخطوة، من خلال الدفع باتجاه اختيار غسان السكاف (أرثوذكسي) بدلاً من النائب الحالي أنطوان سعد (عضو اللقاء الديموقراطي).

لكن أحد المطلعين على الأجواء بين التيارين الأزرق والبرتقالي، يذهب إلى حد التأكيد أن ما يجمع التيارين هو سعي سعد الحريري وجبران باسيل إلى تحجيم وائل أبو فاعور. فالحريري ينظر إلى أبو فاعور بعين الريبة، بعد الحديث عن دور سلبي له في السعودية، أضف إلى أن باسيل يتعامل مع أبو فاعور كأحد أعداء العهد، هو الذي يقال عن لسانه إن يوم انتخاب الرئيس ميشال عون كان أسوأ أيام حياته.

كل ذلك يشي، بالنسبة إلى الاشتراكيين، أن الحرب عليهم ليست حديثة العهد ولا تقف عند حدود اختيار المرشحين في البقاع الغربي أو الشوف وعاليه. وهذه الترشيحات، تضيف المصادر الاشتراكية، لم تسهم إلا في الضغط على الحزب الاشتراكي (رفض الحريري أن يرشح أحداً من برجا ومن ساحل الشوف، بينما رشّح التيار الوطني الحر مرشحين في هذه المناطق، ورفض المستقبل ترشيح المرشح الأرثوذكسي الأقدر (سعد) على منافسة الفرزلي في البقاع الغربي). فاستهداف جنبلاط بدأ يوم اتُّفق على قانون الانتخاب من دون التشاور معه، وهو أصبح واثقاً من أن الاستهداف الفعلي سيبدأ بعد الانتخابات من خلال الخيارات السياسية في إدارة البلد في المرحلة المقبلة.

وإذا كان التوتر السياسي قد بدأ يظهر إلى العلن بين «الاشتراكي» من جهة، والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل من جهة أخرى، فلماذا أدخل الفرزلي في هذا الصراع من بوابة اعتباره أحد رموز الوصاية السورية (على حد تعبير جنبلاط)؟

هنا، يدعو الاشتراكيون «إلى عدم التقليل من أهمية عودة رموز الوصاية السورية إلى البرلمان في مختلف الدوائر، وبتشجيع من المستقبل». لكن في المقابل، ثمة من يرى في هذه الخطوة أكثر من ردّ فعل على استهداف انتخابي، مستعيداً اجتماعاً عقده عدد من المشايخ في مؤسسة العرفان في راشيا بحضور الشيخين ماجد أبو السعد وأكرم الصايغ، عنوانه رفض محاصرة وليد جنبلاط، يقابله من ناحية تيار المستقبل تجييش على شاكلة: كل صوت سني يأخذه أبور فاعور يعبّد طريق المجلس أمام عبد الرحيم مراد (لوائل أبو فاعور كمية وازنة من الأصوات السنية التي يسعى المستقبل إلى استعادتها).

لكن ما رأي من أصابته الشظايا الجنبلاطية مباشرة؟ يؤكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، أن توتر جنبلاط يعود إلى تقلص دوره في منطقة البقاع الغربي، موضحاً أن فلسفة قوة الاشتراكي تقوم على مبدأين هما التشتت المسيحي والانقسام السني الشيعي. لذلك، يرى الفرزلي أن هذه الانتخابات ستكسر هاتين الحلقتين، أو على الأقل إحداهما، مشيراً إلى أن فوزه بالمقعد الأرثوذكسي (وكذلك فوز عبد الرحيم مراد بأحد المقعدين السنيين)، سينهي الزعامة الجنبلاطية على المنطقة، التي كانت قائمة على أنقاض الدورين السني والمسيحي (بسبب عدم قدرة نواب المستقبل على ممارسة دور القيادة). وعليه، فإن الأخير يعتبر أن ذلك سيعني سياسياً انتهاء حقبة «الحديقة الخلفية» التي كان يمثلها البقاع الغربي بالنسبة إلى زعامة المختارة.