IMLebanon

قصة The Beauty and the Beast… مأساة وراءها

تعد القصة الخرافية “الجميلة والوحش” واحدة من أشهر القصص في تاريخ البشرية حيث اطلع معظم أطفال العالم على هذه القصة سواء من خلال الكتب أو الأفلام السينمائية والكرتونية وخاصة تلك التي قدمتها مؤسسة والت ديزني.

في حين ظهرت النسخة المعاصرة للقصة في حدود منتصف القرن الثامن عشر عن طريق قلم المؤلفة الفرنسية غابرييل سوزان دي فيلنوف على الرغم من وجود بعض القصص القديمة المشابهة لها مثل قصة كوبيدو والروح للكاتب اللاتيني لوكيوس أبوليوس ضمن رواية الحمار الذهبي.

مأساة إنسانية

وعلى حسب ما نقله العديد من المؤرخين والمؤلفين، تجد النسخة المعاصرة لقصة الجميلة والوحش أصولها في مأساة إنسانية جرت وقائعها ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث عانى إنسان مصاب بمرض فرط الشعر من معاملة قاسية امتدت لتشمل أطفاله وقد كان ملوك أوروبا خلال تلك الفترة أبطال هذه المأساة.

ولد بيتروس غونسالفوس في حدود سنة 1537 بمنطقة تنريف التابعة لجزر الكناري الإسبانية، ومنذ ولادته عانى هذا الطفل من مرض وراثي عرف باسم فرط الشعر وتسبب في انتشار كميات هائلة من الشعر غطت كامل جسده.

ومنذ طفولته عومل بيتروس كحيوان متوحش من قبل الجميع وفي سن العاشرة سجن الأخير داخل قفص حديدي ومنح طعاماً يقدم للحيوانات.

ومع حلول شهر نيسان سنة 1547 أرسل بيتروس غونسالفوس إلى فرنسا كهدية للملك الفرنسي هنري الثاني خلال فترة تتويجه.

 

سجن وأبحاث على طفل الشعر الكثيف

وحال دخوله للأراضي الفرنسية، سجن بيتروس غونسالفوس داخل أحد الدهاليز وهنالك أجريت عليه أبحاث عديدة قادها أطباء ومختصون فرنسيون بهدف التأكد من طابعه البشري خاصة بعد أن شكك كثيرون أن الأخير ليس سوى حيوان متوحش، في غضون ذلك وخلال فترة إجراء دراسات عليه نطق بيتروس غونسالفوس باسمه والذي تمت ترجمته حينها للفرنسية. عقب نهاية الأبحاث اتفق المختصون الفرنسيون أن بيتروس غونسالفوس ليس سوى طفل يبلغ من العمر عشر سنوات ويعاني من تشوه خلقي وعلى إثر ذلك وافق الملك الفرنسي هنري الثاني على إطلاق سراح الأخير وإرساله للمدرسة.

وسيلة ترفيه وإضحاك!

خلال فترة وجيزة تحول بيتروس غونسالفوس إلى شخصية بارزة بالبلاط الملكي الفرنسي حيث تم اعتماده كوسيلة ترفيه وإضحاك بسبب مظهره فضلا عن ذلك سمح للأخير بارتداء ثياب النبلاء وتناول طعام مطبوخ وطازج. مقابل معاملته كحيوان بشري أليف سمح لبيتروس بالحصول على بعض الحقوق حيث حافظ الأخير على حريته داخل القصر كما لم يتردد الجميع في تلقيبه بالرجل النبيل المتوحش، في غضون ذلك ومن خلال قرار غريب أثار ذهول الجميع أعلنت ملكة فرنسا كاثرين دي ميديشي عزمها تزويج بيتروس من إحدى الفتيات بهدف خلق أطفال آخرين حاملين لنفس التشوه الذي يحمله الرجل الملقب بالنبيل المتوحش.

عثرت ملكة فرنسا كاثرين دي ميديشي على ضالتها في ابنة أحد الخدم داخل البلاط الملكي، وقد حملت الأخيرة أيضا اسم كاثرين.

مثلت هذه الفتاة العروس المناسبة لبيتروس غونسالفوس بسبب جمالها وحسن أخلاقها، في غضون ذلك انتظرت العروس كاثرين يوم زواجها بفارغ الصبر حيث لم يسمح لها برؤية زوجها قبل ليلة الزفاف.

زفاف وذهول

يوم الزفاف أصيبت كاثرين بالذهول حيث خابت جميع آمالها عند رؤيتها لبيتروس، فضلا عن ذلك لم تكن الأخيرة قادرة على معارضة قرار الملكة كاثرين دي ميديشي، التي أجبرتها على الموافقة على هذا الزواج.

مع مرور الوقت اعتادت كاثرين على مظهر زوجها بيتروس غونسالفوس وقد تواصل زواج الأخيرين لمدة قاربت الأربعين سنة رزق خلالها الاثنان بسبعة أطفال حمل أربعة منهم نفس التشوه الذي حمله والدهم.

على إثر هذا الزواج حصلت ملكة فرنسا كاثرين دي ميديشي على ما تريده فما كان منها إلا أن أرسلت بيتروس غونسالفوس وأطفاله في جولة إلى مختلف قصور ملوك أوروبا ومرة أخرى لم يتردد الملوك الأوروبيون في إجراء أبحاث على الأطفال الحاملين لما يعرف بفرط الشعر بعد أن حامت الشكوك حول طابعهم الإنساني.

في حدود سنة 1591 أجبر بيتروس وعائلته على الهجرة نحو دوقية بارما بإيطاليا وهنالك عامل آل فارنيزي هذه العائلة الفريدة من نوعها كممتلكات خاصة، حيث تم توزيع أطفال بيتروس المصابين بتشوهات كهدايا على عدد من النبلاء.

 

لم يعتبر من الجنس البشري

بعد إجبارهم على التنقل من بلاط ملكي إلى آخر، استقر بيتروس وزوجته بمدينة كابوديمونتي الإيطالية وعلى حسب سجلات المدينة فارقت كاثرين الحياة سنة 1623، بينما لم يتم تحديد تاريخ واضح لوفاة بيتروس غونسالفوس، ويعزى السبب في ذلك إلى عدم اعتباره من جنس البشر حينها.

تختلف النهاية الحقيقية لقصة “الجميلة والوحش” عن تلك التي نقلتها المؤلفة الفرنسية غابرييل سوزان دي فيلنوف، فبينما حظي العروسان في قصتها بنهاية جميلة ورائعة عرفت القصة الحقيقية التي مثلت مصدر الإلهام نهاية مأساوية حيث تشرد أبناء بيتروس بين مختلف قصور ملوك أوروبا وعوملوا كحيوانات، بينما فارق هو الحياة دون أن ينظر إليه كإنسان عادي حامل لمرض نادر.