IMLebanon

بهية الحريري: أنا وضعت الفيتو على أسود والقوات

كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:

تجهد النائبة بهية الحريري في مخاطبة الوجدان الصيداوي واستثارته لمصلحتها. بعد تحفيز الناخبين بالنفعية والمذهبية، ابتدعت أخيراً خطاب المعركة الوجودية: «نكون أو لا نكون»، شاكية محاولات محاصرتها وإلغائها، وصولاً إلى «تسكير البيت السياسي لآل الحريري في صيدا»

في انتخابات عام 2005، حُيِّدت صيدا عن المعارك الوجودية التي ضربت لبنان عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بالتزكية، تقاسمت «أخت الشهيد» بهية الحريري المقعدين النيابيين للمدينة مع خصمها أسامة سعد.

إذ ذاك، لم يكن الناس على تماس مباشر مع رفيق الحريري. بهية الحريري كانت الوجه الظاهر للمساعدات والتوظيفات وصندوق الإعاشة، وحتى أشغال شركة «أوجيه لبنان». لم يطل عهدها كوسيطة بين المانح والممنوح. في عام 1992، لم تعد فقط «شقيقة الرئيس». أكملت بالسياسة زعامتها التي صارت رسمية بالنيابة.

لم تكتف المعلّمة الصيداوية المجبولة بالحرمان والكدح باستقطاب الناس بدواء أو وظيفة أو صندوقة تموين. تغلغلت في تفاصيل المدينة ثقافياً واجتماعياً وبيئياً ودينياً، مستفيدة من انضواء البلدية والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة تحت العباءة الحريرية. امتلكت ذاكرة حفظ الوجوه والأسماء والأحداث. إلا أن تلك الذاكرة لم تتخطّ نشأة متعبة في مدينة يسعى أثرياء إلى حكمها باستثناء معروف سعد. يربط البعض ذلك بتمترسها في منزلها في الهلالية، ثم في مجدليون، ودعوة العائلات وأصحاب الحاجة، وحتى المسؤولين إليها. في الاستحقاقات الانتخابية البلدية والنيابية، ينشط سنترال مجدليون: «الست تدعوكم إلى لقاء أو وليمة على شرفكم». هكذا، كان يفد الناخبون إليها، خصوصاً في أيام العز، عندما كانت تملك إمكانات كافية للتوظيف وصرف المساعدات العينية والمادية وتيسير الأمور.

في انتخابات 2009، ظهر الوجه القاسي للأخت الحزينة. رفعت منسوب مواقفها الحادة تماشياً مع موجة «مظلومية أهل السنّة»، مستغلة أحداث 7 أيار وتوافر المال السعودي. حققت بهية أحادية تمثيلية مع الرئيس فؤاد السنيورة، استكملت بالانتخابات البلدية في 2010 و2016.

المقارنة بين حملة الحريري الانتخابية الحالية وحملتها السابقة، تُظهر تواضعاً وشعبوية مستجدين لم يعهدهما الجمهور الحريري من قبل. للمرة الأولى، ظهرت «الست» على اللوحات الإعلانية. وبدلاً من استدعاء الناخبين، نزلت إليهم، لا بل باتت تتصل بنفسها أحياناً لتحديد المواعيد، ولا سيما بالمعتكفين والزعلانين والمصروفين من مؤسسات الحريري والمنقطعة مساعداتهم. بدأت باكراً بجولاتها الانتخابية وزياراتها للبيوت والأحياء في صيدا حيث تلتقي بهم على فنجان قهوة بعد أن صارت ولائم مجدليون من الماضي. تنهك نفسها يومياً بعشرات الزيارات للموالين وبعض الخصوم على السواء. فماذا تقول لهم؟

شعارات الحملات الفوقية سابقاً مثل «صيدا لأهلها»، و«زي ما هيي»، تحولت إلى «التكامل الأهلي». في الخطاب الانتخابي، تعتمد الحريري نبرة مستكينة تليق بثوب الحزن الذي يلازمها. «مددت يدي للجميع، لكنهم يريدون محاصرتي ومعاقبتي على نهج رفيق الحريري الذي حافظت عليه في صيدا». في الجلسات الخاصة، قالت إن التيار الوطني الحر «غدر بها وعقد اتفاقاً مع عبد الرحمن البزري من تحت الطاولة ثم ضغط على صلاح جبران بالانسحاب من اللائحة في اللحظات الأخيرة». وتفاخرت أمام الصيداويين بأنها وضعت بنفسها الفيتو على ترشيح زياد أسود أو التحالف مع «القوات اللبنانية».

تنتظر الحريري من الصيداويين ردّ الجميل لها. «إسقاطي نيابياً يعني سيطرة حزب الله والسوريين على المدينة من خلال أبرز منافسيها أسامة سعد وعبد الرحمن البزري». والسقوط بالنسبة إلى «الست» ليس خسارة، وهي مسألة غير واردة استناداً إلى قاعدتها المتينة. الهزيمة تعني ألّا تقدر على الفوز بحاصلين انتخابيين، وأن يتبين أنها غير قادرة على استقطاب أي جمهور مسيحي تمثيلي، وتخشى أن يتقلص الفارق في الأصوات بينها وبين أسامة سعد.

في جولاتها الأخيرة، لم تعد تهتم بزميلها المرشح حسن شمس الدين. والمساعدون يقولون للناخبين: «المهم أن يذهب الصوت للست». حتى شمس الدين نفسه صار يخشى أن تكون أصواته التفضيلية ضئيلة جداً. وهو يخشى أن يضبط مشجعاً ماكينته الشخصية على تحصيل أصوات له من الصحن الحريري.

لا تملك الحريري حالياً لتحفيز الناخبين سوى الاعتماد على رصيدها الشخصي في العقود الماضية و«مونتها» على بلدية صيدا وبعض الأجهزة الأمنية والرسمية. وفي هذا الإطار، لا تنسى استرضاء الجزينيين بعد طول جفاء. تُعدّ مع شركائها المسيحيين في لائحة «التكامل الأهلي» في دائرة صيدا – جزين، لاحتفال انتخابي في أحد مطاعم عروس الشلال.