IMLebanon

المتن الشمالي: لا مصلحة للعهد بأن يُستخدم اسمه في المنافسة الانتخابية!

استكملت اللوائح الخمس استعداداتها لخوض الانتخابات النيابية في دائرة المتن الشمالي في معركة مسيحية – مسيحية بامتياز، لأن مقاعدها الثمانية مخصصة للطوائف المسيحية، من دون التقليل من أهمية الصوت المرجِّح للناخبين المسلمين المسجلين على لوائح الشطب، والبالغ عددهم حوالى 11532 ناخباً نصفهم من الشيعة والبقية من السنّة والدروز والعلويين، وتتسابق اللوائح المتنافسة لكسب ودهم.

ولن يكون في مقدور واحدة من اللوائح التفرد في حصد المقاعد النيابية لهذه الدائرة، لأن الخروق تبقى سيدة الموقف. وإذا كانت اللائحة التي تتألف من تحالف «التيار الوطني الحر» وحزبي «الطاشناق» و «السوري القومي الاجتماعي» تتصرف على أنها الأقوى، فإن منافسيها في اللوائح الأخرى التي تتوزع رئاستها على حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» ونائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر والحراك المدني لديها ملء الثقة بأن حظوظها مرتفعة في خرق اللائحة التي يتزعمها «التيار الوطني».

وتتوالى الاتهامات للائحة «التيار الوطني» قبل ثلاثة أيام من موعد إجراء الانتخابات الأحد المقبل، بأن القيمين عليها يستعملون نفوذهم في السلطة وفي داخل بعض المؤسسات والإدارات الرسمية للضغط على الناخبين المتنيين، وهذا ما يجمع عليه رؤساء اللوائح المنافسة، وهم وثّقوا العديد من المداخلات التي تثبت صحة اتهاماتهم هذه اللائحةَ، وأبرزها الضغط على عدد من رؤساء البلديات التي تؤيد مجالسها البلدية المر لانتزاع تأييدهم لها، مهددة إياهم بفتح ملفاتهم في الوقت المناسب.

وفي هذا السياق، سألت مصادر متنية مواكبة طبيعة شكاوى اللوائح الأربع من الضغط الذي تمارسه لائحة «التيار الوطني»، وكيف يحق للأخيرة أن ترفع لافتات انتخابية عملاقة في عدد من البلدات والقرى المتنية كتب عليها «صوتي للعهد ليتحقق الوعد»، من دون أي تحرك من السلطات الرسمية لمنعها من إقحام الرئاسة في المعركة الانتخابية، خصوصاً أن تصرف هذه اللائحة يتناقض كلياً مع إصرار العهد على الوقوف على الحياد تاركاً للعبة الديموقراطية أن تأخذ مجراها في الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ولفتت المصادر نفسُها في حديث لصحيفة “الحياة” إلى أن لا مصلحة للعهد بأن يُستخدم اسمه في المنافسة الانتخابية من أي جهة تخوض الانتخابات، لأن من غير الجائز تصنيف الناخبين بين مؤيد للعهد ومعارض له، وصولاً الى تقديم اللائحة نفسها على أنها لائحة السلطة، فيما هي تعلن أنها مرتاحة إلى وضعها وتثق بناخبيها.

وذكرت المصادر عينها أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان السباق قبل بدء الحراك الانتخابي إلى تأكيد أن الرئاسة الأولى تقف على الحياد، وأن الرئيس هو على مسافة واحدة من جميع القوى التي تخوض الانتخابات، لكن «التيار الوطني» يشكل إحراجاً له في قراره خوض الانتخابات تحت شعار الدعوة إلى التصويت له ليتحقق الوعد الذي رفعه الرئيس لتحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد.

وبصرف النظر عن المفاعيل الانتخابية التي يمكن أن يستفيد منها «التيار الوطني» باعتماده هذا الشعار في ترويجه معاركه الانتخابية في معظم الدوائر، فإن المصادر المتنية ترى أن هناك ضرورة لسحبه من التداول لئلا يحدث ندوباً سياسية في علاقة الرئيس بالقوى الأخرى، خصوصاً تلك التي كانت رشحته لرئاسة الجمهورية ولعبت دوراً في انتخابه.

ورأت المصادر المتنية أن استعمال النفوذ السلطوي من «التيار الوطني» لا يقتصر على المتن الشمالي وإنما ينسحب على دوائر أخرى في الشمال وفي جبل لبنان، وقالت إن لا مصلحة للعهد في أن يقوم أي طرف في تقديم المشهد الانتخابي للداخل، ومن خلاله للخارج، وكأنه سيؤدي إلى إحداث فرز بين الناخبين على أساس أن من لا يقترع منهم لمصلحة اللوائح المدعومة من «التيار الوطني» فهم حكماً يتموضعون في الضفة السياسية الأخرى المناوئة للعهد، أو يعارضون الإصلاح والتغيير.

وشددت المصادر نفسها على ضرورة الكف عن لعبة التصنيف هذه، لأن رئيس الجمهورية يبقى الراعي الأول للحوار بين اللبنانيين، وهذا باعتراف الجميع، أكانوا على علاقة جيدة به أم على خلاف معه، وبالتالي ما الجدوى من استعمال العهد من فريق محسوب عليه في منافسته الآخرين؟

لذلك تتسم المعركة الانتخابية في المتن الشمالي بنكهة سياسية، كسواها من المعارك في الدوائر الأخرى، مع فارق يعود إلى أن لائحة «التيار الوطني» المتنية وإن كانت تضم غالبية المرشحين ممن ينتمون إليه، فإنها تفتقد إلى المرجع القادر على توزيع الصوت «التفضيلي» على مرشحيه باستثناء مرشحي «الطاشناق» و «القومي الاجتماعي».

وبكلام آخر، فإن هذه اللائحة تضم عدداً من الناخبين الذين يصنفون أنفسهم على أنهم ليسوا كغيرهم من المرشحين العاديين، وبالتالي سيحاول كل منهم تدعيم وضعه الانتخابي في تجيير الصوت التفضيلي لمصلحته.

وفي المقابل، فإن من يقف على رأس اللوائح الأخرى لديه القدرة على التحكم بالمسار العام للمقترعين المؤيدين له، خصوصاً لجهة توزيع الصوت التفضيلي على المرشحين، إضافة إلى أن كل لائحة من هذه اللوائح تضم مرشحين من النسيج السياسي نفسه وتجمعهم قواسم مشتركة.

وهكذا، لن تظهر نتيجة المعركة الانتخابية إلا في صناديق الاقتراع، ومبالغة هذا الطرف أو ذاك بقوته تبقى قائمة إلى حين إعلان النتائج بصورة رسمية، أما إصرار المرشحين على الدخول في حسابات رقمية، فقد يكون ضرورياً، لأنه من عدة الترويج الانتخابي التي تعتمدها كل لائحة في سياق الحروب النفسية للتأثير معنوياً في الناخبين.

لكن من المؤكد أن قصب السبق الانتخابي لن يمنح أي لائحة متنية المقاعد النيابية الثمانية المخصصة لها، وإن كان «التيار الوطني» سيتقدم على منافسيه من دون أن يقطع الطريق على حزبي «الكتائب» و «القوات» اللذين لديهما القدرة على إثبات وجودهما بحصد عدد من المقاعد، إضافة إلى المر الذي يواجه «حرب إلغاء» من «التيار الوطني»، الذي استخدم نفوذه لسحب عدد من المرشحين الذين كانوا أبدوا استعدادهم للترشح على لائحته.

ففوز المر في خرق هذا الحصار، خصوصاً احتفاظه بمقعده النيابي يشكل ضربة لرئيس «التيار الوطني» الوزير جبران باسيل الذي رعى الخطة لإلغائه وكان وضَعَها بالتعاون من مسؤولين في «التيار» معظمهم من المتن وأخذوا على عاتقهم استخدام أساليب التهويل والترهيب على بعض رؤساء البلديات لمنعهم من الاقتراع لمصلحته؟