IMLebanon

اليوم الانتخابي في لبنان: تهويل وشكاوى من تدخلات وإجراءات الاقتراع تسبّب تأخيراً

كتبت صحيفة “الحياة”: 

لم تخلُ عملية اقتراع الناخبين اللبنانيين لاختيار نواب برلمانهم العتيد والتي أُجريت في يوم واحد وفق قانون جديد قائم على النسبية، من إشكالات بعضها تقني وبعضها الآخر عبارة عن احتكاكات متفرقة ومحدودة في المناطق التي تشهد منافسة شرسة بين اللوائح المتنافسة، ومخالفات ارتكبت أمام عيون المراقبين اللبنانيين والأوروبيين وسجلت في محاضرهم، الى جانب خروق ارتكبها معظم المرشحين للصمت الانتخابي.

وكان الإقبال على الاقتراع بطيئاً صباحاً في المدن الرئيسة بعكس القرى والبلدات حيث الحماسة فاقت التوقعات وانتظم الناخبون صفوفاً طويلة في انتظار دورهم للإدلاء بصوتهم، خصوصاً أن العملية كانت تجري ببطء بسبب عملية طي الناخب لورقة الاقتراع الكبيرة نسبياً ووضعها في طريقة معينة داخل الظرف وإنزاله في صندوق الاقتراع والتوقيع والحصول على بصمة الحبر الأزرق. وهو أمر دفع بالبعض الى مغادرة مراكز الاقتراع من دون الاقتراع أو التريث في التوجه اليها.

على أن محيط بعض مراكز الاقتراع في دوائر حامية شهد بعض مظاهر الترهيب من قطع طرق لعرقلة وصول ناخبين الى صناديق الاقتراع أو القيام بمسيرات سيارة مع رايات حزبية أمام مراكز اقتراع وهتافات بصوت عال ضد الخصوم. وإذا نجا الناخبون من الضغوط المباشرة خارج أقلام الاقتراع لأن القانون ينص على تسليمها للمقترع من قبل رئيس القلم مباشرة، فإن الهمس في آذان الناخبين قبل دخولهم الى مراكز الاقتراع كان “فرضاً” يمارسه المندوبون على خيارات الناس.

إنها المرة الأولى التي يقترع فيها الناخبون من مختلف الأعمار (فوق 21 سنة) ومستويات التعليم للوائح انتخابية جاهزة ومرفقة بصور المرشحين. والغالبية تعاملت مع النظام الجديد بسهولة وبعض المسنين وجدوا صعوبة في الاختيار فكانت حجة لمندوبين في مرافقة هؤلاء الى ما وراء الستار لمساعدتهم ما اعتبر مخالفة. وإذا كان الهمس في أذن الناخب لاختيار اللائحة والشخص المطلوب إعطاء الصوت التفضيلي له، فإن “تيار المستقبل” اعتمد صورة المرشح “التفضيلي” على القمصان التي يرتديها مندوبو لوائحه عند مداخل مراكز الاقتراع.

وأجريت الانتخابات وسط إجراءات أمنية مكثفة للجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى. وسير الجيش دوريات مؤللة في بيروت والمناطق. وأعلنت غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية عن معالجة نحو 400 شكوى تتعلق بنواقص داخل صناديق الاقتراع”. وتم تكليف المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار القيام بجولة على مراكز الاقتراع للتأكّد من وجود عناصر من الدفاع المدني لمساعدة المسنّين وذوي الحاجات الخاصة على ممارسة حقّهم الانتخابي، بعدما ارتفعت الشكوى من صعوبة الوصول الى أقلام الاقتراع الموجودة في طوابق عليا وغياب عناصر الدفاع المدني في مراكز في بيروت.

وأعلن رئيس غرفة العمليات في قوى الأمن الداخلي العميد الياس خوري أن “أي ناخب يثبت أنه قام بتصوير عملية اقتراعه وراء العازل يُمنع من الاقتراع ويُعتبر صوته ورقة باطلة ويمنع أن يأتي من جديد للتصويت وهناك أكثر من 52 حادثة من هذا النوع”.

“تساوت دائرتا بيروت الأولى والثانية في منافسة غير مسبوقة تميزت في الإقبال الكثيف على صناديق الاقتراع ما أدى إلى زحمة سير خانقة ضاقت بها شوارعها مع ارتفاع الشكاوى من تباطؤ عملية الاقتراع التي اضطرت الناخبين إلى الانتظار في طوابير امتدت إلى عشرات الأمتار. ولم يؤثر بعض الإشكالات التي شهدتها أحياء في الدائرة الثانية في خروج البيارتة من منازلهم وسط دعوة زعيم “تيار المستقبل” رئيس الحكومة سعد الحريري أنصاره ومحازبيه إلى عدم الرد والتزام الهدوء لأن الرد لا يكون إلا في صناديق الاقتراع.

بيروت وجبل لبنان

وكانت للمعركة الانتخابية في بيروت الثانية نكهة سياسية خاصة، لأنها شهدت اصطفافاً من القوى والتيارات السياسية في 8 لوائح ضد لائحة “المستقبل لبيروت” برئاسة الحريري المتحالف مع الحزب “التقدمي الاشتراكي”، وبدت المنافسة وكأنها “حرب كونية” ضد الحريري الذي نجح في أن يجمع في شخصه الشروط المطلوبة لخوض المعركة وبدا الرافعة للائحة و”عقالها” وماكينتها الانتخابية.

وتمثلت المواجهة بين 9 لوائح أبرزها بين لائحة “المستقبل” واللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) و”جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” (الأحباش) و”التيار الوطني الحر” إضافة إلى لائحتي “لبنان حرزان” برئاسة فؤاد مخزومي و “بيروت الوطن” برئاسة الصحافي صلاح سلام، ولوائح أخرى. ومع أن هناك من يطلق على قانون الانتخاب تسمية قانون “المفاجأة”، فإن اللوائح، ما عدا لائحتي تحالف الثنائي الشيعي و”الأحباش” و”كل الناس” المدعومة من حركة الشعب وشخصيات من الحراك المدني” تأكل انتخابياً من صحن “المستقبل” باعتبار معظم المرشحين عليها هم من رحمه.

كما أن نسبة الاقتراع تتحكم بنتائج الانتخابات في الدائرة الثانية لأنه سيترتب عليها الحاصل الانتخابي الذي يمكن اللائحة أو تلك من خرق لائحة “المستقبل”. لمنعها من السيطرة برلمانياً عليها وصولاً إلى اقتسام زعامتها، ولو بشكل غير متوازن مع الحريري، لأنها تقر بأنه الأقوى انتخابياً.

لكن المشهد الانتخابي في بيروت الأولى اختلف، لأن المنافسة فيها جرت بين أحزاب ومجموعات سياسية اصطفت في الثانية وتوزعت على اللوائح المنافسة للحريري بمن فيهم “القوات اللبنانية” الذي أوعز إلى ناخبيه بالاقتراع بالصوت التفضيلي لأحد المرشحين، الإنجيلي نديم قسطه والأرثوذكسي خليل برمانه المرشحين على لائحة الحريري، ناهيك بأن المعركة في الأولى جرت تحت سقف لمن تكون الزعامة المسيحية في الأشرفية وهل يجدد الناخبون لحزبي “القوات” و “الكتائب” وميشال فرعون في هذه الدائرة أم أن “التيار الوطني” سينجح في التربع على زعامتها بالتحالف مع حزب “الطاشناق” و “المستقبل” وللمرة الأولى من دون حجب الأنظار عن رهان الحراك المدني على إثبات حضوره في الأشرفية.

كما أن احتدام المنافسة بين هذه اللوائح سيؤدي حكماً إلى تقاسم المقاعد التي ستتوزع على القوى الرئيسة في الأشرفية لأنه يصعب على أي لائحة الفوز منفردة بالسباق الانتخابي الذي يشارك فيه الحراك المدني بوجوه ناشطة اجتماعياً وسياسياً.

وفي المقابل، فإن خصوم الحريري في بيروت الثانية يراهنون على قدرتهم في عدم حصر الزعامة به التي آلت إليه منذ اغتيال والده (2005) حتى اليوم مع أن الرئيس الراحل رفيق الحريري نجح في تكريس زعامته للعاصمة بلا منافس في انتخابات عام 2000. وتبقى الكلمة الفصل في صناديق الاقتراع التي وحدها تقرر أحجام القوى السياسية ومن بينها من يتطلع إلى إثبات حضوره لعله يتحول مع الوقت إلى رقم انتخابي يحسب له حسابه في الانتخابات المقبلة في بيروت التي تتمثل بأكبر عدد من المقاعد للطائفة السنية تليها طرابلس. وعليه من سيحصل لسيارته على اللوحة الزرقاء الخاصة بالنواب وعددها 19 لوحة، تعود للنواب الـ19 الذين سيفوزون في الانتخابات في بيروت.

وأدلى الحريري بصوته الانتخابي في ثانوية شكيب أرسلان في بيروت، واستقبله الناخبون بالهتافات المؤيدة وطلب أخذ صور تذكارية معه. وانتظر دوره مع الناخبين للدخول الى قلم الاقتراع قائلاً: “حلو النظام”. ورفض الإدلاء بأي موقف يخالف تعليمات هيئة الإشراف على الانتخابات. وحين خرج من المركز قال “إنه عرس انتخابي للبنان، وقمت بواجبي وصوّتُّ كأي لبناني. وإذا نظرنا الى ما يحصل حولنا، ورأينا أن لبنان يقوم بانتخابات ديموقراطية، نجد أن البلد بألف خير”.

وفي جبل لبنان، فإن الحماوة الانتخابية في جونية التي سبقت يوم الاقتراع ترجمت متأخرة، فحتى الساعة العاشرة لم يكن الكسروانيون خرجوا من منازلهم بكثافة إلى مراكز الاقتراع للتصويت، فبالكاد بلغت نسبة الاقتراع 10 في المئة. وقال المرشح نعمة إفرام: العملية الانتخابية بطيئة وتأخذ وقتاً”.

وأمام مدرسة صربا المتوسطة الرسمية المختلطة مجموعة من الشبان التابعين للماكينات الانتخابية يتحركون في محاولات أخيرة لإقناع المترددين أو لإرشاد المناصرين إلى طريقة الانتخاب. واللافت هذه المرة أن لا لوائح بأيدي هؤلاء ملغومة أو مشفّرة لتسليمها للناخبين الذين ارتاحوا هم أيضاً من أعباء الالتزام بلائحة أو بأخرى تفرضها الماكينات.

ويقول جاد ابن منطقة صربا لـ “الحياة”: “انتخبت شامل روكز لأنّه بالتأكيد سيغيّر حياتنا”. أما ريشار وهيبة الذي اقترع للمرة الأولى فأعطى “فرصة لوجه جديد ولو لم يستطع أن يحقق مطالبي”.

ولم يخل هذا المركز من شوائب، إذ شكت دنيا من “تأخّر في عملية الانتخاب الأمر الذي تسبب بزحمة ناخبين أمام الأقلام”. وعزا منسّق “التيار الوطني الحر” في كسروان جيلبار سلامة نسبة الاقتراع المتدنية إلى بطء أقلام الاقتراع.

وإذا كان كل فريق بدا واثقاً بالفوز فإن الاتهامات بدفع الرشوة لم تغب من هنا أو هناك إذ تحدَّث بعض المرشحين عن عمليات دفع مباشرة أو غير مباشرة.

وأمام ثانوية جورج إفرام في ساحة جونية، يقف بيار مطر وحيداً ويلبس قميص: “كلنا وطني” التي تضم ناشطين من المجتمع المدني وهي اللائحة التي تعاني من صعوبات كبيرة لجهة تمكنها من تأمين الحاصل في دائرة تشهد أشرس المعارك. وقال: “من الصعب أن تخرق لائحتنا لكن علينا أن نسجل موقفاً”. ولم تخل أقلام الاقتراع في قضاء جبيل من شوائب، إذ تحدّث جاد سمعان مدير حملة المرشح زياد حواط لـ “الحياة” عن “ضغوط تمارس على الناخبين”. وفيما أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” بأن إشكالاً وقع في بلدة لاسا أدى إلى إقفال صناديق الاقتراع، أكدت مصادر عسكرية لـ “الحياة” أن “الوضع طبيعي في البلدة ولا إشكالات”.

وسجّل مندوبو “التيار الحر” اعتراضاً على توزيع أكثر من ورقة اقتراع في قلم النساء في حصارات- جبيل. وتحدثت مواقع إخبارية عن أنه في مركز اقتراع بلدة رأس أسطا، اقترع المواطنون تحت لافتات وصور لقتلى “حزب الله”، وصور للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله. ولفت رئيس قلم الاقتراع، إلى أن هذا المشهد مخالف لقانون الانتخاب، لكنهم تواصلوا مع قائمقام جبيل الذي طلب إبقاء الصور خوفاً من أي احتجاج.

وفي المتن، انطلقت العملية الانتخابية في أجواء هادئة، فيما أكد منسق “التيار الحر” في المتن هشام كنج لـ “الحياة” أن نسبة الاقتراع بلغت حتى الرابعة 40 في المئة. وتم إلغاء صوت مدير مكتب المرشح إبراهيم كنعان بسبب تصويره ورقة الاقتراع بعد الانتخاب وفضحه من قبل مندوب “القوات”.

وأكد رئيس مجلس إدارة مؤسّسة “إنتربول” الياس المر خلال الإدلاء بصوته أن “المنافس الأول للرئيس (ميشال) المر في المتن هو الغدر”. أما في دائرة بعبدا فسارت العملية في شكل طبيعي.

وفي دائرة عاليه- الشوف أكد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط بعد الإدلاء بصوته أن “نسبة الاقتراع ممتازة ولا خوف على المختارة والثغرة في القانون الذي فرض علينا.

وعصراً غرد جنبلاط: “في الربع الساعة الأخير المطلوب رفع نسبة التصويت إلى الأقصى والانقضاض والتجمع في مراكز الاقتراع كرفوف الحجال الشامخة الأبية الجميلة من جبالنا، للحفاظ على هويتنا ووجودنا وكرامتنا في مواجهة الطارئين كالغربان السود الذين يحومون على الجيف والنفايات من جماعات السلطة الفعلية والملحقة”.

وسجّل حضور باصات كبيرة تقل ناخبين مجنّسين من سورية إلى بلدة الجاهلية في الشوف للاقتراع للائحة المرشح وئام وهاب. وأفادت محطة “أم تي في” أنه سجّل اعتداء بالعصي على سيارة المرشّحة غادة عيد في عماطور.

البقاع

وبلغت نسبة تصويت الناخبين السنة في زحلة والبقاع الأوسط 35 في المئة حتى الثانية بعد الظهر، وفق ماكينة تيار المستقبل. وتم ضبط 3 أقلام مزودة بكاميرات مع ناخبين في زحلة وفي كفرزبد وبوارج. كما سجلت إشكالات بين ناخبين وبين ناخبين وقوى الأمن الداخلي بسبب البطء في سير عملية الاقتراع.

وفي البقاع الغربي وراشيا، وصلت نسبة تصويت الناخبين السنة الى نسبة 50 في المئة وفق ماكينة “المستقبل”، في حين أن نسبة الناخبين من الطوائف الأخرى كانت متدنية.

ولم تسجل أي إشكالات أو احتكاكات بين الناخبين أو المندوبين انما أجمع الناخبون على الشكوى من بطء عملية الانتخاب.

وفي بعلبك – الهرمل، قدرت الماكينة الانتخابية لمرشح “القوات” أنطوان حبشي نسبة المقترعين حتى الثانية والنصف بعد الظهر بـ32 في المئة، وقال ميشال فرحا إن هناك بطئاً شديداً في عملية الاقتراع وضبطنا تجاوزات منها خفض مستوى العازل في بلدة طليا وقدمنا شكوى بذلك. وتراوحت نسبة المقترعين السنّة حتى الثانية بعد الظهر ما بين 20 و25 في المئة. وتحدث محمود صلح وهو منسق عام بعلبك في التيار ان هناك ضغطاً كبيراً على أقلام الاقتراع والانتخاب يجري ببطء شديد.

وتحدث رئيس لائحة “الكرامة والإنماء” المنافسة للائحة التحالف الشيعي الثنائي يحيى شمص عن “مخالفات، فهناك من أغلق طرق بالسيارات لمنع وصول الناخبين الى مراكز الاقتراع، وجرت مسيرات جوالة لـ”حزب الله” في محيط المراكز لترهيب الناخبين”. وقال انه “قدم شكوى بالمخالفات”.

الشمال

ولم تصل نسبة المقترعين في طرابلس ومحيطها ظهراً الى نسبة 20 في المئة، وهي نسبة متوقعة كما قال عضو المكتب السياسي لـ “تيار المستقبل” مصطفى علوش. وقال: “للأسف الناس تنتظر حتى ساعة متأخرة ربما حصل فيها دفع أموال”. وتتنافس في هذه الدائرة 8 لوائح انتخابية بما يشبه كسر العظم. ولم يستغرب الوزير السابق أشرف ريفي الذي يرأس لائحة معارضة عدم إقبال الطرابلسيين على الانتخاب باكراً بعكس أهل القرى.

وتحدث الوزير السابق فيصل كرامي الذي يرأس لائحة منافسة عن “شوائب كثيرة، ومنها ان هيئة الإشراف على الانتخابات غائبة والداخلية منحازة”.

وشهدت بلدة فنيدق في عكار إقبالاً كبيراً على الاقتراع. ووصلت نسبة الاقتراع في عكار بعد الظهر الى 29 في المئة. وسجل مراقبو “الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات” في عكار حصول “إشكالات” تتعلق بصعوبات تربك رؤساء الأقلام لجهة عدم دراية الذين لا يحسنون القراءة والكتابة بطريقة الاقتراع الجديدة. وجرى إغلاق مركز اقتراع في بلدة ببنين لبعض الوقت بعد إشكال وقع بين مؤيدين لمرشحين عدة.

وفي منطقة البترون، وصلت نسبة الاقتراع وفق ماكينة “القوات” الى 40 في المئة. وقال زياد سركيس مدير حملة المرشح فادي سعد انه تم تسجيل اعتراضات على استخدام كاميرات الهاتف لتصوير اللوائح المقترعة وحصل الأمر في تنورين”.

وبلغت نسبة الاقتراع في زغرتا حتى الثالثة بعد الظهر 30 في المئة وتحدث قزحيا نفاع مدير الحملة الانتخابية للمرشح القواتي ماريو بعيني عن “إشكال كبير في منطقة مرياطا – زغرتا من قبل مناصري الوزير بيار رفول مع مندوبة المرشح الكتائبي ميشال الدويهي جيسيكا دويهي، على اثر إدخال ناخبة من دون هوية من قبل مناصري رفول والسماح لها بالاقتراع على رغم اعتراض رئيس القلم، وتعرّضت دويهي للضرب من قبل مناصري رفول”. وبلغت نسبة الاقتراع في الكورة بعيد الظهر 31 في المئة.

الجنوب

وخاضت دائرة صيدا – جزين واحدة من أشرس المنازلات، واشتعل التنافس فيها بين أربع لوائح في استماتة للفوز بمقاعدها الخمس. والداخل إلى عاصمة الجنوب تلفته صور المرشحين التي تستوطن الأعمدة والجدران، والجسور والشجر. لكن مشهد المدينة باكراً لم يشِ بأن هذا يوم انتخاب، فحركة الناس كانت خفيفة، والإقبال على صناديق الاقتراع بدا خجولاً، وسرعان ما انقلب مع تقدم الوقت، مع تقاطر الناخبين من مختلف الفئات العمرية إليها والتصويت بكثافة حيناً وببطء أحياناً أخرى.

المواجهة في صيدا اكتسبت بعداً سياسياً بارزاً، حوَل المبارزة بين اللوائح التي شكلت فسيفساء انتخابية وتحالفات وتناقضات “أم المعارك”. فالانتخابات في هذه المدينة التي خاضت القوى المتخاصمة فيها سياسياً، معركة “كسر عظم”، تكمن وفق مصادر صيداوية لـ “الحياة” في “كونها تدور حول المقعدين السنيين اللذين يشغلهما حالياً الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، للفوز بأحدهما وتحديد أحجام هذه القوى، ورسم هوية المدينة السياسية”.

وفيما كان صعباً التكهن بنتائج الانتخابات التي أعدت لها كل أدوات المعركة، ولامست نسبة الاقتراع فيها حتى الواحدة الـ30 في المئة، فإن وقائع الميدان وطبيعة التحالفات في هذه اللوائح التي تحظى بقاعدة شعبية واسعة، تعزز احتمالات الخرق. لكن المشهد في صيدا أمس لم يختلف كثيراً عن غيره من الدوائر تقنياً. فالشوائب والأخطاء طبعت الانتخابات في العديد من أقلام الاقتراع، وعلى رغم التهافت الذي شكل زحمة لوجستية أمامها، فإن الأجواء بدت حماسية حيناً، وحزينة أحياناً أخرى. مروان حجازي الذي بدا منشرحاً لوجود اسمه على لوائح الشطب التي ألصقت على حائط المركز قال لـ “الحياة”: “هي المرة الأولى التي سأنتخب فيها، والفرصة الوحيدة للتعبير عن رأينا”. إلا أن وليد ناجيا الذي بدا حزيناً، عاد إلى لبنان ليقترع لكن صوته بقي مغترباً، ولم تشفع له هويته ولا جواز السفر بالتصويت. “اسمي لم يرد على القائمة بداعي إني مسجل في الرياض”، يقول ناجيا، لـ “الحياة”. ويضيف: “لدى اقتراع المغتربين في الخارج توجهت للإدلاء بصوتي في العاصمة السعودية، فكانت المفاجأة أن اسمي أدرج على لوائح الشطب في مدينة جدة. إلى أن علمت أن بامكاني التصويت في لبنان. لكن وبعد معاناة ، يتابع: “حصلت على تذكرة سفر لأن الطائرات “مفولة”، ووصلت مساء أمس الى بيروت، ومنها إلى صيدا، لكن الصدمة كانت أكبر حين لم أعثر على أثر لإسمي. فانطبق عليَ المثل الشعبي “لا بالشام عيَدنا… ولا بدمَر لحقنا العيد”. وفيما كانت تجري الانتخابات صباحا بهدوء، عكرها إشكال حصل بعد الظهر على خلفية مرور مناصر لأحد الأحزاب وهو يبث أناشيد وشعارات، ما استفز أنصار الحزب الآخر فحصل تلاسن تطور إلى تضارب بالأيدي بين الطرفين، فتدخلت قوة من الجيش وأوقفت الفلسطيني أحمد ناصر أحمد، أثناء تجوله بسيارة “مرسيدس” ترفع علم “التنظيم الشعبي الناصري” وتبث تسجيلاً صوتياً مسيئاً للرئيس السنيورة.

أما في قضاء جزين التي احتدمت فيها الانتخابات وسجلت نسبة عالية من التصويت، فشهدت إشكالاً محدوداً داخل أحد الأقلام بين مناصري “التيار الوطني” وأنصار المرشح إبراهيم عازار، عملت القوى الأمنية على حله سريعاً.

وفي دائرة الجنوب الثانية التي تضم قضاءي الزهراني – صور، التي تصدر لائحتها الأولى الرئيس نبيه بري الذي أدلى بصوته وسط التصفيق والزغاريد ونثر الورد، جرت عملية الانتخاب فيها في أجواء هادئة، فيما تفاوتت نسبة الاقتراع فيها بين وقت وآخر. أما في دائرة الجنوب الثالثة التي جمعت بنت جبيل، النبطية، ومرجعيون حاصبيا فسارت العملية الانتخابية بشكل هادىء، مع ارتفاع تدريجي في إقبال الناخبين، حيث شهدت الكثير من المراكز ازدحاماً لافتاً، ما رفع نسبة الاقتراع في هذه الأقضية بعد الظهر إلى أكثر من 43 في المئة.