لم يكَد يمُرّ يوم واحد على الانتخابات النيابية، حتى تحوّلت شوارع العاصمة بيروت إلى مسرح للفوضى المتنقلة. أقفلت صناديق الاقتراع وفُتحت الشوارع أمام المتفلّتين و”الزعران”. الخطاب التحريضي الذي سبق “العرس الديمقراطي” أثمر تحركات غير منضبطة في عدد من أحياء العاصمة. بدءاً من بعد ظهر أمس، حتى ساعة متأخرة ليلاً، لم يتوقف شريط الاستفزازات المتنقلة من شارع إلى آخر. مواكب لسيارات أو دراجات نارية، سرعان ما تحولت إلى اشتباكات استخدمت خلالها العصي والحجارة وإطلاق نار متقطع في الهواء. استدعى هذا الأمر استنفاراً سياسياً وأمنياً وانتشاراً للجيش اللبناني بكثافة في مختلف المناطق التي حصلت فيها إشكالات، من الطريق الجديدة وساحة أبو شاكر إلى رأس النبع وعائشة بكار وكورنيش المزرعة وبشارة الخوري والمصيطبة وحي اللجا وزقاق البلاط، فضلاً عن بعض المناطق التي تؤدي إلى مدخل العاصمة الجنوبي.
وعلى الفور سارعت القيادات السياسية إلى الدعوة لضبط الانفلات، فحمّل تيار المستقبل المسؤولية للقيادات المعنية، ودعاها الى “وقف المسيرات المذهبية في بيروت”. أما رئيس مجلس النواب نبيه برّي فقد استنكر ”الممارسات المسيئة التي أساء فيها بعض الموتورين لحركة أمل وحزب الله”، معتبراً أن “كرامة بيروت وأهلها من كرامتنا”، وأجرى لهذه الغاية اتصالات رفيعة المستوى من أجل ضبط الشارع ووقف المظاهر الاحتفالية، فيما أصدر وزير الداخلية نهاد المشنوق قراراً يمنع سير الدراجات النارية في نطاق بيروت الإدارية لمدة ثلاثة أيام.
وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن اتصالاً جرى بين برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري لتهدئة الأوضاع، وأن الاخير وقيادة حزب الله تواصلا مع الأجهزة الأمنية وطلبا اليها اتخاذ الإجراءات بحق المتفلتين لأي جهة انتموا. وقد رافق أعمال الشغب الكثير من الشائعات التي تحدثت عن وقوع قتيل في منطقة عائشة بكّار، تبيّن أن لا أساس لها من الصحة. كذلك انتشرت أفلام عبر وسائل التواصل لمسلحين في أحياء من العاصمة، تبين أن معظمها من تواريخ سابقة. وقد صدر عن قيادة الجيش بيان حذر المواطنين من إطلاق النار والقيام بأي أعمال مخلّة بالأمن.