IMLebanon

“سلاسة” في عملية تأليف الحكومة؟

اعتبرت مصادر سياسية في حديث لصحيفة “اللواء” ان السلاسة التي طبعت جلسة انتخاب رئيس لمجلس 2018 ونائبه وهيئة مكتبه، يُمكن ان تنسحب ايضا على عملية تأليف الحكومة، بدءا من الاستشارات النيابية الملزمة، التي تقرر ان تجري اليوم وبسرعة، خلافا لكل التوقعات بأن تتأخر إلى الأسبوع المقبل، وصولا إلى عملية التأليف نفسها، على الرغم من العقبات والعراقيل الظاهرة والخفية.

وبرز هذا التوجه، من خلال الدعوة الصريحة التي وجهها الرئيس ميشال عون إلى جميع اللبنانيين، في الإفطار الرئاسي الذي أقامه غروب أمس، من أجل تسهيل تأليف الحكومة الجديدة، التي قال انها يجب ان تكون حكومة وحدة وطنية، طالما ان معايير التأليف معروفة، وذلك من أجل مواجهة الوضع الإقليمي الضاغط وتداعيات الأزمة الاقتصادية التي يواجهها البلد، وفي الأساس عودة النازحين دون انتظار الحل في سوريا، وللبدء بمعركة مكافحة الفساد.

وبحسب مصادر سياسية وصفت بالوازنة، فإن الحدث الذي اتسم أمس، على المشهد السياسي، ليس في إعادة انتخاب الرئيس نبيه برّي مجددا لرئاسة المجلس النيابي لولاية سادسة له على التوالي منذ العام 1992، وعودة النائب ايلي الفرزلي إلى موقعه السابق في نيابة رئاسة المجلس، منذ ما قبل العام 2005، والذي اعتبره الفرزلي نفسه، بأنه «تصويب لخطأ تاريخي»، بل في عودة تدفق الدم إلى شريان التسوية الرئاسية التي جاءت بالرئيس عون إلى قصر بعبدا، وبالرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، بالتالي فإنه يُمكن تعميم سلاسة المشهد الانتخابي في مجلس النواب على عملية تشكيل الحكومة العتيدة، بعد إعادة تكليف الحريري بهذه المهمة حصرا.

وعلى ما تقول مصادر متابعة قريبة من «حزب الله» فإن لقاءات مكثفة واتفاقات مسبقة عقدت على أكثر من مستوى لترتيب وضعية المجلس الجديد، والاتفاق على حكومة العهد الأولى، والتي يُمكن تلخيصها بالآتي:

أولاً: الاتفاق على تشكيل حكومة جامعة وموسعة من ثلاثين وزيرا، تضم وجوها جديدة تدخل الوزارة للمرة الأولى، قد تكون من داخل المجلس أو من خارجه تبعا للاتفاق على مسألة فصل الوزارة عن النيابة، علما ان «التيار الوطني الحر» لا يبدو انه يميل إلى هذا الفصل لاعتبارات شخصية لديه، خلافا لتوجّه تيّار «المستقبل» ومعه «القوات اللبنانية» و«حزب الله».

ثانيا: بالنسبة للوزارات الاساسية، بقاء وزارتي الدفاع والخارجية من حصة التيار الحر، واعطاء الثنائي الشيعي وزارة الطاقة  او العدل الى جانب وزارة المالية، في حين ان وزارتي الداخلية والاتصالات تبقيان لتيار «المستقبل».

ثالثا: تمثيل السنة غير المحسوبين على المستقبل بالنائب فيصل كرامي،  في حين ان تمثيل «المردة» سيكون بحقيبة وازنة، وفي المقابل تمثيل «القوات اللبنانية» بحقيبتين مثلها مثل اللقاء الديمقراطي. علماً ان «القوات» تطالب بأربع حقائب، وان تكون احداها «سيادية» تبعا لحجمها النيابي الجديد (15 نائباً) في حين ان «اللقاء الديموقراطي» اشترط بأن يمثل لوحده الحقائب الدرزية، لقطع الطريق على إعطاء النائب طلال أرسلان حقيبة، بعد ان تم ترتيب كتلة نيابية له تضمه مع اثنين موارنة من «التيار الوطني الحر».

رابعا: الابقاء على البيان الوزاري في صيغته الحالية بالنسبة لثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» ولكن مع توسيع الصيغة لتلحظ التزام لبنان الرسمي بحماية كل مكوناته وتحديدا لجهة التاكيد على عدم امكانية الفصل بين حزب الله السياسي او المقاوم، واضافة فقرات جديدة تتعلق بالتزام الدولة اللبنانية رسميا باعادة النازحين السوريين عبر فتح قنوات مباشرة مع سوريا، والتأكيد على التزام الحكومة جديا بتسليح الجيش اللبناني.

خامسا: اتفاق كل الافرقاء على اعادة احياء طاولة الحوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وتقديم تصور كامل حول كيفية تسليح الجيش لمواجهة العدو الاسرائيلي.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة ان الأجواء السياسية التي أحاطت بالمشهد السياسي اللبناني، سواء بعيد انتخاب الرئيس برّي أو قبل وخلال وبعد الإفطار الرئاسي في بعبدا، وتُشير إلى ان ملف تشكيل الحكومة سيكون مسهلا، وان لا عراقيل سياسية، بما في ذلك مسألة العقوبات الأميركية والخليجية، وان مُـدّة التأليف قد لا تطول، وحددت مهلة لذلك لا تتجاوز الشهرين، وفق التوقعات.

وأشارت المصادر إلى ان اللقاء الذي جمع الرئيس عون بالرئيس برّي، خلال زيارته البروتوكولية لبعبدا، بعيد انتخابه، ثم اللقاء الرئاسي الثلاثي بين عون وبري والحريري قبل الإفطار، اتسم بالايجابية، وانعكس خروجهم سوية إلى قاعة الإفطار، مؤكدة بأن هناك رغبة لدى الجميع في الاسراع بتأليف الحكومة، خصوصا وان ما من مصلحة لأي أحد بالعرقلة، على حدّ قول المصادر التي توقعت ان يكون شكل الحكومة الجديدة، التي يرأسها الرئيس الحريري بعد تسميته اليوم من غالبية النواب فضفاضاً وقريباً من شكل الحكومة الحالية.

وتوقعت المصادر ايضا ان يباشر الرئيس المكلف  مشاوراته النيابية، بعد غد السبت، على ان تكون محصورة بيوم واحد، على ان ينصرف بعد ذلك إلى مشاورات أخرى بعيداً من الاضواء.

وعلم ان سبب حصر مواعيد الاستشارات النيابية في قصر بعبدا اليوم بيوم واحد من العاشرة صباحا وإلى الخامسة عصرا، يعود إلى انضمام معظم النواب في كتل نيابية كبيرة، في حين ان عدد النواب المستقلين قليل (8 نواب).

و توقعت المصادر السياسية ان تنتهي استشارات التكليف اليوم إلى تسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، بأكثرية تلامس المائة صوت، أو نفس الأصوات التي نالها الرئيس برّي (98 صوتا)، وهي مجموعة أصوات كتلة «المستقبل» (20 نائباً) «تكتل لبنان القوي» مع كتلة نواب الأرمن وكتلة ضمانة الجبل ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض (29 نائباً) وكتلة

«اللقاء الديمقراطي» (9 نواب) وكتلة «الوسط المستقل» (4 نواب) وكتلة «الجمهورية القوية» (15 نائباً) وكتلة «التنمية والتحرير» (17 نائباً)، فيما لم يعرف ما إذا كانت كتلة «الوفاء للمقاومة» (13 نائباً) وكتلة الحزب «القومي» (3 نواب) و«التكتل الوطني» (7 نواب) وكتلة حزب الكتائب (3 نواب) مع  النواب المستقلين سيسمون الرئيس الحريري أو شخصية أخرى أو أن يتركوا الحرية لرئيس الجمهورية، الا ان نائب جمعية المشاريع الاسلامية (الأحباش) عدنان طرابلسي أعلن تأييده للرئيس الحريري بعد زيارته أمس في «بيت الوسط» مع وفد من الجمعية، والأمر نفسه يسري على النائبين ميشال المرّ وفؤاد المخزومي.

وكا لافتا للانتباه على هذا الصعيد، إعلان كتلة الرئيس نجيب ميقاتي (4 نواب) بعد اجتماعها أمس قرارها بتسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، آملة ان يُشكّل هذا الموقف «بداية العمل على فتح صفحة جديدة من التعاون بين كل التكتلات السياسية لبدء مرحلة النهوض الفعلي، لكنها لفتت إلى ان يكون لطرابلس والشمال حصة وازنة في الحكومة الجديدة.

وتوقعت بعض المصادر ان ينسحب هذا الموقف على كتلة «التكتل الوطني» التي تضم نواب الشمال وكسروان – جبيل (7 نواب)، بما يرفع أصوات الحريري إلى حدود المائة. هو ما أكده ليلا النائب الفرزلي عندما قال مغرداً عبر «تويتر»: «بأن الأمور ذاهبة نحو اختيار الرئيس الحريري»، آملا ان لا يواجه تعقيدات في التأليف لأن المرحلة دقيقة وتستدعي وعياً سياسياً ووطنياً.