IMLebanon

“حزب الله” يحاول التنصل من دعمه للـ”بوليساريو”

كتب محمد بن امحمد العلوي في صحيفة “العرب” اللندنية”:

سعى حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني إلى التنصل والتغطية على أحداث ووقائع تورط فيها التنظيم، من خلال نفيه وجود أي صلة تربط حزب الله بجبهة البوليساريو الانفصالية.

وقال نصرالله، في كلمة بثها تلفزيون تابع لحزب الله الجمعة بمناسبة احتفاله بـ”عيد المقاومة والتحرير”، إن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة توجه إلى إيران وقدم ملفا إلى وزير خارجيتها حول البوليساريو، “لكنه لم يقدم في الحقيقة ولو دليلا واحدا على وجود علاقة بين حزب الله والبوليساريو”.

ولفت أمين عام حزب الله إلى أن موقفه من القضية ينبني على الحياد، معتبرا أن الملف الذي قُدم بخصوص علاقة التنظيم مع الجبهة الانفصالية “فارغ” وأن الاتهامات المغربية تأتي في سياق إقليمي للضغط على المحور الإيراني السوري.

وقال نصرالله إن بوريطة حينما توجه إلى العاصمة طهران، قبل قطع العلاقات معها، لم يقدم إلا أسماء لشخصيات يفترض أنها قدمت الدعم للبوليساريو ولم يقدم بشأنها أي تسجيلات أو صور أو غيرها من الحجج، وزعم أن إسرائيل هي من قدمت هذه الأسماء.

وجاء ظهور نصرالله بعد يومين من تقديم وزير الخارجية المغربي الأدلة التي تشير إلى عقد لقاءات بين قادة حزب الله، حليف إيران، وقادة من البوليساريو بمشاركة مسؤولين داخل الجماعة إذ تناولت اللقاءات العلاقات الخارجية والتدريبات العسكرية والدعم اللوجستي.

وأكد بوريطة أن حزب الله لم يستسغ اعتقال رجل الأعمال اللبناني قاسم محمد تاج الدين في 12 اذار 2017 بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، والذي يعتبر أحد الأرقام المهمة في الشبكة التمويلية لهذا التنظيم انطلاقا من أفريقيا.

ويعد تاج الدين العنصر الأهم الذي غير طبيعة العلاقة بين البوليساريو وحزب الله. وتم اعتقاله بناء على مذكرة توقيف دولية إذ تطالب الولايات المتحدة بتسليمه بتهمة تبييض الأموال والانتماء إلى حزب الله الذي تصنفه واشنطن ضمن “المنظمات الإرهابية”.

وحذر بوريطة من نشاط إيران في شمال أفريقيا، مؤكدا أن هذا البلد يسعى إلى الحصول على موطئ قدم باستهدافه الصراعات الإقليمية والعمل على إذكائها إلى أن تخرج عن نطاق السيطرة. وأوضح أن “قرار المغرب بقطع علاقاته مع إيران كان قائما على تقييماتنا الخاصة ومعلوماتنا وعلى اعتبارات مرتبطة بالأمن القومي ولم يكن بسبب ضغوط خارجية”.

ويقول صبري الحو الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، لـ”العرب”، إن التحذير المغربي مؤيد بحجتين الأولى من خلال التقرير الأوروبي حول رصد كيفية التزويد السري للتنظيمات الإرهابية في أوروبا بالأسلحة النارية.

وورد في التقرير معطيات تشير إلى علاقة البوليساريو بجماعات إرهابية ناشطة في شمال أفريقيا إلى جانب تمويله بالأسلحة من طرف الجزائر وليبيا، فيما أشار التقرير إلى تمويل الجبهة الانفصالية من قبل حزب الله دون أن يذكرها بالاسم واكتفى بالقول “جهة أخرى من الشرق الأوسط”.

أما الدليل الثاني، حسب  الحو، فيتمثل في الشروط الأميركية على إيران كي تتفادى العقوبات الدولية ومن بينها الامتناع عن دعم التنظيمات الإرهابية وعدم تهديد أمن واستقرار الدول، وهي نفس حجج المغرب في قطع علاقاته مع إيران. وتقوي شروط الولايات المتحدة حجج الرباط وتدعم مصداقية موقفها وقرارها بشأن إيران.

ويرجح الحو أن تكون دواعي نفي حسن نصرالله لعلاقة حزب الله بإيران تتعلق بمحاولة تخفيف وطأة القرار الأميركي على إيران.

ويرى أن تفاعل واشنطن مع القرار المغربي بقطع العلاقات مع إيران، وانسجام مواقفهما بشأن تهديدات إيران لأمن واستقرار الدول ودعم التنظيمات الإرهابية، أجبر حزب الله على نفي هذه العلاقة دون أن يجرأ على استعمال لغة التهديد والتحدي التي اعتاد على استعمالها لأنه يحس بانهزام نفسي داخلي بالنظر لصحة الوقائع.

وكانت وزارة الخارجية المغربية قد أعلنت، بداية الشهر الحالي، قطع العلاقات بين الرباط وطهران متهمة هذه الأخيرة بالتورط رفقة حزب الله اللبناني في دعم وتدريب عناصر من الجبهة الانفصالية. ولفت محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية بمراكش، لـ”العرب”، أن تنمر طهران واستغلال ذراعها حزب الله لاختراق البوليساريو محاولة منها للضغط على المغرب.

ويقول الزهراوي إن أسباب تصرف إيران ترجع إلى عودة المملكة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي بما يمكنها من كسب أنصار جدد حتى من المحسوبين على المحاور المعادية.

ووقعت الرباط شراكات واتفاقات اقتصادية وتجارية غيرت خارطة التوازنات في القارة، بحيث صارت المملكة قوة إقليمية صاعدة تلعب أدورا جديدة تنافس القوى المتواجدة ومنها إيران.

وأفاد الزهراوي بأن الجزائر تعتبر بوابة إيران في أفريقيا أو “وكيلا معتمدا” لخدمة المشروع الصفوي، موضحا “فمقابل الحصول على الدعم الفارسي لإحداث نوع من التوازن مع التحالف المغربي- السعودي- الإماراتي، قدمت الجارة الشرقية كل التسهيلات وكافة أشكال الدعم لإيران لمساعدتها على نشر وتمدد المذهب الشيعي في شمال وغرب وشرق أفريقيا”.

وأضاف مقابل صفقات التسلح ووعود إيرانية بنقل التكنولوجيا النووية، فتحت الجزائر الباب على مصراعيه إقليميا وقاريا للمشروع الصفوي التوسعي.

وقال بوريطة إن “البوليساريو شكلت فرصة أراد النظام الإيراني استغلالها”. وأكد الحو أن المغرب وقوى عالمية أخرى كشفت سعي إيران لزعزعة استقرار سوريا ولبنان والعراق واليمن عبر أذرعها في المنطقة العربية، إلى جانب محاولة إيجاد موطن قدم لها في شمال أفريقيا عبر البوليساريو.