IMLebanon

نازحون سوريون في لبنان لم يسمعوا بالمرسوم 10!

كتبت أماندا برادعي في صحيفة “الحياة”:

فاجأ السوري محمد المقيم في حي النبعة بمرسوم قانون الملكية الجديد رقم 10 الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد في 2 نيسان  2018 والذي يمكّن الحكومة من إنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سورية. ويعطي مهلة 30 يوماً لأصحاب الأملاك لإثبات ملكيّتهم من تاريخ نشر الوحدة الإدارية إعلانات التصريح للمنطقة التي سيعاد تنظيمها. إذ لم يكن أحد سمع به على رغم مرور شهرين على صدوره.

ومحمد ليس الوحيد الذي لم يسمع بمرسوم الأسد. كثيرون لجأوا إلى حي النبعة في الضاحية الشمالية الشرقية لبيروت لم يسمعوا به. إلا أن اللافت أكثر هو أن كثيرين منهم لا يريدون فعلاً العودة إلى سورية ولكل أسبابه.

عندما تسير في شارع النبعة أحد أكثر الأحياء اكتظاظاً بالنازحين السوريين لا تكاد تسمع إلا اللهجة السورية، الكل يعرف الكل، تسأل أحدهم عن فلان من حلب يدلك على منزله وعن آخر من حمص كذلك الأمر. هم مقيمون في أبنية متلاصقة ويعملون في دكاكين في الأحياء نفسها.

إبراهيم لن يرجع إلى سورية ولا يعنيه القانون أصلاً، «لدي أملاك لكن هناك لا عمل ولا استقرار لماذا نعود؟ هنا نعمل ولدينا منزل وبراد وميكرويف وتلفزيون… وابني يعمل في شركة مياه كبيرة ويصرف علينا».

ويبدو إبراهيم من حلب رافضاً للفكرة من أساسها لأنه يعتقد أن بعودته سيتم تجنيد أبنائه في الجيش «فبلاهم وبلا هالبيت ليأخذوه».

أسباب أخرى تمنع النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم، فحسن من الحيدرية في حلب يخاف من دعوته إلى الخدمة الاحتياطية التي ربما تطول بعدما خدم عسكريته لسنة و6 أشهر وهو يعيش وزوجته وبناته في النبعة منذ 5 سنوات. ويقول: «إذا عدت يعني أنني عدت إلى الصفر سأذهب إلى الجيش ولن أعود». ويقول عمه إبراهيم الذي يملك 3 منازل في حلب: «إقامتي لا تسمح لي بأن أذهب وأعود إلى لبنان، فإذا خرجت من الحدود لن أعود، وهناك لا عمل لي؟ مصلحتي أن أبقى هنا، وأصلاً عندما تركنا منزلنا تركنا أوراقنا في داخله لأننا لم نكن نعرف أننا لن نعود، وحين انتقلت إليه بعدما هربنا رأيته فارغاً ولم أجد أوراقي». يضيف: «الحمد لله لا مشكلة لدينا مع النظام السوري يمكننا أن ندخل سورية ونعود لكن لا إمكانية لدينا». ويطالب بـ «تمديد المهلة لأصحاب العقارات والأراضي لتسوية أوضاعهم فتجديد إقامتي في لبنان مثلاً يتطلّب 3 أشهر».

ويفرض القانون متطلبات كثيرة وصعبة جداً في بعض الحالات على أصحاب العقارات أو المستأجرين، ليكونوا مؤهلين للبقاء في عقاراتهم أو الحصول على التعويض عندما يكون عليهم الانتقال من أجل إعادة الإعمار. و «سيكون النازحون، لا سيما الفارون من مناطق تعتبر معادية للحكومة، أكثر عرضة لمصادرة عقاراتهم بموجب القانون رقم 10»، وفق منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تشير إلى أن «العديد من سجلات الأراضي السورية خلال النزاع تم تدميرها، و50 في المئة فقط من الأراضي كانت مسجلة رسمياً حتى قبل الحرب». يقول حسام من درعا: «من أين آتي بسجلات منزلي؟». ويطالب بـ «إصدار قانون يمنع أي أحد من «تشليح» العابرين أغراضهم التي يقلونها معهم إلى سورية، هذا إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل».

وتروي سهام من حي بعيدين شمال شرقي حلب أن «الدولة السورية أجبرت المواطنين على إخلاء منازلهم لأنها ستبني مكانها مشاريع للإيجار وأعطوا وعوداً بأن المالكين سيملكون لاحقاً أسهماً فيها».

تستغرب مايا من قلعة الحصن في حمص مضمون بنود هذا القانون وتقول: «نزح أكثر من 11 مليون سوري ولن يتمكن نازحون كُثر من العودة إلى عقاراتهم لتقديم المطالبة بأنفسهم. في الوقت نفسه، ستكون مدة 30 يوماً المحددة لتوكيل قريب أو وكيل قانوني لتقديم المطالبة بالنيابة فترة قصيرة لكثيرين». وعن وضعها تشرح أن زوجها لم يكن أصلاً سجّل الأراضي الموروثة، فهل هذا يعني أنه يستحيل بعد الآن الاعتراف بها في الدولة؟ يعني «راحت؟ يعني من ليس لديه إثباتات بتروح عليه؟».

وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أصدرت دليلاً الثلثاء الماضي يتضمن أسئلة وأجوبة حول القانون، معتبرة أنه «يثير المخاوف في شأن حقوق اللاجئين العائدين وسيكون من المستحيل على الآلاف الذين اختفوا قسرا أثناء النزاع المطالبة بممتلكات المفقودين. هؤلاء الأشخاص لن يتمكنوا من تقديم طلبات إثبات الملكية بأنفسهم أو تعيين وكيل معترف به قانوناً». ولفتت إلى أن «أقاربهم، في عديد من الحالات، لن يستطيعوا أن يظهروا لماذا لا يستطيع المالكون تقديم الطلب بأنفسهم. إضافة إلى ذلك، فإن أقارب الأشخاص رهن الاحتجاز

قد لا يمتلكون المستندات اللازمة لإثبات وفاة الشخص، وبما أن العقار لا يزال مملوكاً للشخص المفقود، فلن يستطيعوا تقديم طلب لإثبات الملكية». وأشارت إلى أن «70 في المئة من اللاجئين يفتقر إلى وثائق التعريف الأساسية بحسب «المجلس النرويجي للاجئين». وهذه الوثائق ضرورية لتقديم طلب إثبات ملكية ولتعيين وكيل معترف به قانوناً».

وذكرت أن «السلطات السورية استخدمت سابقاً التنظيم العمراني لإجراء عمليات هدم واسعة النطاق وإخلاء المباني والاستيلاء على الممتلكات وتهجير السكان. ففي دمشق وحماة، بين تموز 2012 وتشرين الثاني  2013، وثّقت هيومن رايتس ووتش 7 عمليات هدم وإجلاء واسعتي النطاق نفذتها الحكومة السورية تحت ستار التنظيم العمراني. وانتهكت عمليات الهدم والإخلاء قوانين الحرب، كونها لم تخدم أي غرض عسكري ضروري وبدا أنها تهدف إلى معاقبة المدنيين، أو تتسبب بأذى غير متناسب للمدنيين».

وأشارت إلى أن «الحكومة السورية استخدمت المرسوم 66 لسنة 2012 للاستيلاء على الممتلكات وتهجير قاطنيها». واعتبرت أن «المرسوم يهدف رسمياً إلى إعادة إعمار مناطق السكن العشوائي والمخالفات العشوائية» في منطقتين في محافظة دمشق».