IMLebanon

عون رفض… والحريري أصرّ على تصوره لحجم تمثيل “القوات” و”الاشتراكي”

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

عاد تأليف الحكومة الجديدة إلى دائرة التعقيدات بسبب بقاء العقد المعروفة السابقة، بعد اجتماع الرئيس المكلف تأليفها سعد الحريري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على رغم أجواء التفاؤل التي حرص الأول على إشاعتها من باب اقتناعه بأن لا بد من تذليل العقبات التي تعترض التأليف.

وعلمت «الحياة» من مصدر لصيق بالاتصالات الجارية من أجل الحكومة الثلاثينية، أن عقدتي حجم حزب «القوات اللبنانية» الوزاري في التشكيلة العتيدة وحصر تمثيل الوزراء الدروز الثلاثة بمن يسميهم «الحزب التقدمي الاشتراكي» ما زالتا موضوع خلاف بين الرئيسين، إذ أن عون رفض التصور الذي قدمه الحريري مجددا بالنسبة إلى هاتين العقدتين والذي يتضمن تولي «تكتل الجمهورية القوية» أي نواب «القوات» 5 وزارات من ضمنها حقيبة سيادية، أو توليها 5 وزارات من ضمنها نائب رئيس الحكومة إضافة إلى الحقيبة السيادية. وكانت معلومات «الحياة» أشارت أول من أمس إلى أن «القوات» أبدت استعدادا للتخلي عن مقعد نائب رئيس الحكومة الذي طالب الرئيس بأن يكون من حصته، على أن تحصل على 5 حقائب من ضمنها حقيبة سيادية. وكرر المصدر المعلومات القائلة إن عون أبلغ الحريري أن حجم «القوات» يقتضي تمثيلها ب 3 وزراء، ردا على التصور الذي قدمه الحريري. وذكر المصدر أنه حين أبلغه الحريري الحجة القائلة بأن حجم كتلة «القوات» النيابية (15 نائبا) والأصوات التي حصدتها، تسمح بتمثيلها بالحصة التي تطالب بها، رد عون أن الرئيس نبيه بري يترأس كتلة من 17 نائبا ومع ذلك سيحصل على 3 وزراء. ونقل المصدر عن عون قوله إن «التيار» يحصل على 6 وزراء من 30 وزيرا وهم (القوات) يحصلون على 3 من 15 وزيرا مسيحيا.

بين الثنائي الشيعي والثنائي المسيحي

وأوضح مصدر لصيق بمفاوضات التأليف ل»الحياة» أن «القوات» تستند في مطالبتها بهذا العدد من الحقائب إلى الاتفاق المكتوب الذي رافق إعلان تفاهم معراب (مقر قيادة القوات) بين عون ورئيسها سمير جعجع في 18 كانون الثاني (يناير) 2015 على دعم الأخير لترشيح الأول لرئاسة الجمهورية. وهو اتفاق موقع منهما وبقي طي الكتمان على هامش إعلان ورقة التفاهم السياسية التي أذيعت في ذلك الحين. وأضاف المصدر: «هذا الاتفاق أنجزه عون وجعجع ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل وكان النائب ابراهيم كنعان والوزير الحالي ملحم رياشي شاهدين عليه. وهو ينص على التزام التساوي في الحقائب الوزارية بين الحزبين طوال مدة ولاية عون في رئاسة الجمهورية، تماما كما يحصل بين الثنائي الشيعي، حركة «أمل» و»حزب الله» اللذين يتقاسمان المقاعد الوزارية مناصفة في الحكومات المتعاقبة». وأضاف المصدر نفسه أن هذا ما دفع أحد نواب «القوات» قبل أيام إلى التلويح بنشر نص الاتفاق المكتوب هذا إزاء استمرار الرئيس عون و»التيار الحر» في رفض الحصة التي تطالب بها «القوات»، مشيرا إلى أنها قد تلجأ إلى نشره في اليومين المقبلين خصوصا أنها تعتبر أنه على رغم التشبيه بالثنائي الشيعي فإن الأخير لا يتمتع بالتوازن الانتخابي نفسه بين الفريقين المسيحيين الأكبر. فهناك تفاوت بين أصوات الفريقين الشيعيين الحليفين، في حين أن الانتخابات الأخيرة أثبتت حسب تقييم «القوات» وكما سبق أن أعلن جعجع في مقابلة تلفزيونية، أن «التيار الحر» وحلفاءه حصلوا على زهاء 150 ألف صوتا لنوابهم الذين نجحوا ونواب «القوات» حصدوا الرقم نفسه تقريبا أيضا وسبب نجاحها في ذلك أن جعجع أحسن استثمار المصالحة المسيحية- المسيحية طوال السنتين الماضيتين لأنها قرّبته أكثر من الوجدان المسيحي وفتحت له الأبواب على تطوير علاقته بالطوائف الأخرى.

وقول المصدر اللصيق بمفاوضات التأليف لـ»الحياة» إنه على صحة القول أن كتلة الرئيس بري النيابية تتألف من 17 نائبا ومع ذلك سيحصل على 3 وزراء فإن الصحيح أيضا أنه يحصل بذلك على نصف المقاعد الشيعية بينما «القوات» تطرح الحصول ثلث الحصة المسيحية، أي 5 وزراء من أصل 15 وزيرا مسيحيا في الحكومة الثلاثينية، خلافا لاتفاق معراب الموقع، القاضي بالتساوي بينها وبين «التيار الحر». وأشار إلى أن «القوات» كانت أبلغت المعنيين أيضا أنها مع تمثيل كل من حزب «الكتائب» وتيار «المردة» أيضا. وقال المصدر إن الوزير رياشي الذي كان التقى الرئيس الحريري الأربعاء الماضي أبلغه القبول بأن يكون توزيع المقاعد ثلثاً بثلثين، وعاد فكرر الموقف نفسه عند لقائه وزير الثقافة غطاس الخوري المكلف من قبل الحريري بالتواصل مع عدد من الفرقاء، بالموقف نفسه ليل أول من أمس.

وكشف المصدر نفسه أنه مع تذكير «القوات» في الآونة الأخيرة باتفاق معراب المكتوب، فإن قيادتها تلاحظ أن الاتصالات مقطوعة بينها وبين قيادة «التيار الحر» وأن الوزير باسيل أعطى نوابه تعليمات بعدم التواصل مع زملائهم في «القوات»، إلى حين انتهاء الحريري من تشكيل الحكومة، حتى لا يحرج «التيار» بسبب تذكير «القوات» باتفاق معراب المكتوب على التساوي في توزيع المناصب الوزارية طوال عهد الرئيس عون. كما ذكر المصدر أن تعليمات قطع الاتصالات شملت أيضا النائب ابراهيم كنعان الذي كان شاهدا على الاتفاق وكان مع رياشي محرك تفاهم الفريقين المسيحيين والمصالحة الشهيرة لإراحة الساحة المسيحية.

وأضافت مصادر وزارية في «القوات اللبنانية»، على ما يقوله المصدر اللصيق بمفاوضات التأليف، أنه إذا كانت حجة «التيار الحر» لتحجيم لحصة «القوات» هي أنها كانت معارضة للمشاريع التي قدمها وزراء «التيار» في الحكومة المستقيلة، فإن «هذه الحجة مردودة لأننا عارضنا في اجتماعات مجلس الوزراء ملف بواخر الكهرباء وملفات أخرى لنقص في شفافيتها، بينما وافق وزراؤنا على مشاريع عدة تتعلق بالطاقة والتعيينات في وزارتي الخارجية والعدل على رغم الشوائب التي رأيناها فيها».

وتابع المصدر الوزاري أن «معارضة البواخر لم تقتصر علينا بل أن وزراء «أمل» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» عارضوها وكذلك فعل وزيرا «حزب الله» حليف «التيار الحر». أما ما نسمعه من ترويج هنا وهناك سواء من أوساط «التيار الحر» أو من إعلام «حزب الله» عن أن مسألة تمثيل القوات تطرح نتيجة تدخل سعودي في تأليف الحكومة فهو كلام عار عن الصحة كليا وما يجمعنا مع المملكة هو الصداقة والود والتقارب في النظرة إلى الوضع الإقليمي فضلا عن الاعتراف بأنها قدمت للبنان الكثير، لكنها لا تتدخل في شأن داخلي من هذا النوع على الإطلاق».

إلا أن المصدر اللصيق بمفاوضات التأليف أكد لـ»الحياة» أن الحريري لم يقبل باعتراض عون على حجم تمثيل «القوات» وبعرضه توليها 3 وزارات فقط، خصوصا أنها سبقت أن أبلغته أنها مع تسهيل مهمته لكنها لن تقبل بإلغائها.

التمثيل الدرزي و»بي الكل»

وأفادت معلومات المصدر نفسه أن «اللقاء النيابي الديموقراطي» الذي يضم نواب «الاشتراكي» وحلفاءه، أبلغ الوزير غطاس الخوري أول من أمس بأنه لن يتراجع عن مطلبه حصر التمثيل الدرزي بمن يسميهم النائب السبق وليد جنبلاط، «غير ذلك شكلوا حكومة من دوننا». وهو ما سبق لقيادي في «الاشتراكي» أن أكده ل»الحياة» قائلا: «أبلغنا جميع المعنيين أنه إما نحصل على 3 وزراء دروز أو فلتكن الحكومة من دون مشاركتنا إذا استطعتم ذلك»، ردا على إصرار عون على تمثيل النائب طلال أرسلان. وقالت مصادر «الاشتراكي» ل»الحياة» أنه لا يجوز استخدام حجة الفصل بين حصة رئيس الجمهورية وحصة «التيار الحر» في الحكومة والهادفة إلى تبرير توزير أرسلان من حصة الرئيس. واعتبرت أن هذا الفصل غير دستوري وغير قانوني. فالحديث عن توزير البعض على خانة رئيس الجمهورية كان يتم في السابق حين لم يكن للرئيس كتلة نيابية، في حين أن «تكتل لبنان القوي» هو كتلته الكبيرة، ولا يجوز ل»بي الكل» أن يميز بين الوزراء في وقت أن الثلاثين وزيرا هم حصته.

وذكر المصدر اللصيق بمفاوضات التأليف أن هناك من يتحدث عن مخرج من الوعد الذي كان قطعه «التيار الحر» لأرسلان بتوزيره، بأن يتمثل بشخصية مسيحية يسميها هو مثل نائب رئيس حزبه (الديموقرطي اللبناني) مروان أبو فاضل.

من جهة أخرى، كشفت مصادر نيابية مواكبة لاتصالات تأليف الحكومة أن عون أوفد قبل أيام النائب الياس بو صعب للقاء رئيس الكتائب النائب سامي الجميل ليعرض عليه تسميته وزيرا عن الحزب مع اشتراط الحصول على دعمه لعهد عون. إلا أن الجميل أبلغ بو صعب أن موقفه يتوقف على صيغة البيان الوزاري.