IMLebanon

الحريري يذكّر بتضحياته وعون يتعهد ترتيب العلاقة مع جعجع

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

أجمعت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ «الحياة»، على أن اجتماع رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال المكلف تأليف الحكومة الجديدة سعد الحريري لم يتطرقا خلال اجتماعهما الخميس الماضي إلى أي تصــــور جديد للتشكيلة الحكومية، وعلى أن الحريري لم يحمل معه إلى عون أي اقتراح جديد لبنية الحكومة العتيدة، لأن اجتماعهما اقتصر على البحث في سبل تهدئة الأجواء السياسية المتوترة التي نجمت عن الخلافات حول أحجام التمثيل الوزاري للفرقاء الرئيسيين فيها. وهناك من يقول إنهما تداولا في بعض التفاصيل من دون حسم أي أمر.

وفي وقت رأت مصادر «التيار الحر» أن البحث بين الرجلين كان في العموميات حول عقد التأليف، ذكرت مصادر «القوات» أنهما تطرقا إلى ترسيخ التهدئة الإعلامية من دون الاتفاق على سبل تفكيك العقد التي تؤخر الولادة الحكومية، بينما أكدت مصادر «الاشتراكي» أن لا تقدم ملموساً بعد في انتظار اتصالات الأيام المقبلة، في ظل سفر الحريري بدءاً من اليوم لقضاء بضعة أيام قد تمتد أسبوعاً مع العائلة، كما بات معروفاً.

تترافق هذه الانطباعات المحلية مع قول مصادر ديبلوماسية غربية لـ «الحياة»:»نسمع المسؤولين كافة يتحدثون عن وجوب الإسراع في إنجاز الحكومة من أجل الانكباب على معالجة الاقتصاد، والبدء في الإفادة من قرارات مؤتمر «سيدر» للنهوض بالاقتصاد وتنفيذ الإصلاحات، لكننا لا نرى تصرفاً يتطابق مع هذا الكلام. وإذا كانت القيادات اللبنانية تقر بحراجة الوضع الاقتصادي فإن تأخير الحكومة يعاكس الحرص على معالجته». ويرسم بعض الديبلومسيين الغربيين الذين التقتهم «الحياة» علامات الاستغراب إزاء عدم انسجام الأطراف المسؤولة مع ضرورة التقاط فرصة الدعم الدولي الذي أتاحه المجتمع الدولي للبنان.

وعن اجتماع الرئيسين عون والحريري كشفت مصادر مواكبة لاتصالات حلحلة العقد لـ «الحياة» أن الحريري تناول خلاله العلاقة بينهما وأثار ما يطرحه قياديون في «التيار الحر» من انتقادات وملاحظات حول دور الرئيس المكلف في التأليف، وإيحائهم بأن طرحه لحصة «القوات» التي يرفضها «التيار» ليس من اختصاصه (أو من صلاحياته) أن يتبناها. وأوضحت المصادر أن الحريري تحدث عن أجواء توحي بأن التسوية القائمة بينهما والتي أدت لانتخاب العماد عون رئيساً تهتز، وأكد أنه متمسك بها لأنها أمنت الاستقرار في البلد. كما أثار معه البيان الصادر عن مكتب عون الثلثاء الماضي والذي تناول صلاحيات الرئاسة في تأليف الحكومة وفق الدستور والأعراف وتمسكه بعرف تسمية نائب رئيس الحكومة «التي لن يتغاضى عنها». وأشارت المصادر إلى أن الحريري طرح ملاحظاته انطلاقاً من قناعته التي عاد وصرح بها عند انتهاء اجتماعه بعون، بأنه لا يعترف إلا بعرف واحد هو توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف، ويعتبر أن الأمور الأخرى خاضعة للتوافق السياسي وفق الظروف، وليست عرفاً. كما شدد على أنه لن يتنازل عن صلاحياته في التأليف، لافتاً إلى أنه تحمل الكثير من الانتقادات نتيجة التسوية التي عقدها على الرئاسة وقدم تضحيات كثيرة لأن همه صون الاستقرار وإنقاذ البلد مما هو فيه، وهناك مواقف صدرت في الأيام الأخيرة تشدد على عدم المس بصلاحيات الرئيس المكلف في تأليف الحكومة، وهو أمر «يجب أن نكون متفاهمين عليه»، وأنه لن يتساهل حيال الطروحات والمطالب التي يقترحها رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل.

وإذ أوضحت المصادر أن الرئيس عون أكد للحريري بدوره تمسكه بالتسوية، لم تتوافر معطيات عن رد فعله حول مسألة الصلاحيات. وأضافت المصادر أن الحريري تناول عقدتي اعتراض عون و «التيار الحر» على تمثيل «القوات» (بأربع وزارات بينها حقيبة سيادية) معتبراً أن مطالبها ليست مضخمة وأنه لا يجوز أن تتعرقل الحكومة بسبب ذلك طالما هناك نية للحفاظ على التسوية التي هي شريكة فيها، إضافة إلى أنها حققت نجاحاً ملحوظاً في الانتخابات النيابية طالما المقياس هو الأحجام التي أفرزتها هذه الانتخابات. وعلمت «الحياة» أن الحريري أشار إلى أنه لا يمكن تشكيل حكومة من من دون «القوات» كفريق حليف، وأن رد عون كان أنه سيسعى هو إلى إيجاد حل مع «القوات».

وقالت المصادر إن الحريري كرر لعون ما سبق أن قاله له حين قدم له تصوره لأحجام التمثيل في الحكومة الثلاثينية، عن أن ما يطالب به رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بحق تسمية الوزراء الدروز الثلاثة منطقي ومعقول بعد الانتحابات ولا يستأهل الخلاف على مقعد وزاري أن يقود إلى التفريط بالتعاون معه، خصوصا أنه أبلغ الجميع أنه لن يدخل الحكومة إذا لم يكن له الوزراء الدروز الثلاثة. وذكرت المصادر المواكبة التي اطلعت على بعض ما دار بين عون والحريري أن الأخير دعا إلى تغليب التوجه نحو قيام حكومة متوازنة في التمثيل وفقاً للأحجام الطبيعية. ومع أن معطيات أوساط حزبية ذكرت أنهما لم يتطرقا إلى تفاصيل التشكيلة الحكومية، قالت المصادر المواكبة لجهود حلحلة العقد إن الرئيس عون طرح مسألة تمثيل النواب السنة من خارج «تيار المستقبل» مقترحاً اسم النائب فيصل كرامي، وأن الحريري رد مشترطاً أن يكون ذلك من حصة الرئيس عون المسيحية بحيث يسمي هو بديلاً من الوزير السادس من حصته وزيراً مسيحياً، وأن توزير كرامي في هذه الحال يعني حصول رئيس «تيار المردة» على وزيرين إضافة إلى الوزير يوسف فنيانوس الذي سيحصل على حقيبة وزارة الأشغال، باعتبار أن كرامي في كتلة واحدة مع فرنجية. وحيال تكرار الرئيس عون المطالبة بإيجاد حل لعقدة تمثيل الوزير طلال أرسلان تردد أن الحريري سأل لماذا لا يسمى وزير درزي رابع يكون من حصة الرئيس المسيحية، كما حصل مع توزير كرامي حين تنازل رئيس البرلمان نبيه بري عن وزير شيعي لمصلحة كرامي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011، لكن عون رأى أن التمثيل الدرزي بهذه الصيغة يفقده قيمته.

ورأت المصادر أن العمل سيتركز في الأسبوع الطالع على لقاء الرئيس عون مع رئيس «القوات» سمير جعجع، خصوصاً أن الأول كان تلقف مبادرة الأخير بإرسال الوزير ملحم رياشي للقائه والذي نقل إليه تمسكه بتفاهم معراب والمصالحة المسيحية، وبعد تشديد الحريري على أن مطالب «القوات» منطقية. وقالت المصادر أن أمام عون وجعجع مهمة إعادة قراءة مضمون تفاهم معراب كزعيمين تعاهدا عليه منذ مطلع عام 2016. وقالت المصادر إن «القوات» منزعجة من خرق التهدئة في التراشق مع «التيار» بعد استجابة جعجع لتمني الحريري وقف السجالات بين الفريقين. وتلفت المصادر إلى أن «القوات» تعتبر أن الوزير باسيل والنائب الياس بو صعب يواصلان توجيه السهام إليها.

أما في شأن الحقائب التي يمكن أن تتولاها «القوات» فإن المصادر إياها تنقل عن قياديين فيها تأكيدهم أن ما يشاع عن رفض «حزب الله» توليها وزارة الدفاع يعاكس ما تبلغته من الرئيس بري قبل أسبوعين بأنه و «حزب الله» لا فيتو لديهما على توليها حقيبة الدفاع أو الخارجية خلافاً لما يشاع.