IMLebanon

فرص هدنة الجنوب السوري تتأرجح والمعارضة لتحسين شروطها

كثّف النظام السوري وحلفاؤه الروس قصف مناطق الجنوب حيث أكدت المعارضة السورية المسلحة أمس فشل اجتماع عقدته مع الجانب الروسي من أجل التفاوض على اتفاق سلام مع النظام، في وقت انضمت ثماني بلدات على الأقل في محافظة درعا الى مناطق «المصالحة» مع دمشق، بموجب مفاوضات تولتها روسيا. في غضون ذلك، كشف مصدر ديبلوماسي بارز لـ «الحياة» أن المجموعة الوزارية الصغيرة حول سورية ستجتمع الشهر الجاري في إحدى العواصم الغربية، بمشاركة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو.

وأوضح المصدر الديبلوماسي لصحيفة «الحياة» أن الاجتماع الذي قد يعقد في لندن أو واشنطن أو باريس، مهمٌ لإظهار أن هناك إطاراً بديلاً من آستانة للبحث في تسوية. وقال إن المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا يشعر حالياً بنوع من السرور، أولاً لأن الإدارة الأميركية قررت دفع دوره، ولأنه على قناعة بأن مسار جنيف أُنعش.

وقال المصدر إن باريس كان لديها موقف متشدد من ملف اللجنة الدستورية في جنيف، ودعت إلى أن تكون مهمتها واضحة، بأفق زمني محدد، وتشكيلة متوازنة. وأشارت إلى أن دي ميستورا فضّل عدم تحديد موعد، لكنه تعهد في حال عدم تشكيل لجنة متوازنة، الانسحاب وإعلان أن اللجنة كما هي غير مقبولة. وحدد مهمة مبعوث الرئيس الفرنسي الجديد لسورية فرانسوا سينيمو بمتابعة السياسة الفرنسية في سورية، والاتصال والتفاوض مع أطراف المعارضة، وكبار مسؤولي الدول المعنية بالشأن السوري والروس والأمم المتحدة، نافياً أن تكون مهمته، العمل على إعادة العلاقات مع النظام السوري.

وقال المسوؤل لـ «الحياة» إن واشنطن أبلغت فرنسا إصرارها على أولوية خروج ايران من سورية، مضيفاً أن باريس تستغرب الاعتقاد السائد لدى واشنطن وإسرائيل بأن الروس يستطيعون ذلك. وأشار إلى أن الديبلوماسية الفرنسية واقعية، وتشكك بالقدرة على إخراج إيران من سورية، خصوصاً أن نظام الأسد مرتبط بشكل وثيق بطهران، ويربطه حلف عسكري بروسيا، وإن كان الرابط مع إيران عميق، فمن دونها يزول النظام. وتابع أن باريس تقول للأتراك إنهم موجودون في آستانة حيث هناك حليفان عسكريان للأسد، وأنه إذا كانت لتركيا مخاوف أمنية على الحدود مع سورية، فماذا تفعل في آستانة؟

على خط مواز، سعت روسيا أمس إلى طمأنة إسرائيل بأن الدور الإيراني في سورية يتوافق مع مصالح الدولة العبرية. وقلّل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في حديث لوسائل إعلام عبرية، من حجم المشاركة الإيرانية في المعارك، وقال إن «القوات الإيرانية ليست موجودة في الأراضي السورية. هناك عسكريون ومستشارون إيرانيون. وعددهم محدود جداً»، وهؤلاء «موجودون بدعوة من قيادة البلاد، وهدفهم هو المشاركة في مكافحة الإرهاب»، معرباً عن اعتقاده بأن «المصالح الإسرائيلية أيضاً تكمن في منع سيطرة الإرهابيين».

وفي الجنوب السوري، قال الناطق باسم الجيش الحر إبراهيم الجباوي أمس، إن اجتماعاً عقدته المعارضة مع الجانب الروسي للتفاوض على اتفاق سلام مع الحكومة، انتهى بالفشل بعد رفض مطالب موسكو بالاستسلام. وأوضح: «الاجتماع انتهى بالفشل. الروس لم يكونوا مستعدين لسماع مطالبنا، وقدموا خياراً واحداً هو قبول شروطهم المذلة بالاستسلام، وهذا رُفض». وقال عضو في لجنة المصالحة في مدينة درعا لوكالة «فرانس برس» أمس: «يريد النظام أن نسلمه كل شيء، مدينة درعا ومعبر نصيب وأنفسنا والسلاح الثقيل، وهذا أمر مرفوض».

في المقابل، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «8 بلدات في ريفي درعا الشمالي والشرقي، وافقت على اتفاقات مصالحة إثر مفاوضات تولاها ضباط روس مع وجهاء ومن تبقى من مقاتلين معارضين داخل كل بلدة».

وبموازاة مواصلة القصف والمعارك، باشر الروس مفاوضات على مستويين؛ الأول مع وجهاء المدن والبلدات، والثاني مع قيادة الجيش السوري الحر في الجنوب، بهدف فرض مصالحات في أكبر عدد ممكن من البلدات والقرى في المحافظة الجنوبية ذات الموقع الاستراتيجي لإشرافها على الحدود مع الأردن وهضبة الجولان، في حين وصل عدد النازحين إلى الحدود مع الأردن والجولان المحتل إلى نحو 200 ألف.

وتسعى المعارضة إلى الخروج بشروط أفضل من المفاوضات التي بدأتها مع الروس أول من أمس. وفي حين يرغب النظام في خروج الرافضين للمصالحات إلى الشمال السوري، وتسليم ادارة معبر نصيب الحدودي، تحاول المعارضة الاحتفاظ بأسلحتها، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المدن الخاضعة لسيطرتها. وبدا واضحاً أن الروس نجحوا تحت الضغط، في فصل المفاوضات مع ممثلي محافظة درعا عن محافظة القنيطرة ذات الحسابات الأصعب نظراً لحساسية قربها وملاصقتها لمناطق واسعة من الجولان السوري المحتل.