IMLebanon

تمرد الأقليات يعمق أزمة إيران

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: ارتفع عدد الناشطين الموقوفين من أبناء المكون التركي في إيران الجمعة إلى خمسين شخصا بسبب اعتزامهم تنظيم تجمع سلمي شمال غربي البلاد، للمطالبة باعتماد اللغة التركية لغة رسميّة، ما أربك السلطات التي تواجه احتجاجات شعبية في مختلف مناطق البلاد.

ويرى مراقبون أن تمرد المكون التركي وخروجه للاحتجاج لا يمكن أن يُفهما بمعزل عن موجة الاحتجاجات الاجتماعية المنددة بالفساد المستشري في مؤسسات الدولة وانتشار الفقر والتهميش في بلد يطفو فوق بحيرة نفط.

ويشير هؤلاء إلى أن مطالب الهوية التي برّر بها المحتجون الأتراك تحركهم لا تعدو أن تكون سوى مجرد ذرّ رماد على العيون، وأن السبب الخفي للاحتجاج هو الالتحاق بركب الاحتجاجات الاجتماعية التي تضرب أطنابها في البلاد.

وتشير تقارير صحافية إلى أن خروج المكون التركي للاحتجاج يأتي على خلفية شعوره بأنه المستهدف الأول من السياسات التقشفية التي يعتزم النظام اتباعها لتجنب تأثير العقوبات الأميركية.

وبحسب موقع “آراز نيوز” المحلي، فإن قوات الأمن الإيراني اعتقلت حتى الجمعة 50 ناشطًا من أبناء المكون التركي، كانوا يعتزمون تنظيم تجمع سلمي بمدينة كليبر، في محافظة أذربيجان الشرقية، فيما لم يصدر أي بيان من المسؤولين الإيرانيين حول الاعتقالات. والثلاثاء الماضي، اعتقل الأمن الإيراني 14 ناشطًا مدنيًا من أبناء المكون التركي، بينهم الناشط البارز عباس لساني.

وفي العطلة الأسبوعية الأولى من يوليو من كل عام، ينظم أتراك إيران تجمعات وفعاليات في حصن بابك بمحافظة أذربيجان الشرقية، التي يعتبرونها رمزًا للقومية التركية. وخلال التجمعات السنوية المذكورة، يعبّر أتراك إيران عن مطالبهم التي تتعلق بهويتهم القومية، غير أن ضغوط قوات الأمن خلال السنوات الأخيرة حالت دون تنظيم تلك التجمعات.

ويطالب أتراك إيران باعتماد اللغة التركية لغة رسميّة، باعتبارها أكثر اللغات انتشارًا بعد الفارسية في إيران. وتتركز غالبية الأتراك في إيران بالمناطق الشمالية الغربية حيث يقطن الآذاريون بمحافظات أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وزنجان وأردبيل، والشمالية حيث يقطن التركمان، والشمالية الشرقية حيث يقطن أتراك خراسان بمحافظات خراسان الشمالية وخراسان رضوي وخراسان الجنوبية.

ويتركز أتراك القاشقاي في المناطق الجنوبية القريبة من الخليج العربي ومدن شيراز وأصفهان، وأتراك الخلج في محافظتي خوزستان وكرمان، غربا، إضافة إلى أقليات من القازاق والأوزبك. وبحسب تقديرات غير رسمية يقدر عدد أبناء المكون التركي في إيران بنحو 35 مليون نسمة، من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 78.5 مليون نسمة.

وتفجرت مظاهرات شعبية عارمة في إقليم خوزستان الإيراني مؤخرا، الذي تقطنه غالبية العرب الإيرانيين، حاول النظام التعتيم الإعلامي حولها، خوفا من توسع رقعتها لتشمل بقية الأقليات المضطهدة في البلاد، فيما تشهد بقية الأقاليم الفارسية غليانا مجتمعيا قد يعجز النظام في طهران عن مواجهة تداعياته، بعد أن تمكن بصعوبة من إخماد الاحتجاجات الاجتماعية التي ضربت البلاد يناير الماضي.

وكثيرا ما يلقي المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي باللوم على حكومة حسن روحاني بسبب عدم تحقيق تقدم للحد من معدلات البطالة المرتفعة والتضخم وعدم المساواة، وألقى اللوم كذلك على أعضاء في البرلمان والرؤساء السابقين وقوى خارجية.

وقال خامنئي إن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها في المنطقة على محاولة زعزعة استقرار الحكومة في طهران. وأضاف خامنئي في حفل تخرج لقوات الحرس الثوري في تصريحات نقلها التلفزيون “لو كان بإمكان أميركا العمل ضد طهران لما احتاجت إلى التحالف مع دول رجعية سيئة السمعة في المنطقة وطلب مساعدتها في إثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار”.

وتعاني الأقليات العرقية في إيران تهميشا اجتماعيا متعمدا ممزوجا بدوافع أيديولوجية تحكم النظام السياسي في طهران، ما يدفع بهذه الأقليات إلى الاحتجاجات والمظاهرات العارمة المطالبة بالإدماج في المجتمع، وهو ما تقابله السلطات بالعصا البوليسية كعادتها.

وتأتي المظاهرات الاحتجاجية للأقلية العربية في إيران على خلفية برنامج للأطفال بثه التلفزيون الحكومي في 22 مارس الماضي، بعنوان “القبعة الحمراء”، استعرض الهويات العرقية في إيران دون أن يذكر العرب، وهو ما اعتبره عرب إيران تمييزًا عنصريًا ممنهجا.وأفادت تقارير إعلامية بأن السلطات الإيرانية جلبت عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي العراقي إلى داخل إيران للاستعانة بهم في قمع الاحتجاجات المناهضة للنظام، حيث وزعت عناصر الميليشيات في إقليم الأحواز والمحافظات الإيرانية الأخرى التي تشهد حركة ثورية غاضبة، تهدف إلى إسقاط الحكومة والمرشد علي خامنئي.