IMLebanon

المجلس الأعلى في “القومي” مُعطّل: تطيير الناشف؟

كتبت ليا القزّي في صحيفة “الأخبار”:

يعود المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى الواجهة، مع امتناع سبعة أعضاء عن المشاركة في الجلسات. يضغط هؤلاء لاستقالة المجلس الأعلى، وعقد مؤتمر استثنائي للحزب، يُنتخب على أثره كمال النابلسي رئيساً للقومي.

للأسبوع الثالث على التوالي، لم يكتمل النصاب لانعقاد جلسة المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي. عددٌ من أعضاء المجلس الأعلى يربطون مشاركتهم باستقالة رئيس «القومي» حنا الناشف، الذي يُحمّلونه مسؤولية، ما يعتبرونه، «فشلٌ حزبي» في الانتخابات النيابية. غاب عن الجلستين الأولى والثانية كلّ من قاسم صالح وحسام عسراوي وكمال النابلسي وعصام البيطار وأحمد سيف الدين وعاطف بزّي وعبدالله وهاب. أما خلال جلسة أمس، فقد كسر قاسم صالح وأحمد سيف الدين المُقاطعة، وشاركا في الجلسة من دون أن تلتئم. لا يُمكن وضع غياب الرئيس السابق لـ«القومي» جبران عريجي عن الجلسات، في السياق نفسه مع رفاقه، فالرجل اعتاد أصلاً أن يتواجد خلال فصل الصيف في مصيفه إهدن، وألا يُشارك في الاجتماعات الحزبية. أما غسان الأشقر، فيغيب أيضاً لأسباب شخصية، ولكنه حضر جلسة الأمس.

ليست المرّة الأولى، التي تشخص الأنظار قومياً صوب المجلس الأعلى، فقد اعتاد الحزبيون على انقسام «المجلس» بين فريقين، أحدهما موالٍ للنائب أسعد حردان والثاني مُعارضٌ لسياساته الداخلية وللعقلية التي يُدار بها الحزب. هو «أداة تعطيل» يستخدمه الأعضاء، اعتراضاً على ملّفات حزبية، كما حصل في الـ2016 بعد تعديل الدستور الحزبي بما يسمح لحردان بالترشح إلى ولاية رئاسية ثالثة (قبل أن تُبطل المحكمة الحزبية القومية رئاسة حردان)، وغداة قبول الوزير الراحل علي قانصو بمقعد وزاري، على رغم أنّ الدستور القومي يمنع المزاوجة بين رئاسة الحزب وأي منصب آخر، إلّا بإذن من المجلس الأعلى. و«الرئيس» هو الهدف هذه المرّة أيضاً.

اختار المعترضون على الناشف، نتائج الانتخابات النيابية لإشهارها بوجه رئيس «القومي»، وحتى تكون «حجّتهم» على طريق إسقاطه. اعتبروا أنّ الناشف فوّت عليهم فرصة الحصول على كتلة مؤلفة من ستة نواب، بسبب التحالفات التي نسجها الحزب القومي، وعدم انضباط القاعدة الشعبية والحزبية، وتمكّن مُرشحين منافسين لـ«القومي» من استقطاب جمهوره. صحيحٌ أنّه في نهاية الأمر، حنا الناشف هو الذي يتبوأ أرفع المناصب الحزبية، وعليه تقع المسؤولية الأساسية. ولكن عملياً، من كان يُخيّط تحالفات «القومي»، ويدفش باتجاه خيارٍ على حساب الآخر، هو رئيس المجلس الأعلى أسعد حردان، المحسوبين عليه. اللافت أنّ حردان، رجل «القومي» الأقوى، غير راضٍ عن تصرّف أعضاء المجلس الأعلى، «وهو لا يزال يُكابر، رافضاً القيام بأي مفاوضات معهم، لاعتباره أنّه من واجب الأعضاء المشاركة في المجلس الأعلى». كما أنّ حردان ليس بواردٍ أي تغيير رئاسي، قبل انتهاء ولاية الناشف بعد سنتين.

تقول المصادر إنّ رئيس المكتب السياسي كمال النابلسي وحسام عسراوي، «هما اللذان طلبا من الناشف الاستقالة، وهما يُنسقان التحرك الاعتراضي مع عميد الدفاع زياد المعلوف». هدف المعترضين، انتخاب النابلسي رئيساً للحزب، الذي بادر إلى الاجتماع بمسؤولين في حزب الله، في محاولةٍ منه للضغط على رفاقه المعترضين.

المعترضون، ومن أجل استمالة أعضاء المجلس الأعلى الآخرين إلى صفوفهم، «طرحوا اختيار رئيسٍ من اثنين: أنطون خليل أو كمال النابلسي». إلا أنّ خليل والمجموعة الحزبية التي يُنسّق معها، لم يتجاوبوا مع رفاقهم. وحين غاب النائب السابق، عن الجلسة الثانية للمجلس الأعلى، كان ذلك بسبب ظروفٍ خاصة. يُلوح المعترضون بتقديم استقالاتهم، وفرط عقد المجلس الأعلى، والدعوة إلى مؤتمر استثنائي للحزب. حساباتهم تقوم على أنّ جلسة المجلس الأعلى بحاجة إلى 9 أعضاء لتنعقد، واتخاذ القرارات بحاجة إلى وجود 12 عضواً، وبوفاة علي قانصو بات تأمين العدد أسهل بالنسبة إليهم. هذا في حال، قدّم السبعة استقالاتهم، دفعةً واحدة. أما إذا انقسموا، «فهناك أعضاء ردفاء، يُستعان بهم لتأمين النصاب، وبالإمكان طلب عودة نائب رئيس الحزب في الشام صوفان سلمان إلى المجلس الأعلى في لبنان». إلا أنّه من المُمكن أن تتحقق غاية كمال النابلسي ورفاقه المعترضين، لو نفّذ قوميون آخرون نيّتهم بالاستقالة من المجلس الأعلى. تتألف هذه المجموعة من أنطون خليل وغسان الأشقر ونجيب خنيصر وتوفيق مهنا (مع إمكانية أن ينضم إليهم جبران عريجي)، وهم يبحثون جدياً بالاستقالة «قرفاً من الوضع، وليس رسالةً ضدّ الناشف»، بحسب مصادر حزبية.

«حزبنا بالويل»، تقول المصادر. يأتي تعطيل المجلس الأعلى، بعد الخلافات في مجلس العُمد، الذي استقال منه حسّان صقر وجورج جريج، ويُقاطع عمداء آخرون جلساته أيضاً إلى حين استقالة الناشف ونائبه وائل الحسنية. المشكلة الأساسية التي تتحكّم بواحد من أقدم وأعرق الأحزاب اللبنانية، هي غياب منطق المؤسسات، التي من المفترض أن تكون «الحَكم» بين القوميين.