فضّل السفير الفرنسي برونو فوشيه عدم “الدخول في التفاصيل والمسببات التي تخص الحكومة وتشكيلها، ملتزما أصول وادبيات الديبلوماسية الراقية، بعيدا من توجيه الانتقاد للطبقة السياسية.
ونفى، عبر “المركزية”، “وجود عقبات ناجمة عن ضغوط خارجية تحول دون الانتقال الى مرحلة المخاض الاخير قبل ولادة الحكومة الحريرية الثالثة، داعيا اللبنانيين الى النأي بأنفسهم عن الخارج وصراعاته وصب اهتمامهم على كيفية الانتقال الى مربع التشكيل الاخير، خصوصا ان الانتخابات النيابية انتجت مجلسا جديدا، لان الاستمرار في سياسة الفرص الضائعة ليس لمصلحتهم.
وتابع “لا يمكن للبنان ان يمضي في هدر الوقت والتلهي بالخلافات والحصص المصلحية، غير عابئ بالتحديات الداهمة التي تواجه اقتصاده الرازح تحت شتى انواع الضغوط والمهدد بالانهيار فيما لو لم يستدرك المسؤولون الوضع ويتلقفوا كرة النار التي تتهدده ويبدأوا برنامج الاصلاحات الجذرية في اقصى سرعة”.
واضاف “على لبنان ان يستفيد من موجة الدعم الدولي غير المسبوقة التي جسدتها مؤتمرات الدعم من روما-2 الى “سيدر” فبروكسل حيث تجلى في شكل واضح مدى الحرص الذي يبديه المجتمع الدولي على استقرار وسيادة لبنان، النموذج الفريد في التعايش بين الطوائف والاديان والتعددية على المستويات كافة، وعلى اللبنانيين ان يقتنعوا ان مؤتمر “سيدر” الذي وفّر للبنان مشاريع قيّمة وبالغة الاهمية لانعاش اقتصاده مشروط بتنفيذ الاصلاحات، وقد حرصت فرنسا على اطلاق تسمية مؤتمر “سيدر” عليه لانه لا يشبه ابدا مؤتمرات باريس1 و2 و3 “.
وأردف “انه نموذج جديد يوجب التعاطي معه بمقاربات مختلفة، ذلك ان تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لا سيما في مجالات سد مزاريب الهدر ووقف الفساد في الادارة والانطلاق في المسار الاصلاحي عموما سيخضع لعملية مراقبة دقيقة من المجتمع الدولي، لاننا امام حالة هي مثابة عقد موقع بين لبنان ودول الدعم يتوجب عليه الالتزام بخريطة الطريق المرسومة فيه والتي تشكل حاجة ملحة وضرورة لمساعدته على تحسين وضعه المالي، عبر برامج ستوفر على خزينة الدولة مبالغ طائلة خصوصا في مجال معالجة ازمات الكهرباء والنفايات والمياه”.
وكشف في السياق، عن “عرض قدمته شركة اميركية لتأمين حاجة لبنان من الكهرباء بكلفة متدنية خلال ثمانية اشهر متحدثا عن تجارب مماثلة لشركات فرنسية في دول عدة وفرت الطاقة خلال عشرة اشهر لا اكثر. يبقى على الدولة اللبنانية ان تتخذ القرار في هذا المجال”.
وأشار إلى أن “لجنة متابعة تنفيذ مقررات “سيدر” فهي لم تشكل حتى الساعة، ولا تم اختيار رئيسها، علما انها ستضم عددا محدودا جدا من ممثلي الدول الداعمة، نافيا وجود مواعيد او مهل معينة للبنان لتنفيذ الاصلاحات المنصوص عليها في المؤتمر”.
واستغرب “كيف يتلاشى الاهتمام ببدء برنامج الاصلاحات والانطلاق سريعا في تشكيل الحكومة، لينتقل بعدما كان في ذروته ابان مرحلة الانتخابات النيابية الى مرحلة من التلكؤ عن التشكيل. ويوضح ان سلسلة زيارات لمسؤولين فرنسيين الى لبنان كان يفترض ان تتم الا انها ارجئت بفعل غياب حكومة اصيلة، فوزيرة الدفاع فلورانس بارلي كانت تعتزم الحضور الى بيروت مطلع الشهر الجاري لكنها عدلت كون الملفات التي ترغب في مناقشتها تستوجب وجود وزير دفاع كامل الصلاحيات، كما ان المبعوث المنتدب لشؤون المتوسط السفير بيار دوكان كان ادرج لبنان في جدول محطاته للخارج بيد انه ارجأ للعلة نفسها”.
ولفت إلى أن “الرئيس ايمانويل ماكرون لديه رغبة حقيقية في المجيء للبنان لكن اجندة مواعيده المزدحمة بين الداخل والخارج تحول حتى الساعة دون ترجمة هذه الرغبة. ويكشف انه سيزور لبنان خلال الاشهر الثمانية المقبلة وعلى الارجح نهاية العام”.
وشدد على أن “فرنسا تعتبر حزب الله احد المكونات السياسية اللبنانية وتتعاطى معه كما سائر الافرقاء، خصوصا انه ممثل في البرلمان والحكومة، لكن ذلك لا يعني انها توافق على وجوده وممارساته في الخارج. وسأل في هذا المجال ماذا يفعل الحزب في سوريا والعراق واليمن ولمصلحة من يقحم لبنان في صراعات الخارج؟ على لبنان النأي بنفسه عن ازمات دول الجوار لان الخطر عليه موجود وحقيقي”.
وعن تأثير العقوبات الاميركية على حزب الله ومدى تأثيرها على تنفيذ مقررات “سيدر” قال : “لا تأثير ولا ارتباط بين الموضوعين، ذلك ان مشاريع سيدر تنفذ بين الشركات الاجنبية ومؤسسات الدولة الرسمية والوزارات . وفيما لم يبد اعتراضا على اسناد وزارة الصحة الى حزب الله، اكد انه ينتظر كما سائر اللبنانيين مبادرة حزب الله لاعادة النازحين السوريين الى بلادهم والاطلاع على خطته للعودة ،لابداء الرأي”.
وأكد فوشيه ان “الهبة السعودية للجيش مجمدة، شارحا ان الرئيس ماكرون بذل جهودا جبارة في سبيل اقناع دول الخليج بعدم التخلي عن لبنان وتمكن من اقناع المملكة العربية السعودية بالمشاركة في مؤتمر روما 2 ولاحقا بتقديم مشاريع بمليار دولار في مؤتمر سيدر”.
وأشار الى ان “ماكرون كلف شارل برسوناز متابعة الملف التربوي في دول منطقة الشرق الاوسط ، مشددا على وجوب تعزيز الفرنكوفونية في لبنان والمنطقة.