IMLebanon

التغيير الممنوع (بقلم بسام أبو زيد)

يعيش اللبنانيون في هذا البلد ولا قدرة لهم على التغيير نحو الأفضل لأن سبل الديمقراطية تطغى عليها العصبيات الطائفية والمذهبية والحزبية، ومن هم خارج هذه العصبيات لا قدرة لهم على التغيير لأسباب متعددة.

وفي هذا المجال لا بد من الحديث عن فئات الشعب اللبناني: هناك اولا فئة الناس أصحاب الولاء الأعمى للزعيم والحزب والطائفة، وهؤلاء مخدرون بأقوال الزعيم وأفعاله ولا يناقشون في ما يطالبهم به وهم يعتبرونه دائما على حق ومستعدون للتضحية بكل شيء في سبيله. ويزيد الزعيم من عصبيتهم حين يلعب على الوتر الطائفي والمذهبي فيصل بهم التجييش إلى حالة تشبه الجنون.

الفئة الثانية هي فئة لا مبالية لأسباب متعددة، مؤلفة من لبنانيين قرروا الاستمرار في حياتهم كما رسموها هم من دون التطلع إلى ما يجري في البلد على الصعيد السياسي والاجتماعي، وقد استقال هؤلاء من أي دور سياسي معتبرين أن لا مجال للتغيير في البلد وأن الطبقة السياسية الموجودة لن تتغير، وبالتالي فإن الاهتمام بأنفسهم ومصالحهم هو الأولوية كي يتبقى لهم ما يمكنهم من عيش الحياة التي يرغبون بها.

الفئة الثالثة هي كناية عن مجموعات صغيرة تطلق عليها تسميات متعددة كالمجتمع المدني والجمعيات الأهلية وغيرها. وترفع هذه الفئة شعارات كبيرة وبراقة تستهوي الناس وتحاول أن تدخل المعترك السياسي من خلال باب أساسي هو الهجوم على الطبقة السياسية وطرح نفسها كبديل عنها ينقذ البلد من المخاطر والمشاكل التي يتخبط فيها، الا ان هذه الفئة تصطدم دائما بحنكة الطبقة السياسية التي سرعان ما تشعل في وجهها الفتيل الطائفي والمذهبي ويتوحد الزعماء ضدها باعتبارهم مستهدفين جميعا، ويؤججون بواسطة وسائل إعلامهم بعض الخلافات بين أفراد هذه الفئة فتصبح الأنظار موجهة على هذه الخلافات ولاسيما على شعارات يعتبرها زعماء الأحزاب والطوائف تمس بكذبة الوحدة الوطنية والعيش المشترك والميثاقية، فتسقط هذه الفئة وهي لم تبدأ بعد في تحقيق ولو اليسير مما تنادي به.

إن الأوضاع في لبنان لن تتبدل ولن تتغير في القريب العاجل أو في المدى المنظور لأن الطبقة السياسية لا تريد حقيقة أي تغيير نحو الأفضل، فالأولوية لديها هي كيفية مواصلة الاستفادة من هذه الدولة ومنعها في الوقت ذاتها من الانهيار كي يبقى هؤلاء في مراكز القوة والسلطة يمارسون دورهم في تقاسم المغانم. أما أولئك الذين يملكون الرغبة في التغيير فهم محاصرون بقدرات وفعالية الطبقة السياسية التي لا تترك لهم المجال لتحقيق أي نجاح، وإن تمكنوا من تحقيق أي إنجاز تعمد الطبقة السياسية إلى ضربه بسهولة لا سيما وأن لا قدرة للتغييريين على أن يتصدوا لهكذا هجوم.

من المؤسف أن لا نرى في هذا البلد بصيص أمل، وهو أمر لا يمكن الركون إليه عند الطبقة الحاكمة، طبقة يجب أن يتم تغييرها من القاعدة من داخل بيوتها عندما يتعلم انصارها التفرقة بين الصح والغلط والقول لا بوجه الزعيم عندما يخطىء أو يكذب.