IMLebanon

دفع موسكو بملف اللاجئين السوريين يصطدم بضغط دولي لتحريك التسوية

كتب سامر إلياس في صحيفة “الحياة”:

نجحت موسكو في فرض ملف اللاجئين على أجندة النقاشات حول القضية السورية، لكن الردود الأوروبية والغربية الفاترة، تكشف عن صعوبات كبيرة تعترض المحاولات الروسية للتركيز على الجوانب الإنسانية على حساب القضايا السياسية الشائكة.

وأفاد مصدر مطلع على إدارة موسكو الملف السوري «الحياة» بأن «الهدف من طرح موضوع اللاجئين هو دفع الأوروبيين والأميركيين على الإقرار بفوز روسيا عسكرياً في سوريا عبر التعاون في الملفات السياسية من بوابات مختلفة». ورأى أن «موسكو تسعى إلى التغطية على أي فراغ في التسوية السياسية وكسب الوقت»، لافتا إلى أنها «أطلقت مسار آستانة لسد الفراغ بعد معركة حلب، وعرضت موضوع اللجنة الدستورية بين معركتي الغوطة وحمص الشمالي، وبدأت بطرح موضوع اللاجئين قبل معارك درعا وسوف تستمر حتى الانتهاء من حسم ملف إدلب». وأكد أن «أي اختراق في موضوع اللاجئين، سوف يشكل تكريساً لوضع روسيا كصاحبة القرار في التسوية».

وبعد جولة إقليمية ودولية للترويج لخطة روسيا لإعادة اللاجئين، بدا واضحاً أن البلدان الأوروبية الأكثر تأثراً بالأزمة السورية مثل فرنسا وألمانيا، ما زالت مصرة على اولوية الانتقال السياسي قبل البحث في ملف اللاجئين. وكُشف أن رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف اقترح في رسالة إلى نظيره الأميركي جوزيف دنفورد، التعاون في إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين إلى البلاد. وأفادت وكالة «رويترز» وبناء على مذكرة سياسية في واشنطن بأن الخطة الروسية، التي لم يتم الكشف عنها من قبل، «لاقت استقبالاً فاتراً في في العاصمة الأميركية». ووفق المذكرة فإن «السياسة الأميركية يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات، بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة». وأشارت المذكرة إلى أن «ديبلوماسيين روساً ومسؤولين آخرين شاركوا في حملة شرسة لوصف المبادرة في عواصم أخرى بطريقة توحي بأنها نتيجة القمة الأميركية – الروسية في هلسنكي»، مؤكدة أن «هذا ليس صحيحاً». وكشفت أن خطاباً ملحقاً من روسيا بالمقترح أرسل إلى دنفورد يوصي بأن تغير الولايات المتحدة وروسيا والأردن الغرض من مركز أقيم لمراقبة اتفاق لوقف إطلاق النار في 2017 ليصبح غرضه «تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذ خطة إعادة البناء وعودة اللاجئين».

ورأى رئيس تيار بناء الدولة السورية المعارض لؤي حسين أن «المقترح الروسي ذكي جداً»، وقال لـ «الحياة» إن «ملف اللاجئين إنساني ولا يمكن لأي دولة أن ترفضه، فربما تتحفظ ولكن لن تمانع». وأوضح أن «روسيا تطمح أساساً إلى مساعدة الأوروبيين في عودة اللاجئين من دول الجوار، والحديث لا يدور عن إعادة السوريين في أوروبا لأن الموضوع لم يعد خاضعا للسياسية بل للقضاء في ما يخص الحاصلين على اللجوء». ورجح أن «يعود العدد الأكبر من اللاجئين من لبنان أولا والأردن وتركيا في مرحلة لاحقة». وقال: «الروس صادقون في تعهداتهم لأنهم يسعون إلى أن يكون تدخلهم في سوريا أفضل من تدخل أميركا في العراق وأفغانستان، والنظام لا يستطيع أن يفعل إلا ما تريده روسيا». ولفت إلى أن «غالبية اللاجئين الذين يعيشون أوضاعاً مأسوية في لبنان، خرجوا من معابر رسمية ولن يتعرضوا للملاحقة». ورجح أن تأخذ عملية عودة اللاجئين من تركيا زخما كبيراً في حال البت بمصير إدلب وانهاء الترتيبات في شرق الفرات مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد)».

وأوضح ممثل الخارجية الروسية في اللجنة الحكومية الروسية لمتابعة ملف إعادة اللاجئين نيكولاي بورتسيف أن بلدانا مقربة من موسكو «لم تحسم أمرها بعد في دعم الجهود الروسية، وربطت الموضوع بمحادثات أوروبية روسية شاملة، على رغم أن الأزمة السياسية التي تشهدها أوروبا بسبب أزمة اللاجئين، رفعت أسهم الأحزاب اليمينية وتهدد وحدة القارة السياسية وبالعودة إلى سياسة إغلاق الحدود». وقال إن «الجانب الروسي أجرى محادثات حول اللاجئين مع المؤسسات المعنية في بلغاريا، وسلوفينيا وتشيخيا، المعروفة بتشددها حيال موضوع اللاجئين»، مشيرا إلى أن «البلدان الثلاثة، التي تستقبل مجتمعة أقل من ألف طالب لجوء سوري، عبرت عن استعدادها لمشاورات في الملف، إنما في إطار مشاورات على مستوى روسيا والاتحاد الأوروبي، في حال أجريت مثل تلك المشاورات». وكان لافتاً إعلان بورتسيف أن إيطاليا لم تزود روسيا بأعداد الحاصلين على اللجوء في أراضيها، واكتفت بالإشارة إلى أن 3836 سورياً تقدموا بطلبات لجوء لم يبت فيها بعد.