IMLebanon

سيناريو انفجار الأزمات الاقتصادية يحاصر اللبنانيين

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية: عمّق استمرار غياب استراتيجية لبنانية للإفلات من شبح الانهيار المالي الذي يتهدد الدولة منذ سنوات، مشكلات التجار والمواطنين، والتي يتوقع أن تنفجر في أي لحظة مع تواصل التجاذبات السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة.

وشهد العام الحالي امتزاج سنوات من التباطؤ التدريجي بعدد من العوامل تمثلت في ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار العقارات والشكوك بشأن قيمة الليرة.

وبالنسبة إلى شركات المواطنين، فإن الاضطراب الاقتصادي والافتقار لحكومة تسيطر بقوة على السياسات بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات عامة، أصبحا مصدرين مستمرين للقلق.

ويؤكد مازن رحال، الذي تمتلك عائلته متاجر بشارع الحمراء التجاري الرئيسي في غرب العاصمة بيروت منذ سبعينات القرن الماضي، أن اقتصاد البلاد لم يبد على هذا النحو من الاضطراب إلا نادرا.

ويبيع هذا التاجر اللبناني الملابس بسعر يقل كثيرا عن سعرها في السابق بينما يخلو متجر آخر له أجّره لمنافس، من البضائع في الوقت الحالي.

ونسبت وكالة رويترز لرحال قوله “لدينا عدد من المحلات في هذا الشارع وهذا واحد منها، وكان لدينا محل تم تأجيره في السابق لكنه اليوم مغلق لأن الأنشطة التجارية تراجعت”.

وأضاف “نحن نعاني من أجل تحصيل بعض المال لسداد المصاريف القارة من بينها فواتير كهرباء وأجور الموظفين”.

ومع إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما وانتهت في عام 1990، كانت هناك فترة من النمو الاقتصادي، وكما في أوج ازدهاره في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، جذب لبنان السياح العرب الخليجيين، لكن المشكلات كانت قاب قوسين أو أدنى طوال الوقت.

وطالت الأزمة شركة “خوري هوم”، إحدى أكبر الشركات المحلية، تبيع متاجرها، التي تعد مشاهدتها أمرا مألوفا في أنحاء البلاد، الأجهزة المنزلية.

ويؤكد رومين ماثيو، أنه يخبر موظفيه كل عام منذ أصبح رئيسا لمجلس الإدارة في عام 2013 أن العام المقبل سيكون أصعب من السابق. وقال “وصلنا إلى العام الحالي، وهو كارثة بالنسبة إلينا وأعتقد أننا سنعيش الفترة القادمة أوقاتا أصعب”.

وفي خطوة قد تزيد المصاعب التي يواجهها ماثيو، قامت الحكومة العام الماضي بتقليص سلسلة من المحفزات للبنوك بخصوص قروض المساكن، مما ساهم في تراجع سوق الإسكان. وبينما يشتري عدد أقل من الأشخاص منازل، فإن عددا أقل يرغب في ثلاجات أو تلفزيونات جديدة.

ويُمنّي ماثيو نفسه بأن يكون 2018 آخر عام صعب بالنسبة إليه وللتجار لأن الوضع لو استمر على ما هو عليه إلى العام المقبل، فإنه “لن يكون بمقدورنا توفير فرص عمل وربما سنضطر للاستغناء عن بعض الموظفين”.

ورغم هذه الوضعية القاتمة إلا أن المعاناة لا تشمل جميع الشركات. ويقول مايكل رايت الرئيس التنفيذي لسلسلة “سبينيس” لمتاجر البقالة، إن حجم المبيعات زاد لأن الكثير من سلعها مستورد من أوروبا، وتقلبات العملة دفعت الأسعار للانخفاض.

ومنذ انتخابات ايار الماضي، يدور سجال حاد بين الأحزاب السياسية المتنافسة بشأن تشكيل حكومة تضم العدد الكافي من الأحزاب الرئيسية لضمان دعم سياسي من أنحاء البلاد.

وفي غياب حكومة جديدة، لا يمكن للبنان تطبيق الإصلاحات المالية اللازمة لوضع ديونه تحت السيطرة أو الإفراج عن المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية المتعهّد بها في البنية التحتية لتنشيط الاقتصاد.

ويكاد يجمع اللبنانيون على أن حل الأزمة الراهنة يكمن في تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لأن الأوضاع لا تحتمل التأجيل.

وفي غضون ذلك، زادت أسعار الفائدة في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة على نحو متزايد لجذب مستويات أعلى من ودائع البنوك والتي يعتمد عليها الدين الحكومي.

ولأسعار الفائدة المرتفعة أضرارها أيضا، فقد قررت جيسي كوجاببيان إقامة حفل زفافها في سبتمبر المقبل. لكن مع زيادة أسعار الفائدة، وتقليص الحكومة لمحفزات البنوك كي تقدم قروض الإسكان، باتت غير قادرة هي وخطيبها على شراء منزل.

وقالت جيسي “تقدمنا بطلب للبنك للحصول على قرض لكنه رفض وقد دفعنا 6 آلاف دولار كمقدم لمستلزمات حفل الزفاف ولا نستطيع استرجاع تلك الأموال بعد أن ألغينا الحفل”.

وحمّلت جيسي الدولة المسؤولية لتقاعسها في حل مشاكل الطبقة الفقيرة والمتوسطة بعد أن تزايدت الضغوط المعيشية عليها بشكل لا يطاق.

ومع انخفاض النمو، وتضرر المصادر التقليدية للنقد الأجنبي، وهي السياحة والعقارات والاستثمار الأجنبي، جراء سنوات من التوتر الإقليمي، تعتمد الحكومة الآن على المليارات من الدولارات التي يودعها اللبنانيون المغتربون في البنوك المحلية، التي تموّل المديونية العامة الضخمة والعجز في الموازنة.