IMLebanon

هل يغيّر الاحتدام الإقليمي حسابات عرقلة الحكومة اللبنانية؟

دعت مصادر سياسية إلى مراقبة التطورات الإقليمية المتسارعة التي يبدو أنها تدخل في حسابات بعض الفرقاء اللبنانيين في شأن تأليف الحكومة، وذلك بهدف استخلاص النتائج من تدافع هذه التطورات وتقلبها بين ليلة وضحاها في شكل يستدعي عدم المراهنة على أي منها، نظراً إلى أن المعادلة على الصعيد الخارجي غير ثابتة حتى يسعى أي فريق إلى الإفادة منها لمصلحته في موازين القوى الداخلية.

وقالت المصادر إياها لـ“الحياة” إن هذه التطورات تجعل من المشهد الإقليمي الدولي متغيراً بين يوم وآخر، فقد تأتي المراهنات على استقرار الأمور لمصلحة هذا المحور أو هذا الفريق في غير محلها، ما يحول دون استــثمارها من حلفاء القوى الإقليمية المحليين في موازين القوى الداخلية وفي شكل ينعكس على تأليف الحكومة.

ودعت المصادر إلى التوقف أمام أحداث ذات دلالة على المرحلة المقبلة، ومنها: التحضير الأميركي لاحتمال توجيه ضربة عسكرية إلى سورية، بحجة أن النظام يهيئ لاستخدام السلاح الكيماوي في المعركة التي يعتزم خوضها ضد المعارضة على أشكالها في إدلب، سعي واشنطن إلى تثبيت وجودها العسكري على الأرض في شمال شرقي سورية مع دعمها القوات المحلية التي تعتمد عليها مالياً واقتصادياً، إضافة إلى الدعم العسكري، الحديث في بعض الأروقة الخارجية عن أن إسرائيل ستستأنف ضرباتها العسكرية ضد الوجود الإيراني في سورية، مع ما يحمله ذلك من احتمالات مواجهة إيرانية- إسرائيلية، زيارة وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي دمشق للتوصل إلى اتفاقات معها تعزز العلاقة في مواجهة الضغوط على إيران كي تنسحب من سورية، الاندفاع الأميركي نحو إنجاز اتفاق التهدئة في غزة مع “حماس” يمتد لخمس سنوات، سواء وافقت السلطة الفلسطينية على بنوده أم لم توافق، مع آثار كل ذلك على حسابات الدول المعنية بالشأن الفلسطيني، تهيؤ الإدارة الأميركية لفرض العقوبات على تصدير النفط الإيراني بموازاة تهيؤ الكونغرس الأميركي لفرض المزيد من العقوبات على “حزب الله” تحت عنوان “نزع السلاح”، وبوادر المزيد من التصعيد العسكري في المواجهة في اليمن بين إيران والمملكة العربية السعودية.

وتضيف المصادر: “ما هو ثابت اليوم لا يبدو أنه كذلك في اليوم التالي، لجهة التطورات الإقليمية، وهذا يعني أن القول بأن الحرب انتهت في سورية لأن هناك تسليماً ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه لا ينطبق على ما تشهده بلاد الشام من احتمالات تجعل المرحلة الراهنة واحدة من مراحل الصراع على سورية قد تشهد ذروة جديدة في التصعيد. وبالتالي على اللبنانيين التنبه إلى مخاطر ذلك عليهم وعدم الانجرار إلى وضع يجعلهم جزءاً من المواجهات الكبيرة الجارية”.

وتشير المصادر في هذا السياق إلى أن موضوع العلاقة مع النظام السوري الذي يطرحه حلفاؤها ورئيس الجمهورية ميشال عون و “التيار الوطني الحر” يأتي في سياق حسابات انتصار محور على آخر من المحاور المتصارعة في سورية، ونتيجة حاجة النظام السوري إلى تكريس تلك المقولة عبر لبنان، في وقت لا تدل التطورات الخارجية على صحة ذلك.

وفي معلومات هذه المصادر، أن النظام السوري هو الذي يضغط على حلفائه والقوى المقربة منه كي يدفعوا باتجاه تطبيع الحكومة اللبنانية معه، لكن اضطرار هؤلاء الحلفاء إلى التجاوب معه تحت الضغط قد يقود إلى تفاقم الخلاف الداخلي ولو جرى تغليف الاستجابة للضغوط تحت غطاء تأمين المصالح اللبنانية بإعادة النازحين والتنسيق من أجل تصدير المنتجات اللبنانية من طريق معبر نصيب بين سورية والأردن، فتأمين التسيق من أجل هذين الموضوعين حاصل عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وعبر بعض الوزراء المنتمين إلى فريق 8 آذار المعنيين بتصدير الإنتاج اللبناني عبر سورية منذ سنوات من دون الحاجة إلى الارتقاء بالتواصل إلى المستوى السياسي.

وتعتبر المصادر أنه إذا كان فريق الرئيس عون يخضع للضغوط السورية في هذا المجال، فإنه يدرك أنه بذلك يفاقم الخلاف الداخلي على تأليف الحكومة، الأمر الذي ليس من مصلحته، التي تقتضي الابتعاد مما يصنفه خاضعاً لمحور من محاور الصراع في المنطقة.

وتوضح المصادر إياها لـ “الحياة”، أن الفريق المقابل المناوئ للمحور السوري- الإيراني، يتعرض بدوره لضغوط تتعلق بالانصياع للعقوبات على “حزب الله” وبالتوجه الأميركي نحو محاصرة الحزب في إطار التدابير الأميركية التي تستهدف إيران وأذرعها أينما كان، وتشمل هذه الضغوط التحذير الأميركي من حصول الحزب على حقيبة خدمات رئيسية، تحت طائلة خفض المساعدات المخصصة لإعانة لبنان على مواجهة أزمته الاقتصادية، على رغم تأكيد استمرارها في ما يخص تقوية الجيش اللبناني، وهذا ما ظهر من خلال زيارة مساعد وزير الدفاع الأميركي روبرت ستوري كاريم بيروت الأسبوع الفائت وطرحه على بعض كبار المسؤولين السؤال عن تطبيق الشق المتعلق بنزع سلاح “حزب الله” في القرارات الدولية التي يؤكد لبنان التزامها.

وتختم المصادر نفسها بالقول إنه لا ينفع الاستناد إلى أن فريقاً متحالفاً مع أحد المحاور الإقليمية المتصارعة حصل على الأكثرية في الانتخابات النيابية في السعي من أجل ليِّ ذراع الفريق الآخر في تأليف الحكومة.