IMLebanon

عائلات المفقودين.. رحلة البحث عن إبرة بين كومة قش!

كتبت جويل رياشي في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

يرتبط اليوم الأخير من شهر آب في لبنان والعالم بيوم المفقودين.

يوم يتذكر فيه من بقي من عائلات المفقودين واقربائهم اولئك الذين غابوا، وشارفت صورهم، وخصوصا المفقودين في الحرب الاهلية اللبنانية، الامحاء، وهي باتت بحاجة الى ترميم مزدوج: الاول على الورق، والثاني في ذاكرة من بقي من افراد العائلة.

في بيروت، ربما اندثر الأمل في العودة على وقع اغنية السيدة فيروز «بكرا انت وجايي». وبات ألهم لدى من يتابع القضية «وضع مشروع اقتراح إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين» من قبل الهيئة العامة للبرلمان اللبناني.

سيدات يواصلن النضال بقيادة وداد حلواني، وجمعيات لم يتعب افرادها في البحث عن إبرة بين كومة قش.

تبدلت القصص مع مرور السنين، وباتت تتمحور حول استذكار امهات غبن ولم يتعبن من الانتظار.

ينقص المنتظرون ويغرق الغائبون في مزيد من عتمة المصير المجهول.

حكايات عن اضطرار افراد من عوائل المفقودين الى إعلان وفاتهم رسميا تمهيدا لإجراءات خاصة بالميراث والتعويضات.

اولاد كبرن في غياب الأب، وأشقاء يسمعن حكايات عن افراد عائلة يحضرون في حكايات الأمهات.

قصص تدمع لها العيون، وحرقة في عدم كشف المصير، وتحقيق الحد الأدنى في «إكرام.. الانسان». في حديقة جبران خليل جبران المتفرعة من ساحة رياضة الصلح بوسط بيروت قرب مبنى «الاسكوا»، امهات يداومن يوميا ولم يتعبن.

خفت الحكايات وبوارق الأمل، ولم يفض اللقاء اليومي ودائما بمن حضرن.

القصص الآن في غالبية ايام السنة عن غائبات، وفي الأسبوع الذي يسبق الذكرى للمفقودين وظروف اختفائهم.

لا تفاصيل إضافية، ولا أثر.

أكثر من 17 ألف مفقود «ابتلعتهم» الحرب اللبنانية، ولم يظهر لهم اي أثر.

لا أحد يتكلم ويقدم معلومات قد تساهم بالحد الأدنى في إطفاء حرقة منتظر.

الصمت يُكرِّس نفسه سيدا لهذا الملف، وسط رهان على مرور الوقت لإقفال أكثر ملف شائك يعود للحرب اللبنانية.

الحقوقي غسان مخيبر لم يتعب، ولم يتبدل الامر عنده بعد خروجه في مايو الماضي من الندوة البرلمانية التي دخلها في 2002. يواكب حلواني والجمعيات الاهلية التي تهتم بالملف، وقد ختم مشواره النيابي بتسجيل طلب إنشاء قانون الهيئة الوطنية للمفقودين في القلم الخاص بأمانة سر المجلس النيابي.

يتذكر عموم الشعب اللبناني المفقودين في يوم من السنة، فيما الأهل والأقارب، يعيشون القضية المأساة يوميا، والبعض، ولو قلة لم يتعب ولا يزال ينتظر عودة الغياب، التي كلما تأخرت، اقتربت منطقيا من عبارة «لن تأتي».