IMLebanon

الراعي: القوى السياسية أرست النظام الحزبي المذهبي لتأمين بقائها

أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى أن “عندما نقل لبنان يوم إعلانه في أول أيلول 1920 من دولة الانتماء إلى الدين والمذهب المعادية للديمقراطية إلى دولة الانتماء إلى المواطنة التي تولد الديمقراطية التعددية، سار لبنان على هذا الخط منظمًا بالدستور والميثاق الوطني، وناميًا بالممارسة، حتى اتفاق الطائف (1989)”، مضيفًا أن “هذا الاتفاق أكد المواطنة على حساب الانتماء المذهبي، لكن القوى السياسية شوهته بأدائها، وذهبت إلى إرساء نظام حزبي مذهبي جديد، أمنت من خلاله بقاءها في السلطة وتقاسم الحصص والوظائف وخيرات الدولة، مع إقصاء الغالبية من الشعب اللبناني غير الحزبية. وهكذا يجد المواطن نفسه أمام شرط الانتماء إلى حزب طائفته لكي يتمكن من نيل وظيفة أو المشاركة في إدارة شؤون الدولة”.

واعتبر الراعي، في كلمة خلالا افتتاحه المؤتمر السنوي 25 للمدارس الكاثوليكية في ثانوية مار الياس للراهبات الأنطونيات – غزير، أن “هنا تكمن الأزمة السياسية الراهنة، والظاهرة حاليًا في أزمة عدم إمكان تأليف الحكومة إلى الآن، والتي تتسبب بالركود الشامل، بل بالشلل، وبعدم إمكان النهوض الاقتصادي وإجراء الإصلاحات اللازمة في مختلف الهيكليات والقطاعات، وبتفشي الفساد، وسيطرة شريعة الغاب والنفوذ”.

وأكد الراعي أن “تربية الأجيال هي المخرج لكل هذه الحالات، وتتم بواسطة المدرسة الكاثوليكية بشكل خاص، ما يقتضي تحرير هذه المدرسة لكي تظل أبوابها مفتوحة بوجه الأهالي الذين يرغبون اختيارها لأولادهم، وتأمين التربية العلمية الرفيعة والتربية على الأنسنة والترابط والتضامن والمواطنة، لأكبر عدد ممكن من شعبنا اللبناني”، معتبرًا أن “هذه التربية المتعددة الوجوه تتوفر ليس فقط للتلامذة، بل أيضًا لأهلهم وللمعلمين والموظفين”.

وعن التحديات التي تواجه المدرسة الكاثوليكية، رأى الراعي أن التحدي الأول هو “تحدي فقر معظم العائلات اللبنانية، الذي تسببه الأزمة الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة، واتساع دائرة البطالة، وازدياد عدد العاطلين عن العمل، وغلاء المعيشة”، مؤكدًا أن من “يحمل مسؤولية هذا الواقع الأليم المسؤولون السياسيون الذين يسيئون استعمال السلطة بجعلها في خدمة مصالحهم وحصصهم ونفوذهم، وبإهمال الشعب والخير العام اللذين هما مبرر وجودهم”.

أما التحدي الثاني بالنسبة إلى الراعي فهو “تحدي القانون 46/2017 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب الذي أوجب على المدارس الخاصة زيادات باهظة على الرواتب والأجور، تستوجب زيادة الأقساط المدرسية. الأمر الذي لا تريده المدرسة لأنه عبء ثقيل لا يستطيع أهالي التلامذة حمله”. وأضاف أن التحدي الثالث هو “حماية المدرسة الكاثوليكية من تسرب ايديولوجيات وتيارات معادية للمواطنة والديمقراطية التعددية، ومن تأثير الأحزاب السياسية بإدراج أفكار أو إدخال انتماءات حزبية مذهبية على حساب المواطنة”.

وأشار الراعي إلى أن التحدي الرابع هو “اعتماد التقشف في المدارس الكاثوليكية بإيقاف الكماليات: من قرطاسية ونشاطات إضافية وزي مدرسي، وبتوحيد الكتب المدرسية، وتجنب تغييرها سنويًا، بحيث يتاح للجميع شراء كتب مستعملة، وللإخوة استعمال كتب إخوتهم، سنة بعد سنة”.

وتابع: “الخامس هو تحدي التعاون بين المسؤولين عن التربية: ليست المدرسة وحدها مسؤولة عن التربية بكل أبعادها الموصوفة آنفًا، بل ثمة دور للأهل، فالعائلة هي المدرسة الأولى للقيم والفضائل الأخلاقية والاجتماعية، بحيث ينبغي خلق جو ملائم لتطبيق وحماية ما يتربى عليه أولادهم في المدرسة الكاثوليكية”.