IMLebanon

الحكومة الجديدة…إلى “ليّ الأذرع” دُر

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لم تَرْدع التحذيراتُ المتواليةُ الجنوحَ المتمادي في اللعبِ على حافة الهاوية في بيروت عبر استمرارِ احتجازِ تشكيلِ الحكومةِ الجديدةِ في لحظةِ تَعاظُم الأخطارِ في الداخل ومن الخارج، وخصوصاً مع الكلامِ وبمكبّرات الصوت عن الخشيةِ من انفلات الواقع الاقتصادي – المالي المأزوم وبدء العدّ التنازلي لصدور الحكم عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري المرجّح في الأشهر الأولى من سنة 2019، إضافة الى الارتدادات غير المستبعَدة للمواجهةِ المفتوحةِ حول سورية من بوابة إدلب ولبلوغ «المنازلة» الأميركية – الإيرانية مستوياتٍ بلا كوابح مع بدء العقوبات النفطية على طهران في نوفمبر المقبل.

وتوحي الوقائعُ السياسية في بيروت بأن «عضّ الأصابع» يزدادُ شراسةً على قاعدة «مَن يصرخ أولاً» في عمليةِ تشكيل الحكومة التي تقترب من بلوغ شهرها الرابع من دون أي اختراقٍ حقيقي من شأنه الإفراج عن حلٍّ سحري على طريقة «لا غالب ولامغلوب»، رغم إلحاح الرئيس المكلف سعد الحريري على ضرورة الحدّ من الشروط المتبادلة إفساحاً في ولادةِ حكومةٍ متوازنةٍ كان تَقدَّم بـ «صيغة مبدئية» في شأنها الى رئيس الجمهورية ميشال عون واعتبرها قاعدةً للتفاوض من اجل الإسراع في بت هذا الاستحقاق والانصراف الى مواجهة التحديات الاقتصادية والاقليمية التي تواجه لبنان.

وبدا الحريري، الذي حرص على احتواء أي ارتدادات سياسية في بيروت لمسارِ المرافعات الختامية في المحكمة الدولية في لاهاي عبر وضْع مَشاعره الخاصة جانباً والدعوة الى حماية لبنان، أكثرَ قدرةً على الحركة بعدما تَلَقّف الجميع موقفه إيجاباً حتى «حزب الله» الذي يُحاكم أربعة عناصر منه غيابياً باغتيال الحريري – الأب، ولكن من دون رسْم توقعات متفائلة حيال قدرة الرئيس المكلف على إقناع الآخرين بخفْض مستوى شروطهم، وخصوصاً بعدما نُقِلَ عن عون أنه غير مُسْتَعْجِل ولن يَتراجع أمام الشروط التي يَعتبر أنها تريد تكبيله لافتاً الى ان «المُعَرْقلين يسعون إلى ضرب العهد وإيقاع الضرر به بالتأخر بالتشكيل».

وفيما تمّ التعاطي مع كلام عون على أنه في سياق توجيه رسالةً بأنه لن يسلّم بحكومةٍ خارج المعايير التي اشترطها تحت وطأة «عامل الوقت» وبأنه يخطئ مَن يعتقد أنه في واردِ التنازل في هذا المجال على قاعدة أن عهده «على المحكّ»، كانت لافتة ملاقاته من «حزب الله» الذي دعا عبر كتلته البرلمانية الى «عدم انتظار المتغيّرات الاقليمية أو التعويل على تَراجُع الآخرين عن التركيز على أهمية المعايير من أجل تشكيل الحكومة لان ذلك لن يؤدي إلا الى مزيد من تأخير المهمة وتعميق الأزمة الاقتصادية».

وإذ تشير كل المعطيات الى ان رئيس الجمهورية سيغادر في 23 الجاري الى نيويورك لترؤس وفد لبنان الى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة من دون ان تكون الحكومة قد وُلدت، بدا أن العقد المُسْتَحْكِمة في مسار التأليف إما على حالها وإما الى مزيد من التأزم.

ففي حين تُراوِح في خلفية المأزق الحكومي رغبة «التيار الوطني الحر» في أن يُمْسك مع حصة رئيس الجمهورية بالثلث المعطل في مجلس الوزراء وبالثلثين عبر تحالفه مع «حزب الله» وآخرين، سَلَكَتْ عقدتا تمثيل حزبيْ «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» بزعامة وليد جنبلاط طريقها الأكثر وعورة على وقع انفجار العلاقة بينهما وبين فريق عون من دون تَلمُس «طريق العودة» وتأكيدهما «قدّمْنا آخِر ما عندنا»، وسط إعلان رئيس البرلمان نبيه بري «الانسحاب» من أي مسعى للحل وتأكيده «الحالة مقفلة على الآخِر، ولا يوجد اي تقدم ولو خطوة».

واذا كان التراشُق على محور «التيار الحر» – «القوات» استمرّ بعد كلام رئيسها سمير جعجع الأحد الماضي وتصويبه على رئيس التيار جبران باسيل (من دون تسميته) متهماً إياه بمحاولة تطويق «القوات» وداعياً عون الى «إنقاذ عهده» وصولاً الى نقْل قناة «او تي في» عن مصادر عونية وصْفها جعجع بـ «حصان طروادة» الذي يعمل على «نحر الرئيس القوي» باسم «وكلائه الخارجيين»، فإن لا شيء يوحي بتبريد «الجبهة المشتعلة» بين فريق رئيس الجمهورية وبين جنبلاط والتي بلغتْ منحى غير مسبوق من «التقاصُف» الكلامي «الناري» وانطلاق «حرب إقصاء» متبادَلة في الإدارة لموظفين محسوبين على الطرفيْن في سياق «إجراءات انتقامية» ما زالت تتفاعل على أكثر من مستوى.