IMLebanon

هكذا تفاقم التوتر بين “الاشتراكي” و”التيار”  

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

المواجهات والاشتباكات «الكلامية» بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر، والتي تدور رحاها على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تعد محصورة بمناصري الحزبين وقواعدهما الشعبية، وإنما تحولت الى مستويات قيادية: النائبان وائل أبو فاعور وزياد أسود يقودان الحملة المتبادلة، ويتصدر كل منهما التيار المتشدد من جهته وحزبه.

رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط دخل الى الحلبة وكان دخوله كافيا لتغليب التصعيد على التهدئة. في آخر تغريداته عبر حسابه على موقع «تويتر»، غرد قائلا: «يا لها من نظرية عجيبة، بأن معاقبة الفلسطينيين وإقصاءهم وقتلهم يساعد في عملية السلام، إنها من بنات أفكار صهر ترامب، جاريد كوشنير، والنظرية نفسها يطبقها الصهر في لبنان لتثبيت هيمنته، وما من أحد يعارضه سوانا، ويدفع الثمن سوانا، والبقايا مجموعة أصنام وجيف، همها تقاسم المصالح. لا تلعبوا بالنار».

الرد لم يتأخر وجاء هذه المرة من وزير العدل سليم جريصاتي في تغريدة قال فيها: «نجلك يا وليد عن المشابهة بين جبران، ابن هذه الأرض، وجاريد الذي هود القدس. نحن لم نقل يوما عنك، وأنت ابن هذا الجبل، إنك شبيه الجولاني. العقل والحكمة من سمات بني معروف، فلا تغترب مع غربانك».

السبب المباشر الذي أدى الى تسخين جبهة المختارة سن الفيل (حيث المقر الرئيس للتيار الوطني الحر) في الأيام الأخيرة تمثل في قرار وزير التربية مروان حمادة إقالة مسؤولة في وزارته (هيلدا خوري رئيسة دائرة الانتخابات)، والتفسير الذي أعطته مصادر التيار أن هذه الإقالة حصلت بسبب انتماء خوري للتيار الوطني الحر من دون أي سبب آخر متصل بقلة كفاءة أو تقصير أو إهمال.

ما حصل أن قرار إقالة خوري اتخذه الوزير حمادة بناء على طلب الرئيس سعد الحريري، لأن المنصب الذي شغلته كان يشغله موظف من الطائفة السنية وآل الى خوري أيام الوزير السابق للتربية الياس بو صعب. وجاءت ردة فعل التيار في المعاملة بالمثل ورد الصاع صاعين واتخاذ قرارات نقل لموظفين محسوبين على الحزب الاشتراكي في وزارتي البيئة والطاقة، في حين لم يسجل أي رد فعل تجاه الحريري الذي جاءت إقالة خوري بناء على طلبه الذي استجاب له حمادة.

ويقال إن جنبلاط لم يكن على علم بقرار حمادة ولم يحبذه وإنما انزعج منه. ويقال أيضا إن باسيل لم يكن على علم بقرار الوزير طارق الخطيب ولم يكن راضيا عنه. صحيح أنه أعطى تعليمات بالتضييق على محازبي الاشتراكي في الوزارات ولكن ليس الى هذا الحد، الى حد استخدام سلاح الإقالات.

والمفارقة هنا أن الوزير الخطيب يعترف ويجاهر بما أقدم وغير نادم عليه، ويقول: «أنا نقلت الموظف نزار الهاني من مركزه لأنه قريب من الحزب التقدمي، ولا أستحي في الاعتراف بأن دوافعي سياسية ردا على استهداف هيلدا الخوري بسبب لونها السياسي. لقد استعملت السلاح نفسه الذي يحاربوننا به.

البادئ أظلم، والبادئ فيما جرى هو الوزير مروان حمادة وفريقه. نحن لا نسكت على التجني والكيدية، ولا نقبل أن يتم استضعافنا وتحويل مناصري خطنا السياسي ضحايا». ويتابع: «زمن الاستقواء علينا وتهميشنا ولى الى غير رجعة، وعليهم أن يعرفوا ذلك. وهم أجبرونا على هذا التصرف لكي نضع لهم حدا ونلجم كيديتهم».

ما حصل سابقة في الإدارة اللبنانية لم يحصل مثلها حتى في عز أيام الحرب، كما لو أن خطوط التماس انتقلت الى داخل الدولة وإداراتها. وبدا من خلال السجالات الساخنة التي دارت أن الحزب الاشتراكي من رأسه حتى كوادره الصغرى، وكذلك التيار الوطني الحر ليسا في وارد المهادنة لا الإعلامية ولا السياسية، خاصة أن الحزب الاشتراكي اتخذ على ما يبدو منحى معارضة العهد بكل رموزه الدستورية والنيابية والحكومية، بعدما رأى ممارسات وصفها مسؤولوه بأنها محاولات لإقصائه أو تحجميه لمصلحة أطراف متحالفة مع العهد، إضافة الى مستجد سياسي جوهري تمثل في اتهام التقدمي للتيار الحر بمحاولة تعديل اتفاق الطائف أو على الأقل تجاوزه بالممارسة الأحادية. وفي المقلب الآخر، يشعر الرئيس عون بأن عهده مستهدف بكل ما يحمله من أحلام مشاريع إصلاحية، بسبب اعتقاده أن الحزب التقدمي يحاول شل العهد ومنعه من تحقيق النقلة النوعية في الحكم، فيما يشعر التيار بأن هناك من يسعى الى تحجيم نفوذه في الساحة المسيحية.

هل تهدأ الأمور بعدما لامست الخطوط الحمر وتجاوزتها، وبدأت تشكل مصدر خطر على عملية تشكيل الحكومة وعلى الأمن السياسي في الجبل؟!