IMLebanon

فشل محاولات النيل من العملة المحلية

كتبت هلا صغبيني في “المستقبل”:

ازاء الحملة الممنهجة على الليرة واستقرارها، يؤكد الخبراء ان الاحتياطات المرتفعة بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان تشكل وسادة امان لاستقرارها وثباتها.

فهذه القاعدة الصلبة من العملات لدى مصرف لبنان، والتي تبلغ اليوم نحو 44 مليار دولار (عدا احتياطات الذهب)، لها مهمات عديدة أبرزها:

– الحد من نسبة انكشاف الاقتصاد المحلي على المخاطر الخارجية.

-المساهمة في تعزيز السياسة النقدية ودعم سعر صرف الليرة.

– زيادة ثقة الأسواق بالاقتصاد المحلي.

بالاضافة الى ما تقدم، فان امتلاك اي دولة لاحتياطات مرتفعة يعني انه يمكنها الوفاء بالتزاماتها، وهو أمر يساهم في تعزيز تصنيفها الائتماني. فالاحتياطات الأجنبية هي عادة مقياس للملاءة المالية التي يتمتع بها أي اقتصاد، وتساعد بالتالي وكالات التصنيف الدولية على تحديد مستوى الملاءة المالية بالنسبة الى اي دولة او مؤسسة ربطاً بمدى قدرتهما على سداد الديون. بمعنى ان قدرة المصدّر على الوفاء بسداد الدين والأقساط المترتبة عليه هي أهم مؤشر للجدارة الائتمانية التي تبني عليها الوكالات الدولية تصنيفاتها.

يعول المستثمرون والاسواق المالية كثيرا على درجة التصنيف الائتماني التي تمنحها الوكالات التصنيف الدولية خصوصا للحكومات والمؤسسات المالية المصرفية، في عملية توقع حدوث مخاطر عدم الدفع بناء على معايير محددة.

وهناك رموز ودرجات لوصف الجدارة الائتمانية تستخدمها وكالات التصنيف تبدأ من AAA كأعلى تصنيف ائتماني نزولا للتصنيفات الأقل جدارة عبر الحروف AA وA وBBB و CCC.

ومن شأن كل رمز أن يؤثر على اقتصادات الدول وعلى المؤسسات الاقتصادية. فمثلا:

– يسهل التصنيف المرتفع على الحكومات والشركات الحصول على تمويل وقروض، سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية. فيما يعني التصنيف الضعيف أن هناك احتمالا بألا يستطيع المدين الوفاء بالتزاماته.

– تكمن اهمية الحصول على تصنيف ائتماني أعلى تكمن في مستوى الفائدة التي يتوجب على مصدّر الديون دفعها. فكلما ارتفع التصنيف الائتماني كلما انخفض مستوى الفائدة. وبالعكس، كلما انخفض التصنيف الائتماني كلما زاد سعر الفائدة التي يتطلب دفعها من قبل الجهة المصدرة.

– كما تكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتماني أعلى في عدد المستثمرين الذين يرغبون في شراء إصدار دين معين، وذلك نظرا لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات دين ذات جدارة ائتمانية مرتفعة. لذلك، فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها، نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.

ماذا يعني ذلك لبنانياً؟

في لبنان، ورغم التشنج السياسي الراهن، لا تزال تصنيفات الوكالات الدولية مقبولة، ولم نشهد تراجعات الى اليوم، وهو أمر مثير للاطمئنان. فوكالات التصنيف الثلاث «ستاندرد اند بورز» و«موديز» و«فيتش» ابقت نظرتها المستقبلية للبنان مستقرة، كما ابقت تصنيفها للدين الطويل الاجل على -B. الا ان خفض التصنيف سيؤثر حكما على صورة لبنان وعلى سمعته من جهة، وسينعكس في تراجع قدرته على جذب رؤوس الموال والاستثمارات الشحيحة اصلا من جهة اخرى. واذا حصل هذا الاجراء، فهو سيزيد من تكلفة التأمين على ديون لبنان، ويجعل بالتالي سنداته السيادية غير جذابة للأسواق نظراً لارتفاع المخاطر.

غبريل

كبير الاقتصاديين في مجموعة «بنك بيبلوس» نسيب غبريل يستغرب في حديث الى «المستقبل»، سيل هذا الكم من الشائعات التي تستهدف الليرة واستقرارها، انتشر من يدعون انهم «خبراء استراتيجيين» و«انهم على علم ودراية بكل شاردة وواردة بدءا بمصير الليرة اللبنانية وانتهاء بمصير بقية عملات دول اخرى، وهم لا يكتفون بذلك بل يحددون توقيتا لانهيار الليرة». ينتقد غبريل تنامي هذه الظاهرة كالفطريات، ويشرح ان هؤلاء «لا يفقهون قراءة المؤشرات الاقتصادية والمالية بعمق، فيربطون مثلا بين ارتفاع نسبة التأمين على مخاطر سندات اليوروبوندز لستة اشهر وبين تدهور الليرة وانهيارها، وهو ما يخيف الناس ويرعبهم من دون اساس علمي».

يؤكد غبريل ان الليرة مستقرة للاسباب التالية:

– لم نشهد الى اليوم عمليات خروج للودائع بل تؤكد المؤشرات استمرار تدفق الودائع وان كانت بوتيرة اقل من السابق.

– لا عمليات تحويل بمبالغ كبيرة من الليرة الى الدولار الا لحاجات تجارية مثلا.

– لا يزال سعر صرف الدولار بين المصارف ضمن الهامش الذي وضعه مصرف لبنان اي 1501 – 1515.

– والاهم، انتفاء حالة الهلع للتحويل الى الدولار، لا بل ان المودعين يستغلون العروض التي تقدمها المصارف على صعيد الفوائد المرتفعة، ويودعون بالليرة لاجال متوسطة بين 3 سنوات و5 سنوات. هذه النقطة، يقول غبريل، تشكل وحدها عامل ثقة بالليرة وباستمرار استقرارها.

هو يؤكد ان محاولات النيل من الليرة «فشلت»، فـ«لا خوف على استقرار سعر الصرف ولا خطر عليه ولا يوجد اي طلب جدي لتغييره. فلبنان ليس اليونان، ولا يمكنه إلباسه هذا السيناريو». كما يشدد على انه لا يجب الاستخفاف بالمواقف التي يطلقها مصرف لبنان في هذا الشأن، فهي «تشكل عاملا تطمينيا للداخل وللمستثمرين وللاسواق المالية». «مصرف لبنان مصر على المحافظة على استقرار سعر الصرف مدعوماً باحتياطات مرتفعة من العملات، وهو لن يتلاعب بمصدر دخل الملايين من اللبنانيين وبودائعهم وبالاستقرار الاجتماعي»، يضيف غبريل. لكنه في المقابل، يعتبر ان المالية العامة تشكل التحدي الاهم الذي يواجه الدولة اليوم. فـ«أرقامها وصلت الى مستويات مقلقة، بسبب سلسلة الرتب والرواتب التي جاءت تقديرات تكلفتها أقل بكثير من الواقع، وفرض ضرائب ورسوم في في وضع اقتصادي متباطئ منذ العام 2011، ومع استمرار التوظيف». «كل هذه العوامل ادت الى مضاعفة ارقام الموازنة وارتفاع العجز الى مستويات غير مسبوقة في وقت لم تؤد الضرائب المفروضة الغرض منها في زيادة الايرادات بسبب التباطؤ الاقتصادي»، يقول.

ويشرح ان «السلسلة ورفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة الى 11 في المئة، تسببا بضغوط تضخمية، فيما فرضت الضرائب والرسوم أعباء تشغيلية اضافية على كاهل القطاع الخاص بسبب انفلاش القطاع العام وتدهور نوعية خدماته».

هو يسمي ما نعانيه اليوم بـSelf Inflicted، وهو تعبير يعني ان المريض هو من جلب المرض لنفسه أو عرض نفسه للإصابة أو هو السبب في إصابته بالمرض. ويرى ان «استقرار سعر الليرة هو فرصة امام المسؤولين لاتخاذ قرارات سريعة بعيدا عن الضرائب والرسوم والغاء بعضها في سبيل تحفيز الاقتصاد، كما اتخاذ اجراءات لخفض النفقات وزيادة الواردات ووقف التهرب الضريبي عبر الحدود وتطبيق قوانين موجودة اصلا تساهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد، وتطبيق تجميد التوظيف».

وعما يطرح حاليا عن اعادة هيكلة الدين العام، يقول «لا شيء يجبر على ذلك، وهذه النظريات بعيدة عن الواقع يطرحها اشخاص ليسوا على يقين من الوضع النقدي والمالي».

 

الرموز

يذكر ان الرموز المستخدمة من قبل وكالات التصنيف الائتماني للدلالة على مستوى الجودة الائتمانية في الفترة الطويلة هي:

– Aaa/AAA الجودة الائتمانية الأعلى والتي تعبّر عن قدرة عالية ومتميزة على الوفاء بالالتزامات المالية.

– Aa/AA جودة ائتمانية عالية جداً: تعتبر الإصدارات المصنفة (Aa/AA) بأنها ذات جودة ائتمانية عالية جداً، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد منخفضة جداً، وتعبّر عن قدرة عالية جداً على الوفاء بالالتزامات المالية.

– A جودة ائتمانية عالية: تعتبر الإصدارات المصنفة (A) بأنها ذات جودة ائتمانية عالية، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد منخفضة، وتعبّر عن قدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية.

– Baa/BBB جودة ائتمانية جيدة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Baa/BBB) بأنها ذات جودة ائتمانية متوسطة، ومخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد مقبولة، ولكن من الممكن للظروف الاقتصادية أن تؤثر على قدرتها على الوفاء بالالتزامات المالية.

– Ba/BB مخاطر مضاربة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Ba/BB) بأنها ذات جودة ائتمانية دون المتوسط، ومخاطر ائتمانية عالية، وتتضمن مخاطر مضاربة.

– B مخاطر مضاربة عالية: تعتبر الإصدارت المصنفة (B) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة، ومخاطر ائتمانية عالية جداً، وتتضمن مخاطر مضاربة عالية.

– Caa/CCC مخاطر ائتمانية كبيرة: تعتبر الإصدارات المصنفة (Caa/CCC) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة جداً، ومخاطر ائتمانية عالية جداً، وهناك احتمال لحدوث حالة عدم السداد.

– Ca/CC مخاطر ائتمانية عالية جداً: تعتبر الإصدارات المصنفة (Ca/CC) بأنها ذات جودة ائتمانية ضعيفة جداً، ومخاطر مضاربة عالية جداً، وهناك بعض المظاهر لحدوث حالة عدم السداد.

– C المخاطر الائتمانية الأعلى: تعتبر الإصدارات المصنفة (C) بأنها ذات الجودة الائتمانية الأدنى، وأصبحت حالة عدم السداد وشيكة أو محتمة، وبالتالي هناك صعوبة في استعادة أصل المبلغ أو الفوائد. وفي حال حدوث حالة عدم سداد محدودة أو حالة عدم سداد كاملة للالتزامات المالية، يتم استخدام الرمزين التاليين:

RD حالة عدم سداد محدودة: تشير إلى حدوث حالة عدم سداد محدودة لواحد أو أكثر من الالتزامات المالية.

D حالة عدم السداد: تشير إلى حدوث حالة عدم السداد للالتزامات المالية للفترة الطويلة، وتعبّر عن دخول المُصدِر في حالة الإفلاس وحالة التصفية وتتم ملاحقته قضائياً من قبل الدائنين.