IMLebanon

“الانماء والاعمار”: هذه الكلفة البيئية والنتائج المتوقعة من سد بسري

تزور بعثة من مؤسسة فرنسية متخصصة في الآثار لبنان في مطلع تشرين الأول الجاري لمتابعة المرحلة الثانية من دراسة ميدانية تجريها في المنطقة التي سيقام فيها سد بسري، وفق ما ذكر مجلس “الإنماء والإعمار”. وتهدف الزيارة “إلى تحديد أي معالم أثرية قد تكون موجودة في موقع المشروع، بغية العمل على حمايتها ونقلها إلى مكان مناسب في المنطقة المحيطة.

وفي الموازاة، تعقد اجتماعات تنسيقية مع البلديات المعنية لاستكمال وضع خطة واسعة ومفصلة غير مسبوقة للتعويض الإيكولوجي عن أية انعكاسات للمشروع على الثروة الطبيعية والأراضي الزراعية في المنطقة، تأخذ في الاعتبار اقتراحات أبناء المنطقة”.

وأوضح أنه كلف مؤسسة “جيوأركيولوجيا” الفرنسية، التي اقترحتها المديرية العامة للآثار، إجراء مسح جيومورفولوجي للمنطقة، وأشار إلى “أن البعثة أنجزت المرحلة الأولى من مهمتها ما بين 25 و30 حزيران الفائت، وتضمنت مسحا مبدئيا شاملا لكامل موقع المشروع، شمل إجراء حفريات استقصائية، ومسح جيولوجي لمواقع الآثار ومسح أركيولوجي له، وأخذ عينات لدراسة عمر الترسبات أو الآثار وكيفية تطورها عبر السنوات”.

وشرح المجلس “أن المرحلة الثانية من الدراسة التي يتوقع أن تنطلق قريبا، تشمل استكمال المسح بواسطة تقنيات تتيح، مع المعلومات المتوافرة من المسح الأول، وضع خريطة تحدد مواقع الآثار، وفي مرحلة لاحقة، إجراء استقصاءات مفصلة عنها، تمهيدا لاتخاذ الإجرءات المناسبة لحمايتها، تماشيا مع التوجه العام الذي تنص عليه خطة الإدارة البيئية والإجتماعية لهذا المشروع الجاري تطبيقها، بالحفاظ على المعالم الأثرية الموجودة”.

أضاف: “ستتم بالتالي المحافظة على الآثار الموجودة في موقع السد وحمايتها ونقلها إلى أماكن أخرى تحت إشراف المديرية العامة للآثار، وبواسطة فريق متخصص من قبلها”.

من جهة أخرى، أكد مجلس الإنماء والإعمار أنه عهد إلى شركة استشارية لبنانية بوضع دراسة للتعويض الإيكولوجي ecological offset plan، تبين الضرر البيئي الذي قد ينجم عن المشروع، وتحدد الخطوات والأنشطة البيئية المطلوبة للتعويض عنه، كإعادة التحريج أو التشجير، وغيرها.

أضاف المجلس: “كأي مشروع بناء، وخصوصا المشاريع الضخمة كالسدود، لهذا المشروع ثمن بيئي حكما، لكنه في المقابل مشروع مفيد لكل لبنان، إذ أنه سيؤمن 125 مليون متر مكعب من المياه سنويا يستعمل معظمها لامداد المياه للمنطقة الممتدة من ساحل إقليم الخروب وصولا الى مرتفعات المتن مرورا بالضاحيتين الجنوبية والشمالية وبيروت الادارية، مما يحل مشكلة النقص الحاد في المياه في بيروت وجبل لبنان، وسيستفيد منه 1,6 مليون لبناني، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 1,9 مليون في سنة 2035”.

وأكد المجلس “أن السد، لدى اكتماله، سيحول المنطقة مركز استقطاب سياحيا مزدهرا”، وطمأن إلى “أن من شأن خطة التعويض الإيكولوجي أن تعالج أية آثار له على الثروة الطبيعية والزراعية في المنطقة، حفاظا على التنوع الحيوي والإيكولوجي لمحيط المشروع”.

وشدد المجلس على أن مشروع سد بسري سيتطلب قطع قسم من الأشجار، ويبلغ عدد الأشجار المثمرة التي سيتم قطعها نحو 60 ألف شجرة وعدد الأشجار البرية نحو 60 ألف شجرة أيضا. وتتضمن المراحل اللاحقة من المشروع التعويض عن هذه الأشجار المقطوعة عبر تشجير المنطقة المحيطة بالبحيرة.

وستحدد خطة التعويض الإيكولوجي السبل التي ستُعتمد للحفاظ على ما يعادل (أو أكثر) من الثروة الطبيعية والتنوع البيئي المفقود جراء تنفيذ السد، بالإضافة إلى تحديد النطاق والمساحة البيئة المعاد إنشاؤها خارج موقع المشروع والمطلوبة للتعويض عن الفقدان الدائم و/أو الموقت للموائل الطبيعية الموجودة.

وأظهرت دراسة تقييم الأثر البيئي والإجتماعي أن إقامة بحيرة مياه خلف سد بسري يوفر استمرارية تدفق المياه داخل النهر طوال أيام السنة حتى خلال سنوات الجفاف، مما يحفظ التنوع البيولوجي والإيكولوجي في مجرى النهر وفي محيطه.

وأكد المجلس “أن حاجة المزروعات في المناطق والبلدات الواقعة في أسفل السد والتي تتغذى من البحيرة، قد تم أخذها في الاعتبار. وبالتالي سيتم تأمين مياه الري بشكل كامل من السد، من خلال تأمين جريان المياه داخل النهر على طول فترات السنة بهدف المحافظة على النظام الإيكولوجي للنهر”.

وأوضح المجلس “أن الاستشاري عقد اجتماعأ أول في 20 تموز الفائت في المختارة مع اتحاد بلديات الشوف الأعلى والسويجاني واقليم الخروب الجنوبي والبلديات الأساسية في محيط السد، بالاضافة الى ممثل وزارة البيئة ومحمية ارز الشوف. وفي 3 آب عقد اجتماعا آخر في مقر اتحاد بلديات جزين مع بلديات المنطقة. وهدف اللقاءان إلى تعريف البلديات وأهل المنطقة بالمشروع وأهدافه، وبالمقاربات والمبادئ العامة المتبعة في إعداد خطة التعويض الإيكولوجي، وإلى الأخذ بآرائهم في الخطة والتعرف منهم على الخصوصيات المتعلقة بالزراعات أو بالأراضي العامة المتوافرة في المنطقة، والاستحصال منهم على أفكار واقتراحات مفيدة يمكن تبنيها ضمن الخطة”.