IMLebanon

المجلس السياسي للتيار: “السلطة الأعلى” أم لزوم ما لا يلزم؟

كتبت رلى ابراهيم في صحيفة “الأخبار”:

بعد إنجاز انتخابات مجالس الأقضية في التيار الوطني الحر في كل لبنان، تنتخب هذه المجالس غداً المجلس السياسي للتيار. كان يفترض بالمجلس الحالي الذي انتخب في شباط 2016 أن يتابع مهماته لأربع سنوات، لكن ولايته اختصرت ليعاد انتخاب كل المجالس معاً. الأهم هنا، أو بالأحرى النقاش الجاري بين بعض المحازبين والأعضاء الحاليين، يدور حول وظيفة هذا المجلس ومهماته ومدى أهميته في ظل المجلس الوطني والهيئة السياسية.

لدى وضع النظام الداخلي للتيار الوطني الحر عام 2014، كانت للمجلس السياسي صلاحيات تقريرية، أهمها المشاركة في اختيار أسماء المرشحين للنيابة في المرحلة الأخيرة من الانتخابات الداخلية، واختيار أسماء الوزراء للحكومة. لكن التعديلات لاحقاً جرّدته من هذه الصلاحيات، وحصرت مهماته في الشق الاستشاري، أي معاونة رئيس الحزب في رسم السياسة الوطنية العامة للتيار قبل إحالتها الى المجلس الوطني. والسياسة الوطنية، هنا، تشمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والانتخابية، كما المواضيع الإنمائية والخدماتية. بمعنى آخر، ليس المجلس السياسي، سياسياً كما يوحي اسمه، إذ لا يشارك في القرارات السياسية اليومية الملحّة، بل يقوم عمله على ملفات متخصصة طويلة الأمد. لذلك يجتمع مرة شهرياً، لا أسبوعياً كما الهيئة السياسية (تضم الرئيس ونوابه والنواب والوزراء الحزبيين) التي تعدّ، حصراً، السلطة التقريرية في الحزب.

من هذا المنطلق، يرى البعض أن المجلس السياسي «لزوم ما لا يلزم بما أنه يتصرف على أساس الاستشاري الذي يطرح الأفكار ويناقشها ويعارض، لكن لا صلاحية له للتصويت على أي قرار. وبالتالي، فإن استشارته غير ملزمة للرئيس. واجتماعه الشهري أشبه بنادٍ لمن يرغبون في إفراغ ما في صدورهم».

في المقابل، هناك من يصف المجلس بـ«السلطة الأعلى في التيار كونها منتخبة، ولأعضائه فرصة الحضور على طاولة القرار والمشاركة في مختلف القصايا السياسية». يتعلق الأمر، هنا، بمدى نشاط الأعضاء المنتخبين (ستة)، ينضم إليهم الرئيس ونائباه ونواب الحزب ووزراؤه الحاليون والسابقون، إضافة الى ثلاثة أعضاء يعينهم الرئيس. إذ يمكن من يشاء من الأعضاء أن يربط نفسه بأي ملف، إنمائي أو خدماتي أو اجتماعي أو اقتصادي وغيره، ويعمل عليه لناحية الدراسات والآراء العملية والخطط المجدية، ويقدمه الى الرئيس بعد مناقشته مع الأعضاء وكسب موافقتهم. «أمام لوبيينغ وعمل مماثل»، يقول أحد المرشحين، «يستحيل على الرئيس عدم تبني الملف كاملاً وتقديمه الى المعنيين للتعاون في تنفيذه». وحتى في القضايا السياسية، «يمكن تقديم حلّ أو استراتيجية معينة لإشكالية سياسية عالقة بعد التشاور مع بقية الأعضاء وتحويلها الى ورقة ضغط على الحزب لإقرارها» بحسب أحد الأعضاء. ولكن ذلك، «يتطلب فريقاً مجتهداً ويرغب في العمل عوض أن يرخي يديه ما إن يفوز بالانتخابات».

هناك أعضاء لم يتكلموا سوى مرة أو مرتين على مدار الولاية

لكن، كيف يمكن أي عضو العمل على ملف ما في ظل جدول الأعمال الذي يضعه الرئيس حصراً قبيل كل جلسة؟ تجيب المصادر: «جدول الأعمال يقرره الرئيس والأمانة العامة. لكنه ليس منزلاً ويمكننا طلب مناقشة أي قضية من خارج الجدول. يتطلب الأمر طلب الحديث فقط. فالجلسة قبل كل شيء ساحة نقاش وتبادل أفكار وليست محاضرة أو ندوة».

صلاحيات «عالطلب»

تقويم تجربة العامين ونصف العام من عمر المجلس الحالي، يضعه عضو آخر في إطار «النسبية»، إذ يتغير بين شخص وآخر. «هناك أعضاء لم يتكلموا سوى مرة أو مرتين على مدار الولاية، وهناك من تسلّح بالصلاحيات التي يجيزها القانون، فشارك في طرح الأفكار، وتمكّن في أحيان كثيرة من تطوير وجهات النظر والتأثير فيها». ومنذ شهر تقريباً، باتت المهمات أكثر تخصصاً، إذ «قسمت الملفات على الأعضاء من زراعة ونفط وأشغال عامة ومرفأ ومطار وغيره، فأصبحت المسؤولية أكبر وتتطلب العمل جدياً لتقديم رؤية مفيدة ودفع التيار الى تبنيها». ويرى العضو أن الصلاحيات موجودة، «لكن هناك من يقرر تحجيمها لتبرير فشله، وهناك من يقرر استنفادها كاملة: من متابعة الانتخابات البلدية في القضاء، الى إعداد دراسات لحاجات القضاء، الى السعي لتنفيذ مشاريع بالتعاون مع البلديات، الى المتابعة السياسية بشكل عام ومراقبة عمل هيئة القضاء والهيئات المحلية، وتقديم شكوى إلى الرئيس بحق الهيئات في حال المخالفة».

الانتشار يشكو ضيق المهل

أما الشوائب، برأي بعض المسؤولين والأعضاء، فتكمن في طريقة الانتخاب التي تحولت من إمكانية الناخب الاقتراع لستة أعضاء مع اعتماد النسبية في احتساب الأصوات الى نظام الصوت الواحد لشخص واحد. وهو ما قد يخلق صراعات داخلية بين الأصدقاء وينمي الأحقاد بين أبناء الحزب الواحد. أما العامل السلبي الثاني، فهو عدم قدرة الأقضية الصغيرة على إيصال من يمثلها، إذ إن احتساب أصوات الأقضية يتم وفقاً لعدد المنتسبين في كل القضاء. ففي جبيل مثلاً، حيث العدد الأكبر من المنتسبين (يزيد على ثلاثة آلاف) يعادل كل صوت من الناخبين الكبار (أي أعضاء مجلس القضاء الخمسة المنتخبين) 14 صوتاً من مجموع الأصوات الناخبة في لبنان والاغتراب. فيما في مرجعيون، على سبيل المثال، الصوت الواحد لعضو مجلس القضاء يعادل صوتين لا غير، وفي بشري صوتاً واحداً. وبالتالي إذا حاز أحد المرشحين الى المجلس السياسي مجموع أصوات جبيل السبعين يرجح فوزه تلقائياً. وبعد جبيل، تأتي أصوات المتن الشمالي وعكار، حيث الصوت الواحد بـ 13 صوتاً. أما أصوات النواب وممثلي النقابات والاغتراب وغيرهم فيبقى صوتهم صوتاً واحداً لأي قضاء انتموا. وفي هذا السياق، برزت مشكلة لدى الانتشار سببها قلة تقدير منظمي الانتخابات للمهل، حيث أبلغ المسؤولون في مختلف الدول قبيل أسبوع بضرورة إرسال أصواتهم. وكان يتعذر على هؤلاء الاختيار مباشرة قبل دعوة الفريق كاملاً الى الاجتماع وذلك يتطلب وقتاً. مشكلة أخرى كان سببها تسليم لوائح الشطب نهار الجمعة الماضي، وهو ما صعّب مهمة المرشحين لأنهم وضعوا قبيل أسبوع أمام مئات الناخبين من الشمال الى الجنوب: «إننا بحاجة الى وقت كاف للتواصل مع الجميع، التعرف إليهم والسعي لاستقطابهم، لكن وقعنا في ضيق الوقت بعد تسلمنا لوائح الشطب قبيل أسبوع وأرقام هواتف الناخبين وبريدهم الإلكتروني نهار الثلاثاء الماضي». أما المرشحون الى المجلس السياسي، فبلغ عددهم 16 وهم: مالك أبي نادر، شربل خليل، جان رحمة، وديع عقل، نادين نعمه، روني جدعون، فايز النجار، وليد الأشقر، غسان عطا الله، جلبار سلامه، جوزيف فهد، الياس عزام، ميشال أبو نجم، زياد نجار (عضو حالي)، جيمي جبور (عضو حالي) وفادي كعدي.