IMLebanon

إيران.. من الاتفاق النووي حتى العقوبات

بعد مباحثات دامت 18 شهرا، وقعت إيران الاتفاق النووي في 14 تموز 2015 مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وتضم الدول الموقعة الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا.

وأتاح الاتفاق إنهاء سنوات عزلة إيران من خلال رفع جزء من العقوبات الاقتصادية الدولية بحقها، في المقابل، قبلت طهران الحد بشكل كبير من برنامجها النووي.

لكن في 8 أيار 2018 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من هذا الاتفاق وإعادة فرض عقوبات على إيران.

وفي حزيران 2013 انتخب حسن روحاني رئيسا لإيران. امتلك روحاني خبرات في مفاوضات الملف النووي تعود إلى 2003. وحصل على موافقة المرشد الأعلى آية الله خامنئي لإخراج المباحثات من الركود، وتعيين محمد جواد ظريف وزيره للخارجية مفاوضا.

​وفي نهاية تشرين الثاني توصلت المفاوضات إلى اتفاق لستة أشهر يحد من بعض الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة مقابل رفع جزئي للعقوبات.

وأبرم الاتفاق النهائي في 14 تموز 2015 بعد 12 عاما من الأزمة و21 شهرا من المفاوضات الصعبة.

إنهاء العزلة مقابل التخلي عن النووي

وتلتزم طهران بموجب الاتفاق بالحد من قدراتها النووية “أجهزة الطرد، مخزون اليورانيوم المخصب” خلال عدد من السنوات.

والهدف من ذلك هو جعل إمكانية صنع قنبلة نووية أمرا شبه مستحيل بالنسبة إلى إيران، وضمان حق طهران في تطوير صناعة نووية ذات طابع مدني.

بموجب الاتفاق، وافقت إيران على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم إلى 5060 فقط في مقابل 10200 عند توقيع الاتفاق، وتعهدت بعدم تجاوز هذا العدد لمدة عشر سنوات.

ووافقت طهران على تحويل المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل في أراك حتى لا يكون قادرا على إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، وذلك تحت إشراف الأسرة الدولية.

رفع العقوبات

دخل الاتفاق الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي في 20 تموز 2015، حيز التنفيذ في 16 كانون الثاني 2016 ما أفسح المجال أمام رفع جزئي للعقوبات الدولية على إيران، تلاه رفع العديد من العقوبات ما فتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية.

ونص الاتفاق على إبقاء الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية حتى 2020 و2023 على التوالي، إلا أن مجلس الأمن الدولي يمكن أن يعلن استثناءات في كل حالة على حدة.

رقابة دولية

وكلفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمراقبة المنتظمة لجميع المواقع النووية الإيرانية مع صلاحيات كبيرة.

وفي نهاية آب 2018 قالت الوكالة في تقريرها الفصلي إن إيران لا تزال تحترم أسس الاتفاق، وإن الوكالة وصلت “إلى المواقع والمنشآت التي رغبت في الوصول إليها في إيران”.

وأكدت الوكالة أهمية “التعاون الاستباقي في الوقت المناسب” من جانب طهران “لضمان الوصول إلى تلك المواقع”.

واشنطن تنسحب

في تشرين الأول 2017، رفض ترامب تأكيد التزام طهران بما ينص عليه الاتفاق، لكنه أكد أن بلاده لن تنسحب من الاتفاق الدولي حينها.

في 12 كانون الثاني 2018، مدد ترامب تعليق العقوبات الاقتصادية على إيران، لكنه اشترط “موافقة” من الأوروبيين من أجل “تصحيح الثغرات الكبيرة” في الاتفاق قبل 12 أيار.

لكن في 8 أيار 2018 أعلن الرئيس ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق وقرر إعادة فرض العقوبات على طهران وعلى جميع الشركات التي تتعامل معها.

وفي 7 آب أعادت واشنطن فرض العقوبات الاقتصادية القاسية بحق إيران والتي تستهدف المعاملات المالية والواردات من المواد الأولية.

وشملت الحزمة الأولى من العقوبات إجراءات تعاقب مشتريات قطاعي صناعة السيارات والطيران المدني.

بعد سلسلة عقوبات بحق طهران في آب 2018، تفرض واشنطن بداية من 5 تشرين الثاني حزمة عقوبات جديدة تستهدف النفط والغاز والبنك المركزي.

ما بعد الانسحاب الأميركي

في 8 أيار، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن بلاده يمكن أن توقف تطبيق القيود التي وافقت عليها بالنسبة إلى برنامجها النووي، وأن تستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجات أعلى إذا لم تعط المفاوضات مع الأوروبيين والروس والصينيين النتائج المرجوة.

في 9 أيار، طالب المرشد الأعلى للجمهورية آية الله خامنئي الأوروبيين بتقديم “ضمانات حقيقية” لإيران.

في 13 أيار، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة دبلوماسية تهدف إلى إنقاذ الاتفاق. وتعهد الأوروبيون في بروكسل بضمان موارد اقتصادية لإيران.

في 18 أيار، أطلقت المفوضية الأوروبية إجراء رسميا يهدف إلى تفعيل إجراءات من أجل التصدي لتداعيات العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية الراغبة في الاستثمار في إيران.

لكن مجموعات أجنبية عدة أعلنت منذ ذلك الحين عزمها وقف نشاطاتها في أو مع إيران خوفا من العقوبات.

في 21 أيار، هددت الولايات المتحدة إيران بالعقوبات “الأقوى في التاريخ” إذا لم تلتزم طهران بالشروط الأميركية للتوصل إلى “اتفاق جديد” يكون أشمل بهدف احتواء نفوذ إيران في المنطقة.

النفط الإيراني

في الثاني من تموز أعلن المدير السياسي في وزارة الخارجية الأميركية براين هوك أن بلاده عازمة على خفض صادرات النفط الإيراني “إلى الصفر”.

في 6 تموز، أعلن الأوروبيون وروسيا والصين إصرارهم على السماح لإيران بمواصلة تصدير النفط والغاز.

في 16 تموز رفض الأوروبيون طلب الولايات المتحدة عزل إيران اقتصاديا وأقروا آلية قانونية لحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية.

لكن في اليوم التالي، رفضت الولايات المتحدة بشكل حازم طلبات الأوروبيين بإعفاء الشركات الأوروبية العاملة في إيران من العقوبات الاميركية، وشددت على ضرورة عدم تشجيع أي تعامل تجاري مع طهران.

“تداعيات لم يختبرها سوى قلة”

في 22 تموز حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة من “اللعب بالنار”، مؤكدا أن نزاعا مع إيران سيكون “أم كل المعارك”.

ورد الرئيس دونالد ترامب بالتحذير من “تهديد الولايات المتحدة مجددا” تحت طائلة “مواجهة تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ”.

في 30 تموز، أعلن الرئيس الأميركي أنه مستعد للقاء القادة الإيرانيين “من دون شروط مسبقة” و”في أي وقت يريدون”.

ورد وزير الخارجية الإيراني بالقول إن “التهديدات والعقوبات وأساليب العلاقات العامة” الأميركية “لن تجدي”.

وقال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي إن الولايات المتحدة “غير جديرة بالثقة”.

معاهدة الصداقة

في 3 تشرين الأول الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية التي لجأت اليها طهران واشنطن بتعليق بعض العقوبات التي تستهدف مواد مستوردة “لأغراض إنسانية”.

​وأعلنت واشنطن إنهاء العمل بـ”معاهدة صداقة” مع إيران تعود الى 1955 والتي اعتمدت عليها المحكمة في قرارها. ولا توجد علاقات دبلوماسية بين طهران وواشنطن منذ 1980.