IMLebanon

ربط النزاع بين “حزب الله” والحريري كيف سيرتد على التأليف؟

كتبت صحيفة “اللواء”:

عندما وضعت «اللواء» قبل أيام «مانشيتاً» ذكرت فيه ان «حزب الله» اتخذ قراراً بأن لا يدخل الحكومة مع حليفه حركة «امل»، ما لم يكن أحد النواب السُنَّة الستة من 8 آذار وزيراً في الحكومة التي شكلها الرئيس المكلف سعد الحريري، حتى لو اقتضى الأمر، أن يمضي عهد «الحليف الإستراتيجي» للحزب الرئيس العماد ميشال عون، من دون تأليف حكومة، بدا الأمر مدعاة للعجب، والأخذ والردّ.. حتى إذا جاء الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، في كلمته السبت الماضي لمناسبة يوم «الشهيد» يتحدث عن سنة أو سنتين أو أكثر أو ألف سنة، فالحزب لن يتخلّى عن حلفائه السُنَّة، حتى لو مضت السنوات الأربع، وهم الذين وقفوا إلى جانبه في الشدائد، ومنعوا بوقوفهم إلى جانب المقاومة، منذ العام 2005 وقوع الفتنة السنّية – الشيعية، أو الشيعية- السنّية (لا فرق)، والحزب، إلى ذلك، يفتخر بعلاقته بهؤلاء، الذين لديهم حيثية، شعبية، عبَّرت عنها الانتخابات النيابية في أيار الماضي.

وفي التقرير الاخباري، الاثنين الفائت، تضمن الموقف، إعادة الكلام وتوسيع نظرة الحزب إلى حليفه التيكتيكي، أو الاستراتيجي (لا فرق أيضاً) التيار الوطني الحر، ومؤسسه، الرئيس الحالي للجمهورية، من زاوية الاختلاف أو التباين في النظرة إلى اشراك نواب سُنَّة 8 آذار في الحكومة، ولأنهم سُنَّة من حصة الرئيس المكلف، وجاءت مواقف السيّد نصر الله تصب في ما كتب…

ليس الهدف من هذا التذكير، سوى الإشارة إلى ان معطيات المشهد، الذي انتظره المراقبون طويلاً، تنذر بالإنحدار باتجاه، تسقط معه حسابات وتبنى حسابات أخرى.

فماذا في معطيات المشهد: 1 – حصر حزب الله مشكلته مع الرئيس المكلف، وأبعد التوتر عن «جبل بعبدا» وعن ميرنا شالوحي، حيث مقرّ التيار الوطني الحر، ورئيسه الوزير «الذكي» و«السحري» جبران باسيل، الذي استبق إطلالة السيّد نصر الله، بموقف جاء فيه: لا تقلقوا فالحكومة ستشكل، ولكن اقلقوا لأن الوقت نخسره، مع ما يترتب على خسارة الوقت من خسائر في تحقيق المشاريع أو الانتظارات، أو انجازات هي الآن في الذهن أو على الورق، أو على الخرائط، تحتاج «لأموال مرصودة»، وحكومة تضفي المشروعية على المشاريع وما أكثرها… (كما استبق الإطلالة بلقاء ليلي مع السيد نصر الله، تردَّد انه كان صريحاً، وفيه عتاب، حول ما قيل وأثير، بما في ذلك، ما كان يردّده «الإعلام البرتقالي» والوزير باسيل (الذي صار بقوة القانون النسبي نائباً ورئيساً لأكبر تكتل في المجلس النيابي) من أن العقدة الآن هي سنّية – شيعية.

ومع إدراكه لخطورة هذا التعبير، عقدة، الذي يُمكن ان يصبح «فتنة» دافع باسيل بأن الغاية، ليس تحريضاً (والله وحده يعلم ما في الصدور)، بل للقول ان المشكلة الآن، ليست مع بعبدا أو ما «ميرنا شالوحي» وليست عقدة مسيحية- سنّية، فالرئيس والرئيس المكلف، كلاهما متفقان ان التمثيل النيابي السُنّي، ليس منطقياً، فهو طارئ، والنواب هؤلاء، ينضوون في كتل، اثنتان منهما للشيعة، وثالثة لتيار المردة، المتحالف مع تيّار الكرامة برئاسة النائب فيصل كرامي.

بلغة، المنطق السفسطائي، البروتوغوراسي (نسبة إلى Protogoras) يُمكن لباسيل، الذي يلعب هذا الدور، وضع المعيار الذي يريد، والمعيار الذي يضعه هو الصحيح، حتى ولو كان من نوع صيف وشتاء (تحت سقف واحد).

2 – بدا السيّد نصر الله، في كلمته ممتعضاً إلى درجة لم يكن بإمكانه إخفاء معالمها، عبر الـ(mimiques) أو تعبيريات الوجه، واليدين، وحتى العينين والشفتين..

كاد الرجل ان يذهب إلى كشف المستور، لكنه اكتفى بإرسال إشارات الى: 1 – النائب السابق وليد جنبلاط من ان كلامه عن التأخير والوضع الاقتصادي ازعج الحزب.. ولينتظر جنبلاط أربعة أشهر (الوقت الذي استغرقه حلّ العقدة الدرزية) يتحدث عن تأخير حزب الله للحكومة فهم جنبلاط الرسالة وبعث برد لا ينسجم مع «الواقع» وفقاً لحزب الله، فما يجري ليس تصفية حسابات، أو مدافع ايرانية- سورية، وفقا للمنطق الجنبلاطي.

2 – إشارة إلى «القوات اللبنانية» الذي استغرق حلّ عقدتها خمسة أشهر، لكنه كشف ضمناً ان حزبه لم يجارِ حليفه بابعادها عن التمثيل في الحكومة، ولم يضع أيّ فيتو على تمثيلها ولا على عدد الحقائب التي حصلت عليها..

3 – على ان الأهم المساجلة مع الرئيس المكلف، من ان الحزب، لم ولن يدفع، لا بالأمس، ولا اليوم، إلى ابعاد الرئيس المكلف عن تأليف الحكومة، وهو قدّم التسهيلات المطلوبة في سرد قدَّمه الحزب على لسان أمينه العام، لا حاجة لإعادة ذكره.

على ان، الواضح، من سياق ما يجري ان الاشتباك الآن هو بين الرئيس المكلف وحزب الله، وان حاول السيّد نصر الله، فضّ الاشتباك عبر التكتيك التالي: – حزب الله لا يزال مع ان يؤلف الرئيس سعد الحريري الحكومة، ولا مشكلة على هذا الصعيد..

– الحزب غير معني بالمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الرئيس المكلف..

– الجهة المخولة بالتفاوض هي النواب السُنَّة الذين شكلوا كتلة دعيت «باللقاء التشاوري»…

– لا يعني الحزب قنوات التفاوض، مباشرة بين الكتلة- العقدة وبيت الوسط، أو غير مباشرة (وسطاء، أصدقاء مشتركون الخ) أو من خلال باسيل، الذي عرض ان يقوم بدور، مع انه غير معني بالعقدة اصلاً، التي هي عقدة سُنَّية- شيعية، بمنطق باسيل، الذي حلَّت عنده مكان التعددية المكوّنات الطائفية..

حدَّد حزب الله رؤيته، ومضى إلى الانتظار، أعلن عن تبنٍ، كامل لسُنَّة 8 آذار، وأعلن عن هدنة مع فريق القصر، واستعار من الرئيس المكلَّف تعبير «ربط النزاع» ليعلن عن «ربط نزاع» مع الرئيس المكلف، الذي لم يعد وفقاً للحزب كامل الحرية، لا في خياراته، ولا في قراراته..

والسؤال، الطبيعي- في ضوء ما تقدَّم، كيف سيتصرَّف الرئيس المكلَّف، الذي يُشارك في جلسات «ضرورة التشريع» مع كتلته التي تطلق اليوم آلية متحفظة على بنود الجلسات، بما في ذلك درس مسألة النصاب والخيارات المتاحة، سواء أكان عاد من العاصمة الفرنسية، ليل الأحد أو فجر الاثنين؟

استبق الرئيس الحريري، عودته، بالطلب على عدم التعليق، لا سلباً ولا إيجاباً على مواقف نصر الله التي وضعت في دوائر عدَّة بأنها كانت «نارية» باعتبار انه هو مَنْ سيتولى ترتيب الردّ، أو حتى عدم الردّ..

تجمعت لدى الرئيس الحريري معطيات، كثيرون يعتقدون انها ليست موجودة لدى سواه، فهو شارك، بدعوة رسمية في «منتدى باريس للسلام»، والتقى رؤساء وممثلين دول معنية بلبنان، كفرنسا وروسيا، ودول صديقة وشقيقة أخرى.. فضلاً عن المعطيات المتوافرة لديه عن مقررات مؤتمر «سيدر» التي تشترط وجوده على رأس الحكومة اللبنانية، لتأخذ طريقها إلى التنفيذ، بعدما كانت واحدة من مبررات «تشريع الضرورة» قبل ان يتحرَّر من ضغط الضرورة، ويصبح ضرورياً (بحد ذاته بتعبير هيغل).

بعد خطاب السبت، انتقل ربط النزاع بين الحريري وتياره والسيّد نصر الله وحزبه إلى «مكاسرة»!

لا خلاف في الشكل على المشهد… إلاَّ أن مجريات اليوم وغداً.. ستوضح الكثير من المسائل، بدءاً من علاقة الحريري بالنواب السُنَّة الستة وغيرهم.. الذين هم من عمر واحد أيضاً، وصولاً إلى مستقبل التأليف والتكليف والمؤلفين، وحتى الملحنين!