IMLebanon

هل هناك ما هو أبعد من تمثيل نواب “سنة 8 آذار”؟

كتب ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

لم يتمكن النواب السنة الستة المحسوبون على 8 آذار، حتى الآن من إقناع الرأي العام اللبناني بأن تحركهم المفاجئ يهدف الى تصويب التمثيل السني في الحكومة فقط، لأن اعتراضهم على عدم توزير أحدهم، لم يكن جديا قبل إعلان حزب الله تمسكه بتمثيلهم، وقبل وقت قصير من الشروع بإعلان التشكيلة الحكومية في 10 الجاري.

وحماس هؤلاء النواب «المستقلين»، بدا معزولا على المستوى السني العام، لأن المرجعيات الدينية لم تتعاطف مع مطالبهم، وحتى القوى السنية التي لا تنضوي تحت لواء تيار المستقبل، أعلنت تأييدها لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بما فيهم الجماعة الإسلامية والرئيس نجيب ميقاتي.

أوساط سياسية متابعة لما يجري ترى أن وراء تحرك النواب الستة أهداف تتجاوز موضوع المشاركة في الحكومة، وقد يكون الهدف الحقيقي عرقلة تشكيل الحكومة الى وقت طويل، ذلك أن هؤلاء النواب لا ينتمون الى كتلة واحدة، وهم شاركوا في الاستشارات النيابية ضمن كتل مختلفة.

كما أن ربط حزب الله مشاركته بالحكومة بتمثيل هؤلاء النواب الستة، فيه شيء من المبالغة السياسية، لأن موقف التضامن مع مطلبهم سياسيا شيء، وإعلان عدم مشاركة الحزب في الحكومة إذا لم يتمثلوا، شيء آخر.

وتتابع هذه الأوساط السياسية المتابعة: يبدو أن هناك مشروعا كبيرا يقف وراء تأخير تأليف الحكومة، وإذا ما تم حل عقدة النواب السنة الستة، سيتم إنتاج حجة جديدة لتأخير التأليف، لأن هناك قوى تريد إعادة النظر بـ «الستاتيكو» القائم، بعد أن شعرت بأن الشريك الداخلي لها (أي التيار الوطني الحر) يتراجع عن جزء من التزاماته، أو أن لديه حسابات خاصة تختلف عن حساباتها، واقتراح إقامة لوحة تخلد جلاء القوات السورية في نهر الكلب، على سبيل المثال، يؤكد هذا التعارض، حسب رأي الأوساط ذاتها.

وتتابع هذه الأوساط: هناك مشروع يبدو في الأفق، غايته إعادة النظر ببعض قواعد اتفاق الطائف، ويلغي الأعراف التي كرستها اتفاقية الدوحة في العام 2008.

ولا يهم عند القوى التي تعمل على تحقيق هذا الهدف إذا ما تفاقمت الصعوبات الاقتصادية في البلد، لأن هذه القوى بدأت تشعر بوطأة العقوبات المالية الأميركية عليها، وبالتالي فلا يهم إذا شعر الآخرون بالصعوبات ذاتها، لأن هذه الجهة ومن يقف خلفها من القوى الإقليمية تعتبر أن لبنان ورقة رابحة في يدها، يمكن أن تستخدم بفاعلية في المساومات الدولية والإقليمية لتعديل موازين القوى التي بدأت تتحرك في غير صالحها.

وما يؤكد مخاوف إطالة الأزمة الحكومية، كلام الرئيس نبيه بري عن «ترقيد الأزمة وتهميدها» بانتظار ظروف أفضل، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على أن الموضوع أكبر من قضية تمثيل سنة 8 آذار، بل هناك ما يشبه إعادة النظر بالتوازنات القائمة في تقاسم السلطة.

والاستنفار السني العام في الالتفاف حول الرئيس المكلف لرفض الشروط عليه، يؤكد أن المكون السني يشعر بالاستهداف، ولديه حساسية مفرطة من تدخل بعض جهات قوى «الممانعة» في شؤونه.