IMLebanon

المُعوّقون يُقاضون “الداخلية” لإنكارها حقّهم في الانتخاب

كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:

نحو أربعة آلاف مُعوّق حُمِلوا خلال الانتخابات النيابية الأخيرة كي يتمكنوا من الوصول إلى مراكز الاقتراع وممارسة حقهم في الانتخاب، وفق ما صرّح به وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في السادس من أيار الماضي.

آنذاك، أقرّ المشنوق، ومعه رئيس الحكومة سعد الحريري، بتعرّض المعوقين لانتهاكات جمّة. هذه الانتهاكات أحصتها “الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات” (lade) وقدّرتها بأكثر من 900 انتهاك.

هذا الإقرار والاعتراف بتقاعس الدولة عن تنفيذ واجباتها تجاه المُعوّقين لضمانة ممارسة حقهم في الانتخاب لجهة تجهيز الأماكن العامة ومراكز الاقتراع وما نتج عنه من مسّ بكراماتهم الشخصية، شكّلا ركيزة أساسية للجوء كل من “الاتحاد اللبناني للأشخاص المُعوّقين حركياً” ومديرة مركز الدراسات اللبنانية في الـLAU مهى شعيب ومؤسسة جمعية حل.تك أمل الشريف إلى مُقاضاة وزارة الداخلية والبلديات.

فبتاريخ الثالث من الشهر الجاري، وتزامناً مع اليوم العالمي للمُعوّقين، قدّمت الجهات المذكورة ثلاثة طلبات تعويض إلى الوزارة “تمهيداً لمقاضاتها أمام مجلس شورى الدولة في حال الرفض”، على حدّ تعبير الباحثة في “المُفكرة القانونية” ميريم مهنا.

وفق الأخيرة، فإنّ تقاعس الدولة عن تنفيذ واجباتها أدّى إلى إلحاق ضرر كبير تمثّل في أمرين: الأول، حرمان عدد كبير من الأشخاص المُعوّقين من الإدلاء بأصواتهم، وتالياً من ممارسة حقّ أساسي مكرّس لهم في المواثيق الدولية، وهو المُشاركة الفاعلة في الحياة السياسية.

والثاني، حرمانهم من كرامتهم بسبب الخيار المعطى لهم بأن يتم حملهم بغية الاقتراع، أي بشكل ينتقص من كرامتهم ويعرضهم للخطر (نتيجة حملهم من قبل أشخاص غير مختصين وخلافاً للأصول). كلام مهنا جاء خلال المؤتمر الصحافي الذي دعت إليه “المُفكرة القانونية” بالتعاون مع الجهات الثلاث المعنية، والذي عُقد، أمس، في مقر “المُفكرة” في بيروت تحت عنوان “الخطوات المُتّخذة لمساءلة الدولة بشأن إنكارها حق الأشخاص المُعوّقين بالانتخاب”.

اللافت هو ما تُشير إليه المُفكّرة لجهة أن الضرر الناجم عن حمل الاشخاص المعوّقين حركياً له أثر قانوني، «إذ يعتبر اجتهاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بما لا لبس فيه أن حمل الأشخاص المعوّقين بسبب غياب التأهيل، يُعتبر “معاملة لا إنسانية وحاطّة بالكرامة”»، وهي معاملة تحظرها المادة 3 من المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، والموازية للمادتين 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

الانتهاكات لا تقتصر على المُعوّقين حركياً، فالحديث عن الغياب التام للتجهيزات الهندسية لمراكز الاقتراع يشمل عدم احترام حاجيات الصم والمكفوفين أيضاً.

تقول رئيسة “الاتحاد اللبناني للأشخاص المُعوّقين حركياً” سيلفانا اللقيس إن الجمعيات التي تُعنى بحقوق المعوّقين قدّمت منذ عام 2005 خطّة تتضمّن نماذج للتقنيات المطلوبة لإجراء العملية الانتخابية، مُشيرةً إلى انتفاء الذرائع التي تستخدمها الدولة في كل مرة لتبرير تقاعسها، ولافتةً إلى أنّ لجوء الاتحاد الى القضاء يعني “تمسّكنا بخيار الدولة وإصرارنا على حقّنا في تحسين واقعنا الاجتماعي والاقتصادي عبر الانتخاب، وهو ما يُعدّ الهدف الأبرز لممارسة العمل السياسي”.

المُفارقة أنّ الدولة دأبت منذ عام 2009، وفق المؤتمرين، على تقديم الوعود بأنها ستقوم بما يلزم لتأمين حق الانتخاب للمعوقين عند أول استحقاق انتخابي، لكنها أخفقت في الإيفاء بأي من هذه الوعود في ثلاث دورات انتخابية أجريت منذ صدور مرسوم الإجراءات والتدابير المتعلقة بتسهيل مشاركة المعوّقين في الانتخابات النيابية والبلدية (الانتخابات البلدية والاختيارية لعامي 2010 و2016، والانتخابات النيابية لعام 2018).