IMLebanon

من هو المتضرر من افتعال التوتير؟

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

بصرف النظر عن تفاصيل الحادث الذي حصل في الجاهلية، والذي تعود مهمة توضيحه والمسؤوليات الناتجة عنه إلى القضاء، ولقوى الأمن الداخلي المؤتمنة على سلامة كل اللبنانيين، حفل الأسبوع المنصرم بتطورات سياسية وأمنية مهمة، كان لها آثار كبيرة على الساحة اللبنانية.

إن أهم ما سجل في هذا الأسبوع، كان البيان الذي صدر عن قيادة الجيش على أثر إلقاء القبض على مجموعة من 57 شخصا مسلحين في الشوف، تمت إعادتهم عن طريق البقاع بعد أن رفض أهالي البلدات الشوفية الذين افترشوا الساحات، عودتهم عن طريق بلداتهم، وتم توقيف هؤلاء ومصادرة سلاحهم. وبيان قيادة الجيش كان صارما لناحية تأكيد حصول التظاهرة المسلحة، ولناحية التحذير الواضح من أي لعب بالاستقرار الأمني. وهذا البيان لا يصدر من دون غطاء سياسي واضح. والغطاء السياسي في هذه الحالة يأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب، بما في ذلك معرفة موازين القوى الداخلية والدولية، وقيل أن رسائل دولية وصلت في تلك الأثناء، توحي بأن الاستقرار في لبنان ليس ورقة تفاوض بأيدي أحد.

ويعتبر موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أثناء تدشينه للمكتبة الوطنية في بيروت نهار الثلاثاء الماضي، مهما جدا في ذات السياق، وشكل ردا واضحا على محاولات افتعال توترات أمنية، وتعريض الاستقرار للاهتزاز. قال الرئيس: ليس بمقدور أي من المجموعات او الأحزاب تهديد السلم الأهلي، والاستقرار في لبنان خط أحمر، والقوى الأمنية والعسكرية للدولة قادرة على منع أي تهديد للسلم الأهلي.

ترى أوساط سياسية متابعة أن موقف رئيس الجمهورية وقيادة الجيش واضحان لناحية تأكيد أن تهديد الاستقرار في لبنان ممنوع، وهذا الاستقرار الأمني ليس ورقة يمكن أن يستخدمها أي من الأطراف السياسية اللبنانية أو الإقليمية في مواجهة ضغوط يتعرض لها، كما لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بوجود المربعات الأمنية في الجبل والتي تهدد حياة المواطنين.

أحداث الأسبوع كانت موجهة مباشرة ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وضد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ولكن الاستهداف غير المباشر يشمل مروحة أوسع من القوى، وصولا الى إرساء معادلة جديدة في لبنان، مرتبطة بالمعادلة السورية. إن الذين شاركوا في توتير الوضع إعلاميا وميدانيا، هم مجموعات محسوبة سياسيا على جهة إقليمية، وبدا ذلك واضحا، كما أن أغلبية الذين شاركوا في تظاهرة وطى المصيطبة وعراضة الشوف، معروفين في انتماءاتهم وجنسياتهم.

في المحصلة، وعلى عكس ما توحي بعض التصريحات او التحليلات، فإن خسارة أصابت الفريق السياسي الذي افتعل التوتير، لأن جمهور الجبل – لاسيما الدروز – لم يتجاوبوا مع أي من نداءاتهم، بل على العكس، بدا امتعاض الأغلبية الساحقة من هؤلاء واضحا، لأنه لا يوجد أي مبرر سياسي للتوتير، واللبنانيون يخافون من تعميم التجربة الدامية التي حصلت في سورية على لبنان بواسطة هذه المجموعات المسلحة، في وقت تعاني الناس من أزمة معيشية خانقة. كما أن أغلبية الفئات الشعبية استنكرت التهجم الذي طال رموز الدولة والقيادات الأمنية والقضائية.