IMLebanon

نتنياهو خسر الجولة الأولى.. ويراهن على “التدويل”

“درع الشمال” والمعركة الديبلوماسية الموازية: نتنياهو خسر الجولة الأولى.. ويراهن على “التدويل”

أعلنت إسرائيل في سياق عملية «درع الشمال» أن جيشها اكتشف نفقا رابعا على الحدود مع لبنان، ولكن لم يعد للإعلان عن وجود أنفاق جديدة وقع وتأثير، ولا يضيف الى الصورة والمعطيات شيئا جديدا، بعدما أسفرت الجولة الأولى عن خسارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي فشل في تحقيق أهدافه وفي تطبيق خطته التي ليس في بنودها شن حرب جديدة ضد حزب الله والقيام بعملية عسكرية لتدمير الأنفاق.

الخطة والأهداف التي وضعها نتنياهو وفشل في تحقيقها حتى الآن تتضمن البنود التالية:

1 ـ التحريض في الداخل اللبناني، تحريض الحكومة والقوى السياسية والشعب اللبناني ضد حزب الله لأنه تسبب عبر الأنفاق الهجومية التي يحفرها وانتهاكه للقرار 1701 في تعريض أمن ومصالح لبنان للخطر.

ولكن تبين أن الموقف اللبناني، وفي موازاة صمت حزب الله المطبق، كان هادئا في تفاعله وتعاطيه مع هذه المسألة، ولم تظهر عليه علامات القلق والهلع.

فالموقف الرسمي جاء متماهياً مع الموقف السياسي لمختلف الأفرقاء، ان لجهة اعتبار الاتهامات الإسرائيلية «مزاعم وادعاءات»، أو لجهة إثارة مسألة الخروقات الإسرائيلية المتواصلة للقرار 1701، فلا يكون حزب الله هو البادئ في الخرق، هذا إذا ثبت أن هناك أنفاقا حفرها على الحدود باتجاه إسرائيل.

2 ـ التعبئة داخل إسرائيل للأحزاب والرأي العام حول خطر قادم من الشمال، وبما يدفع الى الالتفاف حوله وتعزيز صورته وتظهير قوته، وإظهار نفسه في موقع المدافع عن أمن إسرائيل والمتصدي للخطر الذي يشكله حزب الله وإيران.

ولكن نتنياهو لم يتمكن من إنتاج مناخ إسرائيلي مؤيد له ومتحمس لأهمية هذه الخطوة ومفاعيلها، في مضمونها وتوقيتها وخلفياتها، ولم ينجح في إقناع العديد من الجهات السياسية والإعلامية بحجم الإنجاز العملاني والاستخباري المحقق، ولم يستطع أن يبدد شكوك الكثيرين في الداخل الإسرائيلي إزاء خلفية وأهداف الضجة التي يتعمدها وعلاقتها بأزماته القضائية والحكومية، وحيث صدرت في إسرائيل انتقادات واتهامات لنتنياهو بأنه يركب موجة «حرب أنفاق» حزب الله لغرض التستر على لوائح اتهامات الفساد ضده.

3 ـ استثمار هذه الواقعة الحدودية لدى الإدارة الأميركية لرفع درجة الضغوط على الحكومة اللبنانية التي تتهمها إسرائيل بالتواطؤ مع حزب الله والتستر على أعماله المعادية لها.

وهذا ما طلبه نتنياهو في اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي بومبيو في بروكسل، مقترحا تجميد المساعدات للجيش اللبناني، وفرض عقوبات اقتصادية تطول اقتصاد لبنان ومصارفه ونظامه المالي، ولكن نتنياهو لم يلق تجاوبا ولمس حرصا أميركيا على مواصلة دعم الجيش اللبناني الذي أثبت فعالية ونجاحا، وحرصا أيضا على عدم دفع لبنان الى وضع من عدم الاستقرار والفوضى.

 

4 ـ تلويح حكومة نتنياهو بإدخال تعديلات على مهمة وعمل القوات الدولية في جنوب لبنان، وعلى التفويض المعطى لها دوليا، بحيث تتحول من قوة مراقبة الى قوة مواجهة لأنشطة حزب الله في لبنان.

ولكن هذا التوجه قوبل بشكوك فورية من الدول المنضوية في هذه القوات وتحذيرات تقول إن أي تغيير في تفويض القوة الدولية من شأنه أن يؤدي الى إنهاء وجودها من الأساس، وإذا وسع مجلس الأمن التفويض، فقلة من البلدان سترسل جنودها الى لبنان وسيكون هذا التوجه غير واقعي.

لا يبقى أمام نتنياهو إلا تدويل ملف الأنفاق، أي نقله الى مجلس الأمن للاستحصال على قرار دولي يدين حزب الله ويرفع درجة الضغط السياسي الدولي عليه واعتباره حزبا إرهابيا، وهذا ما يدفع الاتحاد الأوروبي الى استصدار قرار يوقف التمييز بين الجناح العسكري للحزب وجناحه السياسي، وإدراجه بشكل كامل على لائحة الإرهاب الأوروبية.

قبل أيام عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لم تقدم لإسرائيل ما تصبو إليه. فقد حصل توافق في هذه الجلسة على طلب إجراء المزيد من التحقيقات في شأن اتهامات إسرائيل لحزب الله بحفر أنفاق عبر الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، وعلى ضرورة أن تتمكن القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) من القيام بكل مهماتها وأن تقوم وحدات الجيش اللبناني بمنع أي انتهاكات للقرار 1701.

وأعلن الأعضاء رفضهم أي انتهاك للقرارات الدولية التي تمنع أي وجود للمسلحين وللأسلحة غير التابعة للدولة اللبنانية بين جنوب الليطاني والخط الأزرق، فضلا عن رفضهم أي انتهاك للسيادة اللبنانية، وشددوا على أنه يجب على الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى التابعة للدول أن تبسط سيطرتها على كامل المنطقة بالتعاون مع «اليونيفيل».

وغدا، يلتئم مجلس الأمن في جلسة علنية للبحث في ترتيبات ما بعد الكشف عن الأنفاق في مواجهة حزب الله، ولدراسة السبل الكفيلة بالتعامل مع هذا الموضوع، وستحاول إسرائيل الدفع باتجاه استصدار قرار دولي جديد يذهب الى أبعد من حدودها الشمالية مع لبنان. إسرائيل مهدت لذلك عبر حملة ديبلوماسية وإعلامية، تريد استصدار قرار دولي يضع مجمل الأنشطة الإيرانية المباشرة أو التي تتم عبر حزب الله تحت رقابة دولية، وبما يؤدي الى أن تصبح الحدود اللبنانيةـ الإسرائيلية والحدود اللبنانيةـ السورية، والحدود السوريةـ العراقية، تحت رقابة دولية.

إسرائيل تضع كل أنشطة إيران العسكرية في سلة واحدة: مصانع الأسلحة والصواريخ ـ مخازن الصواريخ ـ الأنفاق، وإسرائيل تتعامل مع سورية ولبنان كساحة واحدة وجبهة واحدة، ولا تفرق بين إيران في سورية وحزب الله في لبنان.