IMLebanon

الحكومة قبل الميلاد

بعد ثمانية أشهر من التعطيل والعرقلة وإضاعة الوقت والجهد وإثارة الـ«لا ثقة» بالنظام المصرفي والمالي في البلاد، قرّر الجميع الركون إلى التسوية وتقديم التنازلات. وأعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي تولى إخراج عملية التسوية أمس أن «كل العقد حلّت»، وعليه فإن المؤشرات تفيد بأن الحكومة سترى النور قبل عيد الميلاد

كان بإمكان الرئيس المكلّف سعد الحريري، حرصاً على استقرار البلاد، اقتصادياً وسياسيّاً، أن يختصر الوقت، ويوفّر على البلاد أشهراً من الفراغ الحكومي، على الأقل منذ بداية تشرين الأوّل الماضي، ويعترف بنتائج الانتخابات النيابية، وبحقّ نوّاب اللقاء التشاوري بالتمثيل. لكنّ العناد والمكابرة، ورفض خيارات الكثير من ناخبي البقاع الغربي وبيروت والشمال وصيدا، أخّرت انصياع الحريري للواقع الجديد، وقبوله أخيراً بمشاركة أخصامه في الساحة السنيّة، بحصّة الطائفة في الحكومة. وهنا، تكمن النتيجة الأبرز للتسوية التي أُخرجت أمس، إذ أنها أنهت للمرة الأولى منذ 2005 احتكار تيار المستقبل للتمثيل السني، وثبّتت في أي حكومة مقبلة ضرورة تمثّل اي مكوّن يتمتع بحيثية في هذه الطائفة، تعبّر عنها الانتخابات النيابية.

وفي معلومات «الأخبار» ان معالم التسوية النهائية القائمة على «لا احتكار ولا إلغاء، ولا فرض ولا رفض، وعلى تنازل من كل الجهات»، كما أشار وزير الخارجية جبران باسيل أمس، رُسمت منذ الأسبوع الماضي في اللقاءين اللذين جمعا الأخير بالحريري وبرئيس هيئة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا. لا بل أن مصادر مطلعة أشارت الى التسوية ربما تضمنت اتفاقاً أولياً على اسم الوزير السني، بعدما أيقن الحريري استحالة تجاوز مطلب اللقاء التشاوري بالتمثّل، وأيقن باسيل أن «للمصلح ثلثي القتلة» كما صرّح لدى بدئه مبادرته قبل أسابيع من عين التينة.

في الوقائع، وبحسب مصادر معنيّة بالتشكيل، بات واضحاً أن الاتفاق على الصيغة النهائية للحكومة سيكون محسوماً قبل عيد الميلاد، بعد أن تسلّم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس أكثر من أربعة أسماء، وسلّمها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ليختار منها اسماً، كون الوزير سيكون من حصّة الرئيس. وبات محسوماً، أيضاً، اجتماع الحريري بنواب «التشاوري» قبل صدور مراسيم التشكيل، وليس بالضرورة استقبالهم. ومن المرجح أن يعقد الاجتماع في قصر بعبدا برعاية عون بعد عودة النائب فيصل كرامي من العاصمة البريطانية.

وفيما لم يعلن رسمياً عن الأسماء التي تضمنتها الورقة التي رفعها إبراهيم لعون، إلّا أن أكثر من مصدر أكّد لـ«الأخبار» أن التسميات توزّعت على الشكل التالي: النائبان عبد الرحيم مراد والوليد سكريّة سمّيا حسن عبدالرحيم مراد، واقترح كرامي اسم مستشاره عثمان مجذوب، والنائب عدنان طرابلسي القيادي في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ومرشّح الجمعية في طرابلس طه ناجي. وبينما امتنع النائب جهاد الصمد عن تقديم اسم مقترحاً أن يقوم اللقاء التشاوري بطرح اسم واحد، لم يُحسم إن كان النائب قاسم هاشم اقترح اسم رئيس مركز «الدولية للمعلومات» جواد عدرا أو مدير البروتوكول في مجلس النواب علي حمد. ورجّح أكثر من مصدر أن يكون عدرا الأوفر حظّاً، خصوصاً أن باسيل ذكر اسمه قبل نحو أسبوع كمرشّح جدي لشغل المقعد السني السادس، وهو غير محسوب مثل باقي الأسماء على قوى 8 آذار، وتربطه علاقات جيدة مع مختلف القوى السياسية.

مصادر مطلعة على طبخة التأليف أشارت الى استمرار وجود «بعض المشاكل» التي تحتاج الى حل قبل خروج الحكومة الى النور، ومنها اعتراض حزب الطاشناق على حصول القوات اللبنانية على مقعد أرمني مع حقيبة، ما يعني حرمانه من حقيبة وزارية كما جرت العادة في حكومات ما بعد الطائف.

وفي وقت تنتظر الحكومة جملة من التحديّات الاقتصادية والسياسية والأمنية، في ظلّ الملفات العالقة والضغوط الخارجية والنشاط الإسرائيلي المعادي على الحدود الجنوبية، برز أمس موقف أميركي أوّلي من الأنباء عن قرب التوصّل إلى تشكيل الحكومة. إذ لفت مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن «واشنطن تأمل في أن تبني الحكومة المقبلة في لبنان دولة آمنة مستقرة وتعمل مع أميركا في المجالات ذات الاهتمام المشترك»، وأشار إلى أن بلاده «لديها مخاوف كبيرة إزاء تنامي القوة السياسية لحزب الله داخل لبنان».