IMLebanon

هذا ما رواه القاتل عن جريمة عربصاليم… و”حزب الأمير”!

كتبت كاتيا توا في “المستقبل”:

حزب جديد خرج إلى الضوء بعد جريمة قتل شهدتها بلدة عربصاليم في النبطية في التاسع من شباط الماضي، إثر مقتل عماد حسن على يد الموقوف مازن عمار الذي اعترف أمام محكمة الجنايات في بيروت بارتكابه الجريمة، «لأنني خفت منه».

كان الجاني والمجني عليه في «خندق واحد»، من ضمن مجموعة ما يُسمى «حزب الأمير» الذي قاده الشيخ «غير المعمم» والمتهم في الجريمة محمد فواز المتواري عن الأنظار، والذي يتبع لمرجع ديني مقيم في إيران يدعى أحمد النجفي، وكانت تربطه بالمغدور علاقة تجارية من خلال بيع عقارات، إلى أن وقع الخلاف بين الرجلين، فواز وحسن حيث كان الأخير مقتنعاً بوجود «تواصل بين الشيخ النجفي والإمام المهدي»، واعتبر نفسه بعد اكتشاف عدم صحة ذلك مخدوعاً، محمّلاً المسؤولية إلى فواز، لتقع بالتالي القطيعة بينهما.

وقائع.. واعترافات

في جلسة «مسائية» امتدت إلى الساعة التاسعة والنصف ليلاً، استجوب رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي طارق البيطار وعضوية المستشارتين القاضيتين فاطمة ماجد وميراي ملاك، المتهم الرئيسي مازن عمار وموقوفَين آخرَين، ورفع الجلسة إلى الثالث من كانون الثاني المقبل لاستجواب باقي الموقوفين الثلاثة وسماع إفادتي ابنتي المغدور كشاهدتين.

في تلك الجلسة، كرر المتهم عمار أكثر من مرة أنه «لا توجد مجموعة»، إنما هو تعرف على الشيخ فواز، وهو غير معمم، على مقاعد الدراسة الجامعية في العام 2000، فكان يرافقه إلى الأماكن المقدسة في العراق وخلال زيارته إلى إيران حيث التقيا هناك الشيخ أحمد النجفي ونشأت صداقة بينهما. ويوضح المتهم أنه كان «يستشير الشيخ محمد في أمور فلسفية إنما أنا اتبع السيد السيستاني»، مضيفاً «أنا غير ملتزم دينياً أو على الأصح غير متزمت».

حاول القاضي البيطار أن يستشف من المتهم مدى العلاقة التي تربطه بفواز خصوصاً أن الأخير متهم بالتحريض على قتل المغدور، ليسارع عمار إلى القول: «هو صديقي ليس أكثر»، فهو «لا قائدي ولا قدوتي»، إنما «أوضح لي أموراً كثيرة في الدين لم ألمسها من مشايخ أخرى».

أما عن المغدور، فأشار المتهم إلى أنه كان «معنا ويشاركنا في مجالس العزاء في الضاحية الجنوبية حيث كنا نلبي دعوة أحد الأشخاص لذلك، إلى أن ابتعد عنا إثر الخلاف مع الشيخ محمد فواز بعدما اعتبر نفسه مخدوعاً كونه كان مقتنعاً بأن الشيخ يتواصل مع الإمام المهدي»، ويقول المتهم في هذا المجال عن نفسه: «كنت أنا أيضاً مقتنعاً بذلك إلا أننا اكتشفنا لاحقاً أن هذا الأمر غير صحيح بعدما وقع الخلاف بين الشيخين النجفي وفواز منذ أكثر من سنتين».

وعن العلاقة بين المتهم فواز والمغدور، قال عمار إنه كانت لديهما مصالح مشتركة في مجال العقارات إنما «لم يكن عماد يقدم لنا المال إنما كان يرسل مبالغ إلى النجفي».

ويوضح المتهم أنه سبق أن اشترى من عماد شقتين في محلة الرويس، إنما بسبب التفجيرات الإرهابية التي شهدتها المنطقة باعهما وانتقل للسكن في عربصاليم كون رفاقه من المتهمين يقطنون هناك، «فكنا أصدقاء نحن وعماد».

وكيف انقلبت هذه الصداقة إلى عداوة؟ – سأله رئيس المحكمة – فقال: «إن عماد امتعض بعد أن قطع الشيخ فواز علاقته بالشيخ النجفي واعتبر نفسه مخدوعاً، وفي إحدى المرات نشب شجار بينهما في الاستراحة التي أملكها حيث وجه عماد عبارات مسيئة إلى الشيخ، وطلبت منه عدم التحدث معه بهذه الطريقة». ويتابع المتهم قائلاً: «بعد أسبوعين من ذلك، انفجرت عبوة في استراحتي حيث عثرت حينها على رسالة تهديد تتضمن عبارات شتم وعرفت من صياغتها أن عماد يقف وراء ذلك».

يزعم المتهم أنه لم يكن يعلم أن ما حصل لاستراحته ناتج عن عبوة ناسفة حيث كان يعتقد أنها عملية «كسر وخلع»، إنما بعدما علم بحقيقة ذلك من المحققين «بدأت أشعر بالقلق الشديد»، خصوصاً أن «عماد دأب على التعرض لي بالكلام والحركات».

تفاقمت الأمور بين الجاني والمغدور بعد مسألة «شيك مقابل شقة اشتريتها منه»، أما عن حقيقة تناول المغدور المتهم وباقي المتهمين و«أميرهم»، بالسوء بأنهم «شاذون وخارجون عن الدين»، قال المتهم إن ه«كنا نسمع بذلك من الناس في البلدة وجرى التداول بذلك عبر الواتساب في منطقة النبطية وليس في البلدة فقط».

وهل أن هذا الامر دفعك لقتله؟ – سئل المتهم – فقال: «أنا لم أخطط لقتله»، نافياً أن يكون الشيخ محمد طلب منه ذلك «إنما على العكس». وبعدما أوضح المتهم أن كلمة «تقتلو» تعني جنوباً «تضربو»، أفاد بأن ما قصده المتهم الآخر حيدر م. بالقتل هو الضرب عندما قال له:«هيدا (أي عمار) ما بينقتل»، وتابع: «أن حيدر أبلغه أن عماد أو من ينوب عنه يحضران مقابل الشقق (التي يقيم فيها الشيخ وثلاثة متهمين آخرين) حيث توجد نسوة ما أثار استياءنا، وعندما فاتحت حيدر بالأمر قال لي إن عماد مدعوم ولا يمكن أن نفعل معه شيئاً».

وسئل: هل هددك عماد مباشرة بالقتل؟ فأجاب عمار: «كلا، إنما كان يقوم بحركات كثيرة واستفزازات تنم عن تهديدات ورسالة العبوة هي تهديد قاسٍ لي».

وبعد أن أوضح أنه اشترى بندقية بهدف الصيد وذلك قبل ثلاثة أشهر من الجريمة، أنكر ما ذكره في التحقيق الأولي بأنه اشترى البندقية بسبب المشاكل مع المغدور، وقال إنه اشتراها للصيد إنما «كنت أضعها في سيارتي خوفاً من أن يتعرض لي عماد حسن، ولم استخدمها بتاتاً في الصيد لأن أحد الموظفين لدي ترك العمل، ولم يكن لدي الوقت الكافي للذهاب إلى الصيد».

وأفاد المتهم أن البندقية التي استخدمها في الجريمة كان بداخلها ثلاث طلقات وهي تتسع لأربعة. أما عن سبب إخفائها في سيارته، فروى المتهم بأنه قبل أسبوعين من الجريمة شاهد سيارة فان بداخلها أصدقاء لعماد حسن، وكانت تجوب المنطقة يومياً ويرمون بنظرهم إلى استراحته «لذلك خفت ووضعت الطلقات في البندقية»، فضلاً عن كونه يقصد ليلاً أثناء عودته إلى المنزل طريقاً وعرة ومقفرة.

هذه الرواية لم يذكرها المتهم سابقاً في مراحل التحقيق، ولدى سؤاله عن سبب عدم ذكرها، أكد أنه فعل ذلك إنما لم يجر تدوينها.

وهل حصل أي اتفاق بينه وبين باقي المتهمين على قتل المغدور بتحريض من محمد فواز، نفى المتهم عمار ذلك وأكد أنه تواصل مرة واحدة وعبر خدمة الواتساب مع فواز قبل سبعة أيام من الجريمة حيث كان الأخير في سويسرا.

أما يوم الحادثة فقال: «كان لدي بعض الوقت للذهاب إلى الاستراحة، فقصدت المنزل بعد أن قمت بأمور عدة، واثناءها التقيت بعماد صدفة فاستوقفني بعد أن أشار إلي بيده». ويوضح المتهم أن البندقية كان قد وضعها في جيب سقف السيارة، وعندما عاد بسيارته إلى الوراء قال له عماد: «شو باك»، فرد عليه: «أنت شوباك»، ثم توجه إليه قائلاً: «ما بدك تحل عني»، وعندها قام عماد بشتمه والتعرض له بالإهانات، كما تناول عرضه، الأمر الذي أثار استياء المتهم فقال للمغدور: «أخرس يا حيوان» فزاد شتمه له، ثم ضرب المغدور يده على «تابلوه» السيارة فخاف حينها المتهم الذي يعلم بأن المغدور هو مسلح دائماً، فتناول حينها البندقية وأطلق النار بعد أن رفع يديه إلى الأعلى باتجاه المغدور.

وهل تعني هذه الحركة برفع يديه أنه أراد أن يصيب المغدور كون الأخير كان على مستوى أعلى منه، فأوضح أنه كان يُشاهد طرف رأس المغدور وأطلق النار داخل السيارة «على الرعبة»، وأن الطلقات خرجت تلقائياً كون البندقية أوتوماتيكية.

ولماذا أطلقت النار على المغدور؟ أجاب: «عندما ضرب يده على التابلوه خفت وأنا لم أقصد قتله ولا أعرف كيف حصل ذلك».

ولاحظ رئيس المحكمة أن المتهم لا يبدو «منزعجاً»، وهو يتحدث عن كيفية إطلاقه النار على المغدور فسأله: «لم ألمس أنك منزعج مما فعلته»، فرد المتهم: «لأن الحادثة مضى عليها عام ولو شاهدتني إثرها لكان الوضع اختلف». وأوضح أنه كان متوجهاً إلى مخفر كفرجوز لتسليم نفسه بعد الحادثة إلا أنه اتصل بالمتهم بلال خ. وأعلمه بأنه «طرقت عماد»، أي أنه أطلق النار عليه ولا يعلم ما حل بالأخير، وكان حينها منهاراً ويبكي وأوصى بلال بعائلته، ثم عاد المتهم وسلم نفسه إلى «حزب الله» في بيروت كون عمه مسؤولاً في الحزب، وقد بقي عشرة أيام لديهم حيث طلبوا منه أن يقول بأنه تلقى أمراً بتصفية عماد إلا أنه رفض ذلك وقال الحقيقة.

ولماذا كان يطلق على عماد اسم معاذ؟ أوضح المتهم أنه فعل ذلك كونه توجد عداوة بينهما ولا علاقة لذلك بالدين.

كما استجوبت جهتا الادعاء المتمثلة بالمحامي شوقي شريم والدفاع الذي حضر عنها المحامي يوسف لحود، المتهم عمار، في حين نفى متهمان آخران جرى استجوابهما أيضاً أي علاقة لهما في الجريمة أو التدخل بها.