IMLebanon

الحكومة: موجة جديدة من الوعود… وقليل من التنازلات!

أكدت مصادر سياسية متعددة لصحيفة “الحياة” أن محاولات إيجاد مخرج من مأزق تأليف الحكومة اللبنانية لم يحقق أي اختراق أمس على رغم تجدد الحراك من أجل التوصل إلى صيغة لمعالجة اشتراط “حزب الله” ضمان تمثيل النواب السنة الستة حلفاءه، قبل الإفراج عن أسماء وزرائه كي تصدر مراسيمها.

وأوضحت المصادر أنه على رغم موجة جديدة من الوعود التي أطلقها الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري وبعض الأوساط الرسمية بقرب ولادة الحكومة، والتي انضم إليها “حزب الله” على لسان عضو مجلسه السياسي محمود قماطي بعد زيارة وفد منه البطريرك الماروني بشارة الراعي للتهنئة بالأعياد، فإن المراوحة غلبت على الطروحات في شأن الصيغة الممكنة لتموضع أي شخصية مقربة من نواب “اللقاء التشاوري” يمكن تسميتها لتمثيلهم.

وقال أحد العاملين على خط إعادة تحريك الاتصالات لـ”الحياة” إن كل الأطراف المعنيين قدموا تنازلات يمكن البناء عليها إنجاز الحكومة: “التشاوري” وافق على تمثيله بطريقة غير مباشرة، الحريري اعترف بتمثيلهم بهذا الأسلوب، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون أخذ على عاتقه أن يسمي أحد مرشحيهم من حصته. ويبقى البحث في صيغة هذا التمثيل وموقع الوزير الذي سيمثلهم من التوازنات داخل الحكومة.

الحريري وأفكار باسيل

وتوزعت الاجتماعات والاتصالات في شأن حلحلة عقدة تمثيل حلفاء الحزب أمس كالآتي:

1- اجتماع الحريري ظهر أمس إلى رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، الذي اكتفى بالقول: “بما أننا جميعا نتمنى أن تكون لدينا سنة تبدأ بالخير على البلد، فإنه في أول يوم عمل، بدأنا نعمل على موضوع الحكومة، التي هي الممر الإلزامي لكل عمل إنتاجي ومفيد للبلد”. وأشار إلى أنه طرح على الحريري أفكارا عدة في ما يخص الحكومة، وقلنا إننا لن نعدم وسيلة أو فكرة من دون أن نقدمها، والأفكار كثيرة”.

أضاف: “كل يوم لدينا أمور جديدة نراعي فيها المبادئ الأساسية لتشكيل الحكومة وعدالة التمثيل، ولكي نجد الطريقة التي يتقاسم فيها الأفرقاء السياسيين حل المشكلة، ويتوزعوا ذلك على أساس عادل ومنطقي يحترم قواعد تشكيل الحكومات”.

وأضاف: “تداولنا في عدة أفكار مع دولة الرئيس، واتفقنا على أن أستكمل العمل والاتصالات اللازمة مع كل شخص معني بهذا الموضوع، ثم نلتقي ونقيم الموضوع”.

وعلى رغم التكتم على ما اقترحه باسيل فإن مصدراً وزاريا قال لـ”الحياة” إنه عاد فطرح فكرة زيادة عدد وزراء الحكومة من 30 إلى 32 وزيرا، بحيث تتم تسمية الوزير السني الممثل لـ”التشاوري” من حصة الرئيس عون، والوزير العلوي من قبل الحريري، والوزير الممثل للأقليات المسيحية (سرياني) من قبل “التيار الحر”. إلا أن الحريري كرر رفضه القاطع لصيغة الـ32 وزيرا لأسباب باتت معروفة أبرزها اعتراضه على تكريس مبدأ توسيع الحكومات لأنه يخل بالتوازن الطائفي – السياسي. وأوضح المصدر الوزاري أن الحريري كرر ما طرحه في اجتماعه مع الرئيس عون أول من أمس، ثم في تصريحه بعد هذا الاجتماع حين أشار إلى صيغة الـ24 وزيرا إضافة إلى الصيغة الثلاثينية، معتبرا أنه بدل رفع عدد الوزراء من الأفضل خفضه طالما أن وزراء الدولة الستة الذي سيعينون في حكومة الـ30 وزير، سيكونون فعليا بلا عمل منتج، فيبقى منهم إثنان ويتوزع الآخرون الـ22 حقيبة. وشدد المصدر الوزاري على أنه “من غير الوارد إطلاقا عند الحريري القبول بصيغة الـ32 ” التي سبق أن نقلها إليه الوسيط المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الأسبوع الماضي، بعدما أيدها “حزب الله”.

وأكد مصدر مقرب من الحريري لـ”الحياة” أن صيغة الـ24 وزيرا مطروحة منذ مدة وقبل أن يتم إفشال الحل الوسط بتعيين جواد عدرا كممثل لـ”التشاوري” قبل 12 يوما إلا أن المشكلة هي إذا كانت القواعد نفسها التي اعتمدت في صيغة الـ30 ستعتمد في صيغة الـ24″. وفي وقت تشكل صيغة الـ24 مخرجا لعدم تمثيل النواب السنة الستة حلفاء “حزب الله”، لأن الوزراء السنة يصبحون 5 بدل 6، فإن مصدرا في قوى 8 آذار أبلغ “الحياة” أن تمثيل هؤلاء يجب أن يتم حتى لو جرى خفض حجم الحكومة، بحكم مبدأ وجوب إعطاء مقعد لوجهة النظر الأخرى في الطائفة السنية، المعارضة لتيار “المستقبل”.

وكشف مصدر معني بتفاصيل المفاوضات الجارية حول الحصص الوزارية في الحكومة لـ”الحياة” أن “حزب الله” أبلغ من يعنيهم الأمر أنه مصر على تمثيل حلفائه السنة سواء في حكومة من 18 أو 24 أو 30.

ويقول المصدر نفسه: “فضلا عن ذلك، فإن خفض عدد الوزراء قد يؤدي إلى مطالبة “التيار الحر” إلى التشبث بحصته المسيحية الراجحة بحيث يدعو إلى خفض عدد وزراء “القوات اللبنانية” من أربعة إلى إثنين بدلا من ثلاثة”. ويعتبر أن هناك فرقاء وضعوا قواعد لتشكيل الحكومة وباتوا أسرى لها غير قادرين على الاستغناء عنها.

من جهة أخرى ذكر مصدر متابع لتحرك الوزير باسيل لـ”الحياة” أن البدائل التي اقترحها على الحريري تحتاج إلى مزيد من الدرس. وفي وقت أبلغ مصدر في “اللقاء التشاوري” إلى “الحياة” أنه حتى الساعة عصر أمس لم يكن أحد اتصل بأعضائه ليعرض عليهم أي اقتراح، أشار المصدر المواكب لتحرك باسيل إلى أنه يفترض أن يجري تواصل مع هؤلاء للتأكد مما إذا يكتفون بالأسماء الأربعة التي طرحوها (حسن عبد الرحيم مراد، عثمان مجذوب مستشار فيصل كرامي، طه ناجي أو أحمد الدباغ عن الأحباش) أم هم على استعداد للقبول بأسماء أخرى؟

وتتحدث أوساط مطلعة عن اقتراح بتعيين وزير لا ينضوي في التكتل الوزاري لـ”التيار الحر” و لا في “اللقاء التشاوري” ويصوت في مجلس الوزراء وفق قناعاته.

الراعي يتهم “حزب الله”

2- أن زيارة وفد “حزب الله” للبطريرك الراعي، أمس جاءت من أجل استيعاب الانتقادات المبطنة والواضحة التي يوجهها الأخير إلى الحزب باعتباره متهم بتعطيل تأليف الحكومة، بحيث أوحى القيادي في الحزب أن الحكومة تتشكل قريبا، وأن جميع الفرقاء يسهلون قيامها من أجل رفع التهمة عن قيادته. وعلمت “الحياة” أن الراعي كان صريحا في حواره مع وفد “حزب الله” وأنه قال كلاما “من دون أن يلبس قفازات في يديه” وحمل الحزب مسؤولية التعطيل، وانتقد في حوار مطول، تجاهل الدستور وابتداع أعراف تؤخر قيام الحكومة وعدم الاكتراث بما آل إليه الوضع الاقتصادي والمعيشي… وأشار مصدر قريب من بكركي لـ”الحياة” إلى أن الراعي كان واضحا برفضه التمييز بين المواطنين وتقويض المؤسسات، إلا أن الوفد دافع عن موقف الحزب محملا مسؤولية للحريري بأنه لم يتعامل بجدية منذ البداية مع تمثيل النواب السنة الستة، وأنه رغم ذلك بذلت محاولات من أجل معالجة الأمر وكاد ينجح لولا حصول التباس في شأن الوزير الذي يفترض أن يمثل هؤلاء النواب. وقال المصدر لـ”الحياة” أن وفد الحزب حاول طمأنة البطريرك الذي طرح كافة العناوين التي وردت في كل عظاته وتصريحاته في الشهرين الماضيين بوضوح أكثر، بأن الحكومة قد تتشكل خلال 72 ساعة (يومين أو ثلاثة) وأنه يساعد في تسهيل الأمور لضمان ولادتها.

بري يخشى إطالة الأزمة

3- بموازاة تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري على تأليف الحكومة في أسرع وقت، جاء اقتراحه وجوب اجتماع حكومة تصريف الأعمال من أجل إقرار الموازنة، بعد اتصال أجراه مع الرئيس الحريري للاستفسار منه عما آلت إليه جهود حلحلة عقدة التأليف. وتقول مصادر نيابية وأخرى مقربة من الحريري أن بري طرح على الحريري هذا الاقتراح وأطلعه على الاجتهاد القانوني المستند إلى سابقة عام 1996 حين التأمت حكومة الرئيس الراحل رشيد كرامي المستقيلة آنذاك لإقرار الموازنة وتحويلها إلى البرلمان، فأبلغه الرئيس المكلف أنه سيدرس الأمر.

وفي وقت رأت مصادر معنية بحلحلة عقدة التأليف، أن هذا الاقتراح يوحي بأن بري لا يأمل ولادة قريبة للحكومة، كونه يقترح تفعيل الحكومة المستقيلة في شأن الموازنة، قال مصدر نيابي لـ”الحياة” إن بري يخشى من العودة إلى دوامة اقتراحات يتبادلها الحريري وباسيل، لمعالجة عقدة تمثيل النواب السنة الستة، تطيل الأزمة بدلا من أن تسرع في حلها. وبالتالي فإن اقتراحه يشكل عامل ضغط من أجل إيجاد مخرج في سرعة وإلا دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لإقرار الموازنة.