IMLebanon

… مستشفيات البقاع تلوِّث الليطاني أيضاً!

كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:

تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، أول من أمس، بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية بحق 18 مستشفى بقاعياً، بتهمتي تلويث البيئة والتعدي على الأملاك العامة من خلال «إقدامها على تفريغ وتصريف النفايات الصلبة والسائلة الناتجة من نشاطها من دون معالجة». البنى التحتية لتلك المستشفيات التي تقع في أقضية البقاع الغربي وبعلبك وزحلة، موصولة بشبكات الصرف الصحي العمومية، ما يعني بأن نفاياتها السائلة تصب إما مباشرة في الليطاني وروافده أو في محطات إيعات وزحلة وجب جنين لتكرير المياه المبتذلة، من دون معالجة في غالب الأحيان.

أنجزت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني المرحلة الأولى من الكشف على النفايات الصلبة والسائلة الناتجة عن المستشفيات والمؤسسات الصحية في الحوض الأعلى لليطاني في أقضية البقاع الغربي وبعلبك وزحلة. وأظهرت النتائج «المرتبة المتقدمة للخطر القاتل الذي يهدد سكان الحوض الأعلى بسبب النفايات السائلة (للمستشفيات والمؤسسات الصحية) التي تصب في النهر من دون معالجة في غالب الأحيان». الكشف ركّز على مسار النفايات السائلة الناجمة من المستشفيات. علماً أن المؤسسات الصحية جميعها متعاقدة مع جمعية «أركنسيال» التي تتولى تجميع النفايات الصلبة ونقلها.

تنوعت المؤسسات التي شملها الكشف بين مستشفيات عامة وخاصة ومختبرات وعيادات ومستوصفات وعيادات الأطباء البيطريين ومستودعات الأدوية والصيدليات ومعاهد التعليم العالي ومراكز الأبحاث. واستمر أخذ العينات حتى مطلع الأسبوع الجاري. وبيّنت النتائج أن معظم المستشفيات «تحوّل صرفها الصحي وكافة النفايات السائلة الناتجة من نشاطها الطبي مباشرة إلى شبكة الصرف الصحي من دون أي معالجة أولية أو تعقيم». وصنفت المستشفيات إلى أربعة أقسام: الأول يحوّل صرفه إلى الليطاني مباشرة أو إلى شبكة صرف صحي مؤدية إلى النهر. والثاني يستخدم تقنية الحفر الصحية لتجميع النفايات الطبية السائلة في حفر ترابية لتتسرب نحو المياه الجوفية. والقسم الثالث يستخدم تقنية الحفر الصحية الإسمنتية التي تتجمع فيها النفايات السائلة وتنقل بطريقة الضخ إلى شبكة الصرف الصحي. فيما استحدث القسم الرابع محطات تكرير «من دون أن يتسنى التأكد من فعالية معالجتها باعتبارها تحول المياه نحو شبكات الصرف الصحي».

يحدث هذا في ظل مراسيم جمهورية وحكومية تحكم معالجة النفايات الصحية الصلبة والسائلة. فالمرسوم الرقم 13389 الصادر عن مجلس الوزراء عام 2004، حدد أنواع النفايات الصلبة التي تحتاج إلى آلية خاصة للتعقيم والنقل وفقاً لأربع فئات: الأولى النفايات غير الخطرة المماثلة للنفايات المنزلية، والثانية النفايات الخطرة المعدية وغير المعدية، والثالثة النفايات التي تحتاج إلى طرق خاصة للتخلص منها، والرابعة النفايات المشعة. أما النفايات السائلة الناتجة من النشاطات الصحية، فقد أجاز رمي البراز والبول والدم في أقنية المجاري التي تصب في شبكة موصولة بمحطة معالجة للمياه المبتذلة. لكنه اشترط أن تكون قد خضعت لعملية معالجة أولية تخفف من أنشطتها الحيوية وذلك وفقاً للقيم الحدية للمياه المبتذلة عند صرفها في شبكة الصرف الصحي المحددة من قبل وزارة البيئة (الصادر عام 2001).

اللافت أن المستشفيات تجتهد في التصرف بنفاياتها، سواء السائلة أم الصلبة، في ظل غياب استراتيجية وطنية للنفايات الصحية. فالقانون 63 (أقره مجلس النواب في 2016) وخريطة الطريق الحكومية التي وضعتها اللجنة المعينة بموجب القرار رقم 32/2014، أوجبا على وزارة البيئة معالجة النفايات الصلبة للمؤسسات الصحية من خلال إنشاء مركز لتعقيم النفايات الطبية في بعلبك وتأمين شاحنات نقل ومستوعبات، والتخلص من النفايات الطبية الصادرة عن المستشفيات في قضاء زحلة عبر إرسالها إلى مركز تعقيم النفايات الطبية في زحلة. فيما تُرك للمستشفيات مسألة معالجة نفاياتها السائلة الصحية والطبية عبر محطات تكرير!

المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية أكّد لـ«الأخبار» أن الإخبار يهدف إلى «التأكد من حسن التقيد بالمعايير البيئية». وكان المسح الشامل الذي أجرته المصلحة حول النفايات السائلة الناتجة من المؤسسات في الحوض الأعلى، أظهر التلوث الناجم عن بعض المؤسسات الصحية، لا سيما مستشفيا الميس وتمنين العام. في حين وجدت فرق الكشف «التزاماً أولياً لم يتسن التأكد منه في مستشفيات أخرى كالبقاع وتعنايل العام».

وتشير المعطيات إلى وجود خلل في الرقابة على المؤسسات الصحية لا سيما لجهة حسن الالتزام بالمرسوم رقم 13889 وبالقرارات الصادرة عن وزارة البيئة المتعلقة بالشروط البيئية لنقل النفايات الخطرة والمعدية الناتجة من المؤسسات الصحية ولإنشاء وتشغيل منشآت تعقيم النفايات الخطرة والمعدية وتحديد أصول منح الترخيص البيئي لتشغيل هذه المنشآت. ووفق علوية، فإن «ضمان مراقبة الالتزام تقع على عاتق المسؤول عن المؤسسة الصحية سواء عامة أم خاصة، ما يرتب مسؤولية جزائية على المسؤول عن المستشفى وليس على المستشفى فقط». وفي هذا الإطار، «تستوجب تلك المراسيم والقرارات الرقابة الدورية كل ثلاثة أشهر على الأقل من قبل وزارة البيئة».