IMLebanon

غياب الإجماع يؤجل اجتماع المندوبين العرب حول سوريا

بشكل مفاجئ أرجأت جامعة الدول العربية اجتماعاً على مستوى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء، كان مقرراً عقده أمس الأحد، من دون توضيح الأسباب، فيما أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن “التأجيل جاء لأسباب متعلقة بالتحركات الخاصة بشأن إعادة سورية للجامعة قبل انعقاد القمة العربية في تونس في آذار المقبل”.

وذكرت المصادر لـ”العربي الجديد” أن “الاجتماع المقرر عقده نهاية الأسبوع الحالي، بعد تأجيله، ستتضمن أجندته قضيتين أساسيتين، هما آخر المشاورات الجارية بشأن إعادة سورية إلى الجامعة العربية مجدداً، إضافة إلى التحضير للقمة العربية الأوروبية التي دعت إليها مصر، والمقررة في شرم الشيخ في 24 شباط المقبل”. وذكرت بعض الوسائل الإعلامية أن “الاجتماع سيُعقد يوم الأربعاء المقبل”.

وكشفت المصادر أن “إعادة سورية للجامعة العربية قبل القمة العربية المرتقبة في تونس، لا تحظى حتى الآن بإجماع عربي”، لافتة إلى أن “هناك بعض الدول العربية التي ما زالت تتبنّى موقفاً رافضاً”. وسبق لوزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي أن عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين مصريين، على رأسهم رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، لبحث قضية إعادة سورية للجامعة وتوجيه الدعوة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، لحضور فعاليات الدورة الثلاثين للقمة العربية في تونس في آذار المقبل.

أبدى نصر الحريري اندهاشه لقرار بعض الدول استئناف العلاقات مع نظام بشار الأسد

وكان مصدر رسمي مصري مطلع على المشاورات التي تقودها القاهرة بشأن سورية، في ضوء تحركات للتحالف الرباعي الذي يضم كلاً من الإمارات والسعودية والبحرين إلى جانب مصر، قد أكد أن حسْم أمر مشاركة الأسد على مقعد سورية بالجامعة العربية خلال قمة آذار المقبلة، مرهون بتعهدات وموقف يعلنه النظام السوري، بشأن الحدّ من النفوذ الإيراني في بلاده، وتقديم تطمينات محددة في هذا الإطار.

وقال المصدر إنه “في حال تجاوب الأسد مع المطالب العربية المقدمة له من جانب قوى عربية كبرى، فسيتم على الفور فتح كافة العواصم العربية الكبرى أمامه، كذلك سيتم فتح الطريق إلى دمشق أمام القادة العرب بشكل رسمي، وسيتم الحث على ذلك”. وكشف المصدر أن “القاهرة وعواصم عربية تدرس مقترحاً أميركياً بالدفع بقوات عربية إلى الشمال السوري لتحل محل القوات الأميركية، التي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحبها في إطار خطة زمنية محددة”.

وأوضح المصدر أن “القاهرة وأبو ظبي والرياض تدرس مجموعة من البدائل للدفع بقوات تابعة محل القوات الأميركية التي ستنسحب من هناك ونشْرها في مناطق وجود الأكراد”، لافتة إلى أن “من بين المقترحات، الدفع بقوات سورية تابعة لنظام الأسد وإعادة تمركزها هناك بتنسيق مع الأكراد، وتمويل عربي، وإشراف ووجود عربي على مستوى الخبراء العسكريين”. وأكد أن “كافة الأطروحات مرهونة بانتظار الرد السوري على المطالب العربية، وفي مقدمتها إعادة ترتيب الأسد علاقته بطهران”.

وكانت الجامعة العربية قد أوقفت عضوية سورية في  تشرين الثاني عام 2011، نتيجة لضغوط عدة مارستها دول عربية، لا سيما الدول الخليجية، على خلفية الموقف من الصراع الدائر في البلاد. ومنذ بدء الصراع في سورية، أغلقت دول عربية عدة سفاراتها في دمشق، وخفّضت علاقاتها مع الحكومة السورية، ولكن دعوات عدة برزت في الأشهر الأخيرة لاستئناف العلاقات، ومن ثم استعادة سورية عضويتها في جامعة الدول العربية، خصوصاً بعد عودة سفارتي الإمارات والبحرين للعمل من جديد بدمشق، وقيام الرئيس السوداني عمر البشير أخيراً بزيارة إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة هي الأولى لزعيم عربي منذ اندلاع الثورة السورية. كذلك زار علي مملوك، مدير مكتب الأمن الوطني في سورية، الذي يعد بمثابة الرجل الثاني في نظام الأسد، القاهرة، والتقى رئيس المخابرات العامة المصري، عباس كامل.

في المقابل، أبدى رئيس الهيئة العليا للتفاوض، التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، اندهاشه لقرار بعض الدول استئناف العلاقات مع نظام بشار الأسد، وحثها على إعادة النظر فيه. وأضاف في مؤتمر صحافي في الرياض أن “المعارضة لا تملك سلطة منع هذه المصالحة، وأنها تأمل ألا يكون التصالح من دون مقابل”. وأكد الحريري أن “الهيئة اتخذت عدداً من الإجراءات عبر التواصل مع الدول العربية، التي اتخذت قراراً بالانفتاح الجزئي مع النظام، من أجل شرح مخاطر الخطوة وعدم الرهان بأن يقوم النظام بخطوات جدية تجاه إيران”.

وطالب الحريري زعماء الدول العربية بـ”عدم خذلان الشعب السوري بإعادة العلاقات مع النظام”، وأكد أن “أي خطوات لإخراجه من عزلته سينتج عنها إرهاب يطاول الجميع وستبعده عن الحل السياسي والمفاوضات”. وأوضح أن “الأسباب التي دفعت الدول لمقاطعة النظام ما زالت موجودة”، مضيفاً أنه “نحن أمام مرحلة تاريخية، إما أن نترك المجال أمام النظام السوري وإما لا”. وأضاف أن “إيران تهدف إلى إبعاد سورية عن محيطها العربي”، محذّراً في الوقت نفسه من “دخول المليشيات الإيرانية لملء الانسحاب الأميركي”.