IMLebanon

الثلث المعطل انتصار لمسيحيي لبنان أم احتكار لقرار الطائفة

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:

طغى السجال الذي جرى بين تيار المردة والتيار الوطني الحر بخصوص الثلث المعطل في الحكومة اللبنانية المتعثرة على الهدف الحقيقي من الاجتماع “التشاوري الوجداني” الذي جرى مؤخرا في بكركي برعاية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والذي كان من المفروض أن يركز على التحديات التي تهدد الكيان اللبناني ككل في ظل طروحات بعض الأطراف الداخلية بإيعاز من قوى إقليمية تسعى لضرب اتفاق الطائف والدفع باتجاه مؤتمر تأسيسي يعيد تشكيل النظام السياسي اللبناني بما يضمن سيطرتها على هذا البلد.

وتواصل هذا السجال حتى بعد إسدال الستار على اللقاء الاستثنائي والذي وإن نجح شكليا بجمعه لأقطاب الطائفة المارونية، بيد أنه عرى في الآن ذاته حجم الانقسامات بين هذه الأقطاب التي سعى البعض منها لتجيير هذا الملتقى خدمة لمصالحه السياسية.

ويتهم البعض التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل باستغلال اللقاء للتسويق لأهمية حصوله على الثلث المعطل في الحكومة التي لم تر النور بعد رغم مرور قرابة الثمانية أشهر على بدء المشاورات الإلزامية لتشكيلها بتصوير الأمر على أنه مكسب للطائفة المسيحية ككل ليحظى بغطاء سياسي وروحي، في مواجهة ضغوط حليفه المفترض حزب الله لنزع هذا الامتياز منه.

وقوبل سعي باسيل برد عنيف من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حينما قال إن حضوره ليس لمنح غطاء لحصول التيار الوطني الحر على الثلث المعطل داخل الحكومة المنتظرة، الأمر الذي رد عليه القيادي في التيار الوطني الحر زياد الأسود بالقول “التيار الوطني الحر لم يطالب بالوزير الحادي عشر، وهذا الأمر إن حصل فهو مكسب للمسيحيين”.

ورفع هذا السجال الذي تواصل الجمعة من منسوب التوتر بين الوطني الحر والمردة، واعتبرت أوساط مقربة من التيار البرتقالي أن فرنجية أراد إفشال لقاء بكركي وتصوير هذا اللقاء كما لو كان غير داعم للعهد ولرئيس الجمهورية ميشال عون.

وامتدت مفاعيل هذا التوتر إلى أنصار الطرفين اللذين اختارا مواقع التواصل الاجتماعي للتنفيس عن هذا الاحتقان، وسط اتهامات بأن رئيس المردة بات لسان حال حزب الله.

وغرد رئيس تيار المردة على موقعه على “تويتر” الخميس قائلا “حزب الله متمسّك بتمثيل اللقاء التشاوري (النواب السنة الموالون له) في الحكومة ولن يتراجع ونحن لم نقل إنه ضد أن يكون لرئيس الجمهورية الثلث الضامن أما نحن كفريق مسيحي فإننا ضدّ منح الثلث الضامن لمن يريده ضدّ باقي المسيحيين”.

وترى أوساط سياسية لبنانية قريبة من المردة أن موقف فرنجية من رفضه حصول التيار الوطني الحر على الثلث المعطل وإن كان يتماهى مع موقف حليفه حزب الله بيد أنه من المبالغ فيه تصوير الأمر وكأنه نابع من “تبعيته المطلقة” للحزب الشيعي.

وتذكر الأوساط بأنه سبق وأن تعارضت مواقف المردة مع مواقف لحزب الله في عدة مرات ومنها حينما رفض فرنجية دعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وطرح نفسه مرشحا في مواجهة الأخير.

وتشير هذه الأوساط إلى أن موقف فرنجية من رفضه حصول التيار الوطني الحر يأتي لحسابات سياسية تتعلق به، فهو يدرك أن إصرار باسيل على الحصول على الثلث المعطل هو لتعبيد الطريق أمامه ليكون القوة المسيحية الأبرز على الساحة السياسية والمتحكم بمفاتيح الحكومة المقبلة، وهو ما سيفتح له المجال أمام تعزيز فرصه لأن يكون خليفة عون في قصر بعبدا.

وتؤكد هذه الأوساط أن مزاعم باسيل بأن الثلث المعطل هو مكسب للمسيحيين ككل تجانب الواقع، لأن الثلث المعطل للطائفة داخل الحكومة مؤمنة باحتساب عدد مقاعد القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والمردة معا، مشددة على أن باسيل يريد أن يفرض سطوته السياسية على الطائفة المسيحية من جهة، فضلا عن كونه يريد أن يصبح الرقم الصعب في المعادلة السياسية القائمة.

ولفرنجية أيضا طموح في الوصول إلى قصر بعبدا، والمصالحة التاريخية التي أجراها مع القوات اللبنانية كان أحد أهدافها الرئيسية هو لجم طموحات باسيل للاستئثار بالقرار المسيحي، والتربع على عرش بعبدا.

ويرى مراقبون أن استمرار عقدة الثلث المعطل في ظل إصرار باسيل عليه ورفض حزب الله وقوى سياسية أخرى للأمر قد يعني أن لا أفق قريبا لتشكيل حكومة، وبالتالي قد يكون الحل الوحيد هو إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، خاصة وأن هناك أيضا رفضا من معظم القوى لحكومة تكنوقراط مصغرة سبق ودعا إليها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري  الخميس “لم أعد معنيا على الإطلاق بموضوع المبادرة الحكومية لا من قريب ولا من بعيد”، في إشارة إلى المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية والتي جرى نسفها بسبب الثلث المعطل.