IMLebanon

لقاء بكركي دقّ ناقوس الخطر تجاه الصيغة والنظام

كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:

استحوذ اللقاء الماروني الجامع في بكركي باهتمام لافت في الشكل والمضمون وتوقيته في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان والمنطقة والمسيحيين بشكل خاص ما دفع بسيد الصرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى دق ناقوس الخطر والدعوة لهذا الاجتماع والذي لم يأت صدفة بل سبق للبطريرك في عظاته ولقاءاته أن كان واضحاً وحاسماً مبدياً قلقه ومخاوفه لما آلت إليه الأوضاع في لبنان من اهتراء في كل المجالات، وصولاً إلى اشمئزازه من بقاء البلد من دون حكومة لا بل إنه رفع السقف وسمى الأمور بأسمائها، كذلك أن اللقاءات الأخيرة التي جمعته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن تخلو من المصارحة والمكاشفة وكذلك الأمر أثناء زيارة وفد حزب الله إلى بكركي للتهنئة بالأعياد المجيدة حيث كان البطريرك الراعي صريحاً معهم إلى أقصى الدرجات، داعياً إياهم إلى عدم وضع العراقيل أو أقله أن يقوموا بدور بارز ويحسموا أمر تشكيل الحكومة على اعتبار أنهم من طالب بتوزير سنة المعارضة وإلا لا حكومة.

وبالعودة إلى اجتماع بكركي فإنه خطف الأنظار لناحية مشاركة الجميع بعدما سرّب بأن القوات اللبنانية لن تشارك في هذا اللقاء على ضوء ما حصل في الآونة الأخيرة خلال عملية تشكيل الحكومة وما اسمتها عملية تحجيم دورها، وبالتالي الاهتزازات المتواصلة لتفاهم معراب. وهنا تؤكد مصادر سياسية بأن القوات بقيت من خلال نوابها ووزرائها على تواصل مفتوح ومباشر مع رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع المتواجد في الخارج وحيث تم نقل اعتذاره وزوجته إلى البطريرك الراعي إنما وكي لا يستفيد البعض من عدم المشاركة والتغني بما معناه أن القوات من يعطل فجاءت المشاركة جامعة على المستوى القواتي بغية التأكيد على وحدة الصف المسيحي وأيضاً على تفاهم معراب بمعزل عن الخلافات السياسية والتي تعتبر كبيرة وثمة تباعد هائل بين القوات والتيار الوطني الحر .

وتشدد المصادر متابعة على أن لقاء بكركي وإن اتخذ الطابع المسيحي والماروني، فهو يعتبر وطنياً لأن البطريرك يشدد على حماية الجمهورية ووحدة الصف اللبناني وهو مع ما يجمع كل اللبنانيين في هذه المرحلة ولم يكن خطابه يوماً مذهبياً وطائفياً، إنما أراد من خلال لقاء بكركي أن يحمّل سائر الأطراف المسيحية مسؤولية عدم تشكيل الحكومة وما آلت إليه الأوضاع السياسية والمالية والاقتصادية من تدهور وصعوبة قارعاً جرس الإنذار أمام الجميع، وعلى هذا الأساس جاء الاجتماع ضمن ثوابت أساسية أو أبرزها الإجماع الوطني والخروج من الحالات المذهبية والطائفية وبالتالي دعوة جميع الأحزاب والقوى المسيحية إلى تحمّل المسؤولية والخروج من هذه الأوضاع التي باتت تنذر بما لا يحمد عقباه، وفي غضون ذلك أن سيد بكركي مع أي قمة روحية أو لقاء وطني لما يعود للبلد بالخير والاستقرار وانتظام عمل مؤسساته والاهتمام بشؤون الناس، فعلى هذه الأسس جاء الاجتماع وكان جامعاً وودياً ويمكن القول أنه أسس لمرحلة جديدة يمكن الانطلاق منها نحو الإطار الوطني العام لبلورة هذه الأفكار التي تم طرحها في اللقاء خصوصاً أنه وفي النهاية السفينة تغرق بالجميع وليس بحزب وتيار أو طائفة ما.

وأخيراً يمكن القول وفق المعلومات التي توفرت عن لقاء بكركي، أن هذا الاجتماع كسر الجليد بداية بين القوى المسيحية المتخاصمة ولا سيما بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على أن يبقى الخلاف في إطاره الديموقراطي بعيداً عن العودة إلى الخلافات والمساجلات والتصعيد السياسي، وبالتالي فالقرارات التي اتخذت سيتابعها البطريرك مع جميع المسؤولين على أن تكون الخطوات التالية بمثابة الدعوة إلى إجماع وطني عبر قمة روحية أو لقاءات حوارية وأن يقدم رئيس الجمهورية على هذه الخطوات من أجل تشكيل حكومة جامعة والعمل على معالجة المسائل الاقتصادية والمالية قبل فوات الأوان.