IMLebanon

“قمة بيروت العربية”: أدنى تمثيل وأعلى درجة اهتمام

أما وقد انتهت القمة العربية الاقتصادية وعاد الوضع اللبناني الى ما كان عليه قبل القمة، فيما الوضع العربي مشدود الى القمة العربية «السياسية» التي ستنعقد في تونس بعد شهرين، فإن أبرز الخلاصات والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها في تقييم سياسي عام لوقائع ونتائج هذه القمة، هي حسب صحيفة “الانباء” الكويتية:

1 ـ القمة التي وصفت بأنها هزيلة وشهدت أدنى مستوى تمثيل وحضور عربي في تاريخ القمم العربية على أنواعها، هي ذاتها القمة التي توصف بأنها «صاخبة» وشهدت أعلى درجة عالية من الاهتمام، واستقطبت الأضواء الإعلامية والضوضاء السياسية، وهو ما لم يحصل مع أي قمة عربية اقتصادية من قبل.

2 ـ القمة الاقتصادية في عنوانها تحولت الى «قمة سياسية بامتياز». فمن جهة تصدرت مناقشاتها ملفات النزوح السوري والعلاقات العربية وعودة سورية الى الجامعة العربية ومجمل أزمات المنطقة، ومن جهة ثانية تمحورت كل اللقاءات التي جرت على هامش القمة حول النزاعات السياسية وهيمنت السياسة فيها على الاقتصاد، ومن جهة ثالثة تحولت القمة الى منصة عربية لتبادل الرسائل، وفي النتيجة تبين وتأكد أن العرب غير مكترثين بهذه المرحلة لخطط اقتصادية عربية مشتركة ما دام الصراع السياسي على المستويين الإقليمي والدولي هو في أوجه والعنوان الذي يطغى على كل القضايا.

3 ـ إذا كان المستوى المتدني للمشاركة العربية هو سمة هذه القمة وعلامتها الفارقة، فإن هذا الأمر يظل خاضعا لتفسيرات مختلفة وموضع جدل وتباين في تحديد الأسباب والمسؤوليات.

وإذا كان لبنان يتحمل مسؤولية في هذه «الفجوة» بعدما «أسقط» المسؤولون خلافاتهم السياسية على القمة ووفروا ذرائع الانسحاب والاعتذار للملوك والرؤساء بحجة انقسامات داخلية وثغرات أمنية، يبقى أن لبنان ليس وحده المسؤول عن واقع عربي مفكك وعن مقاطعة القادة العرب، وعن انخفاض غير مسبوق في مستوى التمثيل، هو أيضا موضع سجال وتباين:

٭ هناك من يعتبر هذا إنجازا سوريا بعدما برهنت دمشق على أنه لا قمة عربية ناجحة ومكتملة المواصفات والنصاب من دونها، ومن يعتبر أن لبنان دفع ثمن عدم تجاوبه مع ما كانت سورية تنصح به وتنتظره من تأجيل للقمة الاقتصادية طالما أن ظروف عودة سورية الى الجامعة العربية وإلى القمة لم تتوافر بعد.

٭ وهناك من يعتبر ما حصل «قرارا سعوديا» بالدرجة الأولى جارته باقي الدول الحليفة والصديقة للسعودية التي لديها ملاحظات عميقة على الوضع في لبنان وأرادت أن تثبت أنه لا قمة عربية ناجحة في لبنان في ظل هيمنة إيران وحزب لله عليه، ولا تغطية ومساندة واضحة للرئيس اللبناني ميشال عون الأقرب الى المحور السوري ـ الإيراني.

وبالتالي، فإن عدم المشاركة على مستوى الملوك والرؤساء الهدف منه عدم منح شرعية عربية للواقع السياسي المتفاقم والناتج عن التسوية الرئاسية والانتخابات النيابية.

4 ـ إذا كانت «سورية» الغائبة أو المغيبة عن القمة هي «العنوان» الأبرز فيها، في ملف العودة المزدوجة (عودتها إلى الجامعة العربية وعودة النازحين إليها)، وإذا كانت مبادرة عون بدعوته الى تأسيس مصرف عربي للإعمار والتنمية هي حدث القمة والاقتراح العملي الأبرز الذي له صلة بطبيعتها وأهدافها، فإن مشاركة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في القمة شكلت «مفاجأة القمة» واعتبرت خطوة ذكية ومدروسة من جانب أمير قطر الذي خطف الأضواء وساهم حضوره «الخاطف» في التخفيف من رتابة القمة وصورتها الباهتة، وفي حفظ ماء الوجه للدولة اللبنانية.

5 ـ إذا كان لبنان فشل في حشد حضور عربي من الصف الأول، فإنه نجح في توظيف القمة لمصلحته، وخصوصا في الملف الذي يؤرقه ويثقل كاهله ويحتل المرتبة الأولى على لائحة أولوياته، وهو ملف النزوح السوري، فقد توصلت القمة الى صيغة خاصة مرتبطة بملف عودة النازحين السوريين، صدرت في بيان خاص عن قمة بيروت بناء على طلب لبناني، تضمن دعوة المجتمع الدولي إلى حمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء، ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى وطنهم.

وبدا لافتا الإصرار اللبناني على إدراج عبارة «العودة الآمنة» وليس «العودة الطوعية»، رغم الانقسام العربي الذي كان قائما في مناقشات اللجنة التحضيرية للقمة على تبني هذه الفقرة من عدمه، قبل أن يجري الاتفاق العربي على صدوره بشكل خاص عن القمة العربية الاقتصادية بشأن النازحين واللاجئين.

في خلال أقل من سبع ساعات، كانت عبارة عن جلستين علنيتين وجلسة مغلقة لم تستغرق أكثر من 7 دقائق، أنهت القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية أعمالها في بيروت، بسلسلة قرارات تضمنها «إعلان بيروت» وبيان ختامي في موضوع النازحين السوريين.

ولئن اعتبر البيان الختامي، والمنفصل عن قرارات القمة، بمثابة تعويض للوفد اللبناني، من دون أي إشارة إلى مبدأ العودة الآمنة أو الطوعية، أو حتى ربط هذه العودة بالحل السياسي للأزمة في سورية، إلا أن البيان ربط موضوع النزوح السوري بقضية اللاجئين الفلسطينيين، من خلال إيراد فقرة تتضمن التأكيد على التفويض الأممي الممنوح لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) وفق قرار إنشائها، وعدم المس بولايتها أو مسؤوليتها والعمل على لأن تبقى وكالة «الأونروا» ومرجعيتها القانونية الأمم المتحدة.

وعزا البيان سبب إصرار الوفد اللبناني على صدور البيان الختامي الخاص، إلى انعكاسات أزمة النزوح السوري على اقتصاد الدول المضيفة، وانخفاض معدلات النمو فيها، وتأثيرها على المالية العامة عبر الخسائر التراكمية في الإيرادات الحكومية وزيادة النفقات العامة وازدياد العجز، وتداعياتها على مسار التنمية الإنسانية والاجتماعية من خلال ارتفاع معدلات الفقر وتصاعد حجم البطالة، وازدياد العبء على النظامين الصحي والتعليمي.