IMLebanon

“الإعتذار”.. واحد من 3 خيارات للحريري؟

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

ما أن أعلن الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري الأربعاء الماضي إثر لقائه رئيس “الحزب التقدمي وليد جنبلاط، أنه “سأحسم قراري الأسبوع المقبل”، حتى أخذ بعض الفرقاء المعنيين بتأليف الحكومة، ومنهم أوساط “حزب الله” وحلفاؤه في “اللقاء التشاوري” للنواب السنة الستة، يردون التأخير إلى “مماطلة الرئيس المكلف” وإلى عدم الوضوح في نية تشكيلها وإلى عدم إقدام الحريري.

كما أن نواب “تكتل لبنان القوي” بدورهم أخذوا يتحدثون عن أنه سيكون للرئيس العماد ميشال عون موقف في حال لم تنجح المحاولة الأخيرة التي يبذلها الحريري، سواء من خلال الاتصالات التي أجراها في بيروت أو التي أجراها في باريس أول أمس مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، ثم مساء أمس مع رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع بحضور وزير الثقافة غطاس خوري، والذي أعقبه اجتماع ثان بين الحريري وباسيل.

وإذ واكب هذه الاجتماعات التي يعقدها الحريري في العاصمة الفرنسية الوزير خوري، والوزير السابق الياس بو صعب، اللذين التقيا لغربلة نتائج اللقاءات التي عقدها الحريري، فإن المصادر المطلعة على الاجتماعات توقعت أن يعود الحريري إلى بيروت في الساعات المقبلة، من أجل متابعة جهوده، على أن يتوجها بلقاء الرئيس عون لتقويم المعطيات التي تجمعت لديه واتخاذ القرار المناسب في شأن الحكومة.

وفي انتظار تبيان ما حملته لقاءات باريس، قالت مصادر متابعة للاجتماعات التي عقدها الحريري في بيروت، واجتماعه الأول مع باسيل في العاصمة الفرنسية ل”الحياة” إنها “لم تسفر عن جديد، بل هي تدور في حلقة مفرغة تطرح فيها الأفكار القديمة التي كان طرحها باسيل، أي الأفكار الخمسة التي سبق أن أعلن أنه اقترحها على الرئيس المكلف، والتي باتت الأجوبة عليها معروفة ولم تلق تجاوباً حين طرحت قبل أسبوعين” (تشمل رفع عدد الوزراء إلى 32 – تسمية الوزير الممثل للقاء التشاوري من حصة رئيس الجمهورية على أن يكون من كتلته الوزارية – تسمية هذا الوزير من حصة الرئيس الحريري بعد استرجاعه المقعد السني الذي كان تنازل عنه للرئيس عون بحيث يسترد الأخير الوزير المسيحي الذي كان بادل به الحريري للحصول على وزير سني، ويعينه من حصته وإجراء تبديل في الحقائب بموازاة تعيين وزير ل”التشاوري” من حصة الرئيس عون…)

وأضافت المصادر: “لا يمكن الحديث عن حصول خرق في جدار الأزمة حتى مساء أمس طالما تطرح مجددا أفكار قديمة لم تنجح. ويجب انتظار عودة الحريري”.

ونفت المصادر ل”الحياة” التسريبات عن أن الحريري أعاد طرح مسألة تبديل الحقائب خلال لقائيه مع كل من رئيس البرلمان نبيه بري وجنبلاط، وأكدت أن الرئيس الحريري يعرف أجوبتهما على هذه الأفكار القديمة المتعلقة بتغيير الحقائب، أي بتحقيق مطلب باسيل الحصول على حقيبة البيئة، الآيلة إلى كتلة بري، واستبدالها بالصناعة الآيلة إلى جنبلاط، وبإعطاء الإعلام ل”القوات اللبنانية” أو “الاشتراكي” مقابل تخلي أي منهما عن الحقيبة التي اتفق على أن تكون من حصته. وذكرت المصادر إياها ل”الحياة”، في معرض نفيها التسريبات في هذا الشأن، أن الرئيس الحريري ليس في وارد التسبب بخلاف بين بري وجنبلاط، وهو يدرك جيدا أن جنبلاط ليس في وارد التنازل عن حقيبة الصناعة، لا سيما في هذه الظروف بالذات التي يتعرض لهجوم عليه وعلى حزبه وعلى طائفته. ولم تكن إشارة الحريري وهو يخرج من منزل جنبلاط عن عبث حين قال أن “هناك تهجما علينا وعلى وليد بك، ونحن نعمل على رص الصفوف في ما بيننا”. وتابعت المصادر: “أي سياسي يكون في موقع جنبلاط يصعب الطلب منه التنازل لأنه قدم ما يكفي من تنازلات”.

وشددت المصادر على أن الحريري بدوره ليس في وارد أي تنازلات جديدة تطلب منه، وسألت عماذا يتنازل بعدما قدم تضحيات كثيرة؟ واعتبرت أن “أي تنازل من قبل الحريري يعني أنه لم يعد رئيسا للحكومة”.

خيارات يملكها صاحبها

وحصرت المصادر الجهود التي يقوم بها الحريري بالقول إنه “لا يطرح أفكارا من النوع الذي تتناوله التسريبات، بل هو يتشاور مع القوى السياسية الرئيسة حول وجوب تسريع تأليف الحكومة وضرورة حسم ولادتها هذا الأسبوع وإلا يجب البحث عما يجب القيام به في حال عدم تأليفها.

ولا تعطي المصادر المتابعة لاتصالات الرئيس المكلف صورة عن توجهات الحريري في قرار الحسم الذي وعد به هذا الأسبوع، وتكتفي بالقول أن “الخيارات حول كيفية التعاطي مع الوضع الحكومي في ظل انسداد الأفق، يملكها صاحبها فقط”.

ما هي خيارات الحريري المحتملة التي تشدد المصادر المتابعة على أنه يملكها وحده؟

مصادر سياسية مراقبة لأزمة تعطيل التأليف تعتبر أن الخيارات باتت معروفة، طالما أن الحريري وضع لنفسه مهلة للتشاور مع القوى الرئيسة المعنية بالتأليف، لكن الحسم بأي منها مرهون بنتيجة المشاورات التي يجريها.

ويعرض المتابعون هذه الخيارات المطروحة في حال الفشل في إحداث اخاراق يسمح بولادة الحكومة كالآتي:

– اللجوء إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال التي يؤيدها الرئيس بري، والتي سبق أن طالب الحريري باللجوء إليها على الأقل من أجل إقرار موازنة عام 2019 . لكن هذا الخيار يستبعده الرئيس عون الذي يعبر أن إقرار الموازنة يجب أن يتم من قبل الحكومة الجديدة، وبالتالي استعجال تأليفها. أما الحريري فإنه يتريث في اتخاذ موقف من هذا الخيار، وسط اعتقاد المراقبين أن أوساط الرئيس المكلف كانت علقت على هذا الاقتراح بالقول أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لن يدعو الحكومة لأي اجتماع تحت عنوان الضرورة إلا إذا كان رئيس الجمهورية موافقا على ذلك. وبالتالي هو كان استبعده

– البقاء على الوضع الحالي في انتظار حلحلة العقد استناداً إلى قناعة بأن تعطيل الحكومة مرهون بتطورات إقليمية، أو على الأقل بحسابات الفرقاء الداخليين للتطورات الإقليمية. والمراقبون الذين يتعاطون مع هذا الخيار يعتبرون أن “حزب الله” باشتراطه تمثيل حلفائه السنة حين قال إن لا حكومة من دون توزير من يمثلهم، يطمح إلى تكريس ما يعتبره انتصار المحور الإيراني – السوري في سورية تغييرا في التوازنات اللبنانية الداخلية بالتدرج، وأنه حتى لو وجد مخرج لهذا المطلب فإن هذا المحور يرهن لبنان وحكومته ورقة في وجه الضغوط الأميركية على إيران في سورية، وبالتالي لا بد من الانتظار حتى يستنفد الحزب استخدامه ورقة التعطيل بعدما ضمن حصوله على الحقيبة الوزارية التي يريد، أي الصحة، حتى تتشكل الحكومة. ويرى المراقبون أن الرئيس عون قد يجد نفسه أقرب إلى هذا الخيار، إذا وجد أن هناك من يسعى إلى خفض قدرته على امتلاك كتلة وزارية من أجل تنفيذ مشروعه الإصلاحي. وثمة من يعتقد في هذا الإطار أن الانتظار قد يعني بالنسبة إلى الحريري الاعتكاف احتجاجا على عرقلة مهمته.

– لا يستبعد هؤلاء المراقبين أن يكون خيار اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة لرفضه الاستمرار في المراوحة، بات واردا خلافا للمرحلة السابقة التي كان يستثني هذا التوجه من الاحتمالات كما قال في بعض تصريحاته قبل أشهر، حين كان يأمل بأن صبره سينجم عنه نتيجة إيجابية بعدما ساندته دول وربطت الاستقرار في البلد بوجوده على رأس الحكومة وسعت لدى أطراف إقليمية منها إيران، مثل القيادة الروسية، لتسهيل قيام الحكومة.

وفي رأي المراقبين السياسيين أن فشل كل هذه المحاولات سيدفع به إلى التفكير بخطوة الاعتذار إذا لم ير أفقا للخروج من نفق التعطيل. ويذكّر بعض هؤلاء المراقبين بتصريحات لنواب وقياديين من “تيار المستقبل” في معرض نفيهم لتفكير الحريري بالاعتذار، أنه إذا فعل ذلك لن يعود ليقبل بالتكليف. ويقول هؤلاء إنه إذا لجأ الحريري إلى الاعتذار فإنه يكون قد انسجم مع قوله في موقفه الذي أعلنه حين جرى تعطيل التألأيف نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أنه لم يعد مقتنعا بأن عليه لعب دور أم الصبي من باب الحرص على البلد، وقلقه على الوضع الاقتصادي والحاجة إلى تطبيق قرارات مؤتمر “سيدر”، لأن تمديد التعطيل يزيد من تآكل دوره وشعبيته أكثر فأكثر.