IMLebanon

قطر نمر من ورق يحاول النفاذ من ثغرة خاشقجي

كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:

تسعى قطر جاهدة للخروج من أزمتها، التي لم تعد تتعلق فقط بمقاطعة الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة، بل اتسعت رقعتها لتطال صورة الدوحة في عواصم غربية عديدة. لكن، ما أقلق الدوحة أكثر أن أزمتها وما يحيط بها تصبح يوما بعد يوم تفصيلا صغيرا على طاولة القضايا محل الاهتمام لدى دول المقاطعة، كما لدى الغرب، الذي تأكد لديه أن قطر نمر من ورق يبحث عن ثغرات ينفذ منها.

كلما خفت الاهتمام العالمي بالمقاطعة، عادت الدوحة وحرّكت مياهها، من خلال استغلال قضايا مثيرة للجدل، من أحدث الأمثلة على ذلك، قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي تبيّن لاحقا أن مقالاته التي كانت تنشر في صحيفة واشنطن بوست، الموجهة ضد السعودية كانت تكتب بمتابعة وتوجيه من مؤسسة قطر الدولية. وكلما غاب اسم قطر عن الاهتمام الدولي أو فتحت قضية مثيرة لقلق الدوحة، وحلفائها، سعت هذه الأخيرة إلى دفع نفسها نحو الساحة الدبلوماسية من جديد من خلال استخدام نفوذها المالي وإطلاق أنشطة دبلوماسية.

لكن ما لفت أندرو انجلند، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة فاينانشيل تايمز، هو أن هذه الساحة التي تتحرك فيها قطر، في أغلبها تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية. فقد رحّبت الدوحة هذا الشهر بزعيمين أجنبيين يائسين (الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس وزراء باكستان عمران خان) للحصول على دعم مالي، وعرضت 500 مليون دولار للبنان المضطرب، واستضافت محادثات بين طالبان والولايات المتحدة.

وتقول فايناشيل تايمز إن “الدوحة تستخدم مرة أخرى عضلاتها المالية لبناء العلاقات الخارجية”، وتنقل الصحيفة عن نيل كويليام، الخبير في شؤون الخليج العربي في معهد تشاتام هاوس، “لقد بدأوا في التحرك مرة أخرى. لكن لا تزال هناك خطوط حمراء تقيّدهم”.

وأعلنت قطر الأسبوع الماضي أنها تعتزم شراء قيمة 500 مليون دولار من السندات اللبنانية في الوقت الذي يواجه فيه هذا البلد أزمة مالية. وهي بهذا تبحث عن تحقيق اختراق في هذا البلد الذي كانت السعودية، منذ سنوات، اللاعب الرئيسي فيه، لكن تأثر الدور السعودي بسبب سياسات حزب الله، المدعوم من إيران، حليفة قطر.

قطر ولئن أصبحت أكثر نشاطا، فإن قوتها دون عمق أو قوة حقيقية مستدامة.. العنصر المشترك في كل هذا هو الدولار، وليس هناك نفوذ سياسي حقيقي أو تدخل

وأوقفت الرياض تقديم خطة إنقاذ إلى بيروت مع تصارع الجماعات اللبنانية المتنافسة، بما فيها حزب الله، على تشكيل حكومة جديدة في الوقت الذي تتعمّق فيه الأزمة المالية اللبنانية. مع ذلك وعدت الرياض بدعم لبنان.

وفي ذات الأسبوع، وصل رئيس وزراء باكستان، إلى الدوحة أين حصل على تعهد بأن قطر سترفع حظر الاستيراد على الأرز الباكستاني وستستقبل 100 ألف عامل آخر من الدولة الواقعة في جنوب آسيا، في تحرك بدا واضحا أيضا أنه يسعى لاستفزاز دول المقاطعة، حيث أبدت باكستان مؤخرا رغبة في توجيه بوصلتها السياسية صوب السعودية والإمارات لتحاشي إيران.

كما اختار الرئيس السوداني، عمر البشير، قطر كوجهة خارجية له بحثا عن الدعم في ظل تصاعد موجة من الاحتجاجات ضد حكمه. وتلقت باكستان والسودان مساعدات مالية من الرياض وأبوظبي، بينما نشرت الخرطوم قوات في اليمن لدعم التحالف الذي تقوده السعودية التي تقاتل المتمردين الحوثيين.

وتشير فايناشيل تايمز إلى أن السعودية والإمارات تعتبران أكثر الدول العربية نفوذا، حيث تمتلك أكبر اقتصاد في المنطقة، وأكثر السياسات الخارجية صلابة، وأقوى العلاقات مع الإدارة الأميركية. لكن مايكل ستيفنز، نائب مدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة بقطر قال “لقد فتحت المنطقة قليلا أمام قطر في أعقاب مقتل خاشقجي، إذا كنت زعيما سياسيا هاما في المنطقة، وتحتاج إلى تعزيز أرصدتك المصرفية، يمكنك أن تستغل هذه الدول ضد بعضها البعض”.

لكن، مع ذلك تنقل فايناشيل تايمز عن محلل في الشأن الخليجي، أن قطر ولئن أصبحت أكثر نشاطا، فإن قوتها “من ورق، دون عمق أو قوة حقيقية مستدامة”، مضيفا أن “العنصر المشترك في كل هذا هو الدولار، وليس هناك نفوذ سياسي حقيقي أو تدخل”.