IMLebanon

زيارة تاريخية للبابا إلى الامارات

تشدّ دولة الإمارات العربية المتّحدة، الأحد، أنظار العالم إليها، حين تشهد حدثا أجمعت الأوساط الإعلامية والسياسية والدينية، على وصفه بالتاريخي ويتمثّل في زيارة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الدولة، والتي وُضعت تحت عنوان “لقاء الأخوّة والإنسانية”، إشارة إلى اللقاء الذي سيجمع البابا بشيخ الأزهر أحمد الطيب في أبوظبي.

وترسّخ الزيارة، وهي الأولى من نوعها التي يقوم بها بابا للفاتيكان إلى شبه الجزيرة العربية، دور الإمارات كقوّة للتوسّط والاعتدال وترسيخ قيم التسامح والتعايش، في فترة حرجة من تاريخ البشرية، تتميز بصعود لافت لقوى التشدّد والإرهاب والشعبوية.

واعتبر متابعون للزيارة الحدث أنّ الإمارات باستقبالها البابا وشيخ الأزهر، تعبّد الطريق لحوار ديني حضاري على أعلى مستوى.

وقال هؤلاء إنّها تساهم أيضا في الدفع باتجاه إصلاح ديني في المنطقة صوب تفكيك مراكز التشدّد التي لطالما شكّلت جدارا يحول دون تقبّل الآخر وفهمه.

ومن هذه الزاوية، تحديدا، نقلت تقارير إعلامية آمال الكاثوليك في أنحاء منطقة الخليج في أن تشجّع الزيارة على تقبُّل المنطقة لوجود مليوني كاثوليكي يعملون في المنطقة، ولا يخفي عدد منهم الأمل في تتويج هذا المنحى بسماح السعودية ببناء كنائس على أرضها، خصوصا بعد اجتماع الملك سلمان بن عبدالعزيز العام الماضي مع رئيس المجلس البابوي للفاتيكان لإجراء حوار بين الأديان في الرياض، وبعد زيارة بطريرك الموارنة اللبنانيين للمملكة.

وجاءت زيارة البابا فرنسيس إلى الإمارات بدعوة من الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي الذي استبق زيارة البابا مرحّبا “برجل السلام والمحبة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية في دار زايد”، قائلا في تغريدة عبر تويتر “نتطلع للقاء الأخوة الإنسانية التاريخي الذي سيجمعه في أبوظبي مع فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف”، ومضيفا “يحدونا الأمل ويملؤنا التفاؤل بأن تنعم الشعوب والأجيال بالأمن والسلام”.

وذهب البابا من جهته إلى اعتبار زيارته للإمارات بمثابة “صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان والتأكيد على الأخوة الإنسانية”.

ووصف في رسالة بمناسبة الزيارة دولة الإمارات بأنّها “نموذج للتعايش وللأخوة الإنسانية وللقاء بين مختلف الحضارات والثقافات، حيث يجد فيها الكثيرون مكانا آمنا للعمل وللعيش بحرية تحترم الاختلاف”.

وانخرطت في التعليق على زيارة البابا للإمارات شخصيات من مختلف المشارب والاتجاهات والمجالات.

وقالت الإعلامية الفلبينية كارين ريمو، رئيسة تحرير صحيفة فلبّينو تايمز إنّ “دولة الإمارات ظلّت منذ تأسيسها واحة للتسامح تتعايش فيها مختلف الجنسيات والثقافات في تآلف فريد يندر أن يوجد مثله في أي مكان بالعالم”، معتبرة أنّ زيارة البابا فرنسيس للإمارات، تأتي في هذا الإطار، حيث الدور الفعال للدولة في تعزيز ونشر ثقافة التسامح والسلام في مختلف أنحاء العالم. كما أشارت إلى أن الزيارة تحظى باهتمام كبير في أوساط الجالية الفلبينية التي تنعم بأجواء التسامح والتعايش الفريدة في الإمارات.

وأكد المطران مار برثلماوس نثنائيل يوسف النائب البطريركي عن النيابة البطريركية في الإمارات والخليج العربي وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أنّ زيارة البابا فرنسيس للإمارات رسالة إلى كل العالم مفادها بأن أرض الدولة هي المكان الأمثل لينطلق منها لقاء الحضارات وحوار الأديان.

وأشار إلى إعلان دولة الإمارات سنة 2019 عاما للتسامح، مضيفا “وها هي تستقبل قداسة البابا فرنسيس حيث تؤكد الرسالة الأساسية لهذه الزيارة روح الوحدة الإنسانية وأن الأديان إنما جاءت لخير البشرية والنهوض بها”.

وقال مدير المعهد الأوروبي للعلاقات الدولية اينيرو سيميناتوري في تصريحات لوكالة الأنباء الإماراتية “وام” إن زيارة البابا لدولة الإمارات لم تكن مصادفة بل ترجع إلى المكانة التي تحتلها الدولة في مجال نشر قيم التسامح والحوار البنّاء بين مختلف المكونات الإنسانية.

أما خبير شؤون الاتحاد الأوروبي عضو مركز الدراسات الأوروبية في بروكسل آتيليو مورو، فاعتبر الزيارة بمثابة اعتراف عالمي بالدور الذي تلعبه دولة الإمارات في الحوار بين الأديان والحث على التعايش والتقريب بين الأمم والشعوب.

وقال إنّ الرسالة التي ستنطلق من أبوظبي إلى العالم ستكون هامة ومؤثرة وسترسم دون شك خارطة طريق أوسع للحوار بين الأديان عبر العالم.

ورأى الأب مينا حنا راعي الكنيسة القبطية “مار مينا العجائبي”، ورئيس مجلس إدارة كنائس جبل علي في دبي أن زيارة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب لدولة الإمارات دليل على مسيرة التسامح التي تقودها الدولة وتجسدها على أرضها وترسخ مبادئها بين أفراد المجتمع.

ومن نيويورك قال الأب مويسيس بغدادي الكاهن في المقر البابوي للأقباط الأرثوذكس في أميركا الشمالية لوكالة الأنباء الإماراتية، إنّ لزيارة البابا فرنسيس للإمارات مغزى تاريخيا وإنسانيا، مضيفا “إذا كانت هناك دولة في العالم تعبّر عن الأخوة الإنسانية فهي دولة الإمارات”.