IMLebanon

اغتيال قائد… اغتيال وطن

كتب د. محمد قبيسي في “اللواء”:

مَنْ يرى بيروت غارقة في حزنها، يعرف مقدار الأسى واللوعة، اللذين تركهما اغتيال رفيق الحريري في نفوس اللبنانيين.

فبيروت منذ أنْ كانت، أكبر من أي مأساة، وأعظم من أي ألم، تجاوزت دائماً محنها ومصائبها واجتازت الكوارث بإيمان وتحدٍ، لكنها في موت الرئيس رفيق الحريري أقامت في الحزن والأسى، وأرست في كل دقائق حياتها محطات للغضب.

لو مات رفيق الحريري موتاً طبيعياً لحزنت بيروت، لكنها كانت تلجأ إلى الخالق وتستودعه قائدها، أما أنْ يُغتال رفيق الحريري وبأبشع صور الاغتيال، فبيروت ليس لها أنْ تستكين.

بيروت حانقة غاضبة حتى آخر حبة رمل في أزقتها وأحيائها.

وبيروت حاقدة على القتلة حتى آخر غصن صنوبر في أحراجها.

بيروت التي أحبّها رفيق الحريري، بادلته حباً بحب، وإخلاصاً بإخلاص، لقد قدّم رفيق الحريري لبيروت رحيق الحياة، أعادها من تحت الركام والدمار، فعادت عروسة المتوسط كما تحلم مدينة من قبل، وقدّم لها مفاتيح المستقبل، فقدّمت له صولجان عرشها، ووهبته قلبها، فهل بعد ذلك من حب أكبر بين مدينة وقائدها، بل بين وطن ورمزه.

لقد أضحى الرئيس الحريري رمزاً لوطن قبل أنْ يغتالوه، فكيف وقد اغتيل فداءً للوطن؟! كانت يد الغدر تهدف إلى قتل لبنان، إلى إنهاء هذا البلد المدار بالحركة النابض بالحياة، فذهبت إلى ما كان باعثاً لهذه الحياة ومحرّكاً لها، وفي ظنّها أنّ في اغتياله اغتيال الوطن، وإلغاء لوجوده، لكن لبنان يأبى أنْ يموت، بل يستمر ويحيا بدم رفيق الحريري الذي حمى وطنه وفداه بنفسه. فإذا به المدافع عنه في حياته وفي مماته.