IMLebanon

11 مشروع قرض على جدول أعمال جلسة الخميس: حكومة “إلى الاستدانة”!

يكرّس جدول أعمال جلسة الحكومة غداً سياسة الاستدانة، مع غرقه بأكثر من 11 بنداً تتضمن الموافقة على مشاريع قروض. وفيما عدا موقف حزب القوات اللبنانية المزايد على الرئيس سعد الحريري، تبدو زيارة الوزير صالح الغريب لسوريا نابعة من تفاهم عميق بين القوى السياسية النافذة

نشيطاً، ينطلق مجلس الوزراء الجديد في سياسة الاستدانة! وكأن الحكومة الجديدة تشكّلت لكي تزيد عبء الدين العام على الدولة اللبنانية، رغماً عن كل المصاعب المصيرية الأخرى. فجدول أعمال جلسة الغد، مثقل بطلبات الموافقة على قروض، فمن أصل 102 بند، يحمل الجدول طلبات للموافقة على 11 قرضاً لا علاقة لها بقروض مؤتمر سيدر! وعلى سبيل المثال، يتضمن البند الأول مشروع مرسوم يرمي إلى إبرام اتفاقية قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفي مشروع تعزيز الصرف الصحي، والثالث طلب وزارة الأشغال العامة والنقل إبرام اتفاقية قرض مع الوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل مشروع الصرف الصحي في وادي قاديشا، والرابع اتفاقية القرض الموقعة مع البنك الأوروبي للتثمير لتمويل مشروع الصرف الصحي في حوض نهر الغدير، والخامس اتفاقية قرض مع الصندوق الكويتي لتمويل مشروع إنشاء منظومتين للصرف الصحي في الشوف، والسابع قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير لمشروع النقل العام لمنطقة بيروت الكبرى. والسؤال الأبرز الذي يُطرح على الوزراء، هو عمّا إذا تسنى لهم الوقت لدراسة مشاريع القروض قبل وضعها على جدول الأعمال، فضلاً عمّا إذا كان الوزراء الذين لم تخرج هذه المشاريع من وزاراتهم سيتمكّنون قبل اجتماعهم غداً على طاولة مجلسهم من التدقيق في هذه المشاريع بالصورة الكافية.

انطلاقة مجلس الوزراء بجدول أعمال خطير (لجهة القروض) وهزيل لجهة عدم اتخاذ قرارات تمسّ حياة الناس بعد نحو 9 أشهر من الفراغ الحكومي، تبدو غير موفقة. ويُضاف إلى ما تقدّم أن مجلس الوزراء سيبحث بنداً يتيح لوزارة المال جباية الواردات ابتداءً من الأول من شباط، «إلى حين إقرار موازنة عام 2019»، وبندين يمنح أحدهما مؤسسة كهرباء لبنان سلف خزينة لتسديد فارق أسعار المحروقات بعد ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، ولدفع قيمة محروقات وقروض لغاية أول شهر آذار. وتوحي هذه البنود المالية أن الحكومة ستستهلك وقتاً طويلاً قبل درس الموازنة، رغم أن الوزير المالي علي حسن خليل أكد يوم الجمعة الفائت، من مجلس النواب، أن وزارته أنجزت مشروع موازنة عام 2019 منذ أشهر.

وإذا كان «التضامن الحكومي» حول القروض متوافراً، فإن حزب القوات اللبنانية، يبدو المرشّح الوحيد لخرق «التوافق» من خلفية الاعتراض على زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب لسوريا، والمزايدة على الرئيس سعد الحريري، في ظلّ صمت الحزب التقدمي الاشتراكي، حتى الآن، على الزيارة.

لم يأتِ تعيين الغريب وزير دولة لشؤون النازحين السوريين من عبث. فاختيار عضو «تكتّل لبنان القوي» وممثّل الحزب الديموقراطي اللبناني – الذي يحظى رئيسه النائب طلال أرسلان علاقات وثيقة مع سوريا – يعكس نيّة الحكومة الجديدة، برئاسة الحريري وإصرار من الرئيس ميشال عون وثنائي حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، على وقف إضاعة الوقت الذي أُهدر مع الوزير السابق معين المرعبي، والبدء بتحريك رسمي لملفّ النازحين السوريين.

وممّا لا شكّ فيه، أن المقاربة الماضية للملفّ، وتمسّك الحريري والقوى المحسوبة على «14 آذار» سابقاً برفض التواصل الرسمي مع سوريا، من خلفيّة العداء للدولة السورية، وتبنّي أجندة دولية تهدف إلى إبقاء النازحين السوريين في لبنان واستغلالهم سياسياً وديموغرافياً وأمنياً في الضغط على الرئيس السوري بشّار الأسد والمقاومة في لبنان، لم تجدِ نفعاً، ولو استمرت لكانت خواتيمها معروفة بتثبيت توطين النازحين في لبنان.

ومع أن الحريري يميل بكل تصريحاته ومواقفه إلى استمرار حالة العداء مع سوريا، ومقاربة الملفّ من وجهة النظر الدوليّة ــ الغربية، إلّا أن التفاهم العميق مع عون والوزير جبران باسيل، لم يعد يسمح للحريري بالتعامل مع ملفّ النازحين على القواعد السابقة. فضلاً عن أن كلّ المعطيات، بخلاف التصريحات الرسمية، تؤشّر على أن الحريري بات أقرب إلى موقف عون، بضرورة معالجة الملفّ، لما لوجود النازحين من تأثير مباشر في مناطق وجود تيّار المستقبل في البقاع والشمال وإقليم الخروب وشبعا، بالإضافة إلى المزاج العربي، الإماراتي – المصري أوّلاً، ثم السعودي، الذي بات مقتنعاً بضرورة إعادة العلاقات مع سوريا، وإن كانت لا تزال العودة الكاملة خاضعة للضغوط الأميركية التي «فرملت» الاندفاعة العربية نحو دمشق.

وهنا تحضر المبادرة الروسية، التي تصدّر الحريري لائحة المرحّبين بها، بعد أن أبدى استعداده للعمل عليها خلال استقباله أكثر من مسؤول روسي وخلال زيارته لموسكو قبل أشهر. فضلاً عن أن البيان الوزاري تضمّن بنداً واضحاً لجهة تبنّي المبادرة الروسية بوصفها المبادرة الأكثر جديّة لحلّ الأزمة.

وليس سرّاً أن التنسيق الأمني اللبناني – السوري تحديداً في ملفّ النازحين، عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كان يجري بعلم الحريري، الذي فضّل سابقاً أن يبقى بعيداً عن هذا الملفّ من دون أن يضع فيتو عليه.

من هنا، يبدو كلام الغريب أول من أمس، عن أن زيارته لسوريا حصلت بعلم الحريري، أكثر منطقاً من كلّ التسريبات التي تعمّدت أمس مصادر «بيت الوسط» تعميمها على قناتي «أم تي في» و«أل بي سي» عن امتعاض الحريري من الزيارة، فيما ساد الصمت على قناة الحريري نفسه، فلم يرد أي امتعاض على شاشة تلفزيون المستقبل.

ومساء أمس، كرّر الغريب في اتصال مع «الأخبار» كلامه السابق، مؤكّداً أنه «منذ البداية، لم نخفِ أننا سننزور سوريا، والزيارة لم تحصل بالسّر، وحظيت بعلم المعنيين». وطالب الغريب بأن «يُسحَب ملفّ النازحين من السجال السياسي، لأن التجاذب يعرقل مهمة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم». ونقل الغريب أجواءً إيجابية عن الزيارة ولقائه وزير الإدارة المحلية السوري حسين مخلوف، مؤكّداً أن «الدولة السورية أنجزت وتنجز ما يستوجب عودة النازحين وتحضير البنية التحتية اللازمة لاستقبالهم».