IMLebanon

عون والحريري يسعيان لرأب صدع الحكومة

كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

بكرت حكومة التوافق في التصدع، من الجلسة الأولى، كان العشم ابتعادها عن الخيارات السياسية المتضاربة، والانصراف الى معالجة هموم اللبنانيين الغارقين في ظلمة الكهرباء وتلوث المياه والهواء، وبالفساد على مختلف مستوياته، بدل إشغال النفس بالمسائل الدستورية الشائكة، وترك ما وعدت به من إصلاحات وتقديمات مؤتمر «سيدر»، الذي ولدت على نيته، وربما من أجله.

ويبدو ان ما حصل في جلسة مجلس الوزراء ليوم الخميس الفائت، أول الغيث، بالمعنى المجازي، ورغم مساعي التهدئة والاحتواء التي باشرها الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري، كل في محيطه، فإن ارتدادات موقف الرئيس عون في مجلس الوزراء وتجاوزه لسلطة «مجلس الوزراء مجتمعا»، من خلال حصره صلاحية «تحديد السياسة الوطنية العليا» بشخصه، ومن ثم صدور قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة ديما الجمالي عضو المستقبل، الذي لا يمكن ان يصدر على هذا النحو لولا وجود قرار كبير من مراجع سياسية أخرى، هذه الارتدادات تظهر ان كل ذلك لم يحدث الانقسام بشأن كيفية التعاطي مع ملف النازحين السوريين، إنما فتح سجالا حول الصلاحيات الدستورية، بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء، ما استدعى الرد من تيار المستقبل بتغريدة للنائب الدكتور محمد الحجار، شدد فيها على مسؤولية رئيس الحكومة في تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، مذكرا بالمادة 64 من الدستور، وفيها: رئيس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها، ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي رفضها مجلس الوزراء.

وكان الرئيس عون استند في موقفه، الهادف الى فرض وجهة نظره من مسألة عودة النازحين السوريين، قبل التسوية السياسية في سورية، على المادتين 49 و50 من الدستور، حيث تنص المادة 49 على أن رئيس الجمهورية هو رأس الدولة ورمز وحدة الوطن».

أما المادة 50 من الدستور فتناولت حلف الرئيس اليمين أمام مجلس النواب «على الإخلاص للأمة والدستور».

وردت مصادر المستقبل على ان النص الدستوري واضح في المادة 65 من الدستور وفيها: تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة ومن صلاحياتها: وضع السياسة العامة للدولة ووضع مشاريع القوانين والمراسيم ويسهر على تنفيذها. وتلقى الرئيس عون شحنة دعم من البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي لبّى الرغبة بالدعم، واصفا موقف الرئيس عون في مجلس الوزراء بالمشرف، وهو لم يتحدث عن كيفية إعادة العلاقات مع سورية، إنما قال: نحن فوق رؤوسنا نحو مليون و700 ألف نازح سوري، لا نستطيع حملهم.

بدوره، وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي قال معلقا على ردود الفعل بالقول: لقد أصبحت لدينا مرجعية لبنانية، وأنا أعرف بالشخصي أن الرئيس الحريري مرتاح لهذا الأمر.

القوات اللبنانية سألت من جهتها ما إذا كانت عودة النازحين مرتبطة بالحكومة السورية فلماذا لم تتحقق عودتهم بعد؟ وما العائق الذي يحول دون عودتهم إذا كان معبر العودة هو الحكومة السورية؟ ولماذا كل المحاولات التي أجراها الأمن العام اللبناني لم تسفر سوى عن عودة بضعة آلاف؟ وطالبت «القوات اللبنانية» بالفصل التام بين عودة النازحين اليوم قبل الغد، وبين الحرتقات السياسية لبعض القوى التي تنعكس سلبا على هذا الملف وعلى الانتظام والاستقرار السياسي. رئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل وصف القوات بـ «السياسات الصغيرة».

وضمن دائرة الهموم السياسية المستجدة الانتخابات الفرعية في طرابلس، بفعل إبطال المجلس الدستوري نيابة النائبة «المستقبلية» ديما الجمالي، الأمر الذي اعتبرته رئيسة كتلة المستقبل بهية الحريري بمثابة طعنة في الظهر. وللإضاءة على القصد، يتبين أن أمين سر المجلس الدستوري القاضي احمد تقي الدين، القريب من الرئيس نبيه بري، كان بوسعه تأمين الأكثرية لرد الطعن، لو لم يتراجع عن موقفه بعد تلقيه اتصالا هاتفيا، عاد بعده ليصوِّت الى جانب الطاعنين بنيابة الجمالي.

علما ان الأوساط المتابعة أكدت ان الاتصال لم يكن من جانب رئاسة مجلس النواب، إنما من جهات حزبية حليفة لجمعية المشاريع (الأحباش) التي ينتمي اليها المرشح المنافس طه ناجي، والمرتبطة بالمحور السوري- الإيراني، غير ان رسم سيناريو الطعن، لحفظ ابعاد القاضي زغلول عطية، الذي كان يطالب بأن يقترن قرار الإبطال بإعطاء النيابة الى المرشح التالي، أي طه ناجي، بحيث انتهى الأمر الى حل وسط: نزع نيابة الجمالي مع عدم تحويلها الى ناجي، وترك الأمر للانتخابات الفرعية.

الانطباعات الأولية تشير الى ان عودة الجمالي الى مجلس النواب شبه مضمونة، لأن تحالفات جمعية المشاريع الخيرية التي ينتمي اليها طه ناجي، لا تجذب الناخب الطرابلسي بصورة عامة، وإذا توصل الرئيس الحريري الى تثبيت التفاهم مع الرئيس نجيب ميقاتي، كحاله مع النائب السابق محمد الصفدي وضمن الصوت المسيحي الحليف، وأعاد التفاهم مع الوزير السابق أشرف ريفي، تستطيع الجمالي الفوز براحة، وحتى الآن مصادر ميقاتي تقول ان التحالف مع الحريري يتقدم، لكن يبدو ان رئاسة المنطقة الاقتصادية في طرابلس التي شعرت بتوزير رئيستها ريا الحسن، يجب التفاهم عليها مقدما.

وقد أقنع الحريري عضو المكتب السياسي للمستقبل د.مصطفى علوش بعدم ترشيح نفسه، لكن يبدو ان مصباح الأحدب عاقد العزم، يضاف الى كل ذلك العامل المادي وصيادي الفرص، ويبدو انه ستكون للدولار كلمته عند مختلف الأطراف.