IMLebanon

الحريري وميقاتي معاً في معركة طرابلس الانتخابية

تكتسب معركة الانتخابات الفرعية في مدينة طرابلس الشمالية والتي ستجرى خلال الشهرين المقبلين، أهمية خاصة بعد إبطال المجلس الدستوري نيابة النائبة في كتلة “المستقبل” النيابية ديما جمالي نتيجة طعن قدمه المرشح عن “جمعية المشاريع الإسلامية” طه ناجي بنتيجة احتساب الأصوات التي نالها، مقابل جمالي، نظرا إلى الظروف السياسية الدقيقة التي تمر بها التوازنات السياسية الراهنة في لبنان.

وتشير مصادر سياسية ورسمية عليمة بخلفيات موقف الكتلة لـ”الحياة” إلى أن الكتلة والحريري اطّلعا على معطيات عن ضغوط مورست على قضاة في المجلس الدستوري لتغيير أحد القضاة موقفه من قبول الطعن، بعدما كان أوصى برفضه، نظرا إلى أن فارق الأصوات لا يعتد به، دفعت بالحريري إلى اعتبار ما جرى يأتي في خطة تستهدف إظهاره ضعيفا، بخفض كتلته النيابية نائبا بعدما أدت التنازلات التي أقدم عليها من أجل تمرير قانون الانتخاب، والتضحيات التي قدمها في التحالفات إلى خسارة كتلته العابرة للطوائف، أكثر من 12 نائبا عما كانت عليه في انتخابات 2009 .

وأوضحت هذه المصادر أن الحريري بدا شديد الانزعاج من اشتراك فرقاء في السلطة عقد معهم تسوية من أجل الدخول في مرحلة إنقاذية لأوضاع البلد المتردية، في هذه الخطة التي ترمي إلى تجريده من قوته النيابية، على رغم تراجعها أصلا. وهذا ما يفسر حديث بيان الكتلة عن “الطعن بالظهر”.

وتؤكد أوساط تيار “المستقبل” أن هذا المناخ هو الذي دفع الحريري إلى الطلب من جمالي إعادة ترشيح نفسها للمقعد السني الذي شغر بإبطال نيابتها، فور الإعلان عن قرار المجلس الدستوري، من باب إصراره على الاحتفاظ بهذا المقعد، ومواجهة تحدي محاولة تجريده منه، نظرا إلى رمزيته السياسية في ما يخص وجوده ونفوذه في الشمال.

وتتجه الأنظار إلى التحالفات التي سيعقدها الحريري في عاصمة الشمال، التي تتميز بالثقل السني الانتخابي المقرر للنتائج، لأن عدد الناخبين السنة فيها هم الأكثرية الساحقة (194،268 من أصل 237،338 ناخب)، وبالثقل السياسي التاريخي الكبير أيضا لأنها المدينة الثانية الكبرى في لبنان، التي كان لها دور في رسم المعادلة السياسية اللبنانية التاريخية على مر العقود، خصوصا أن أكثر من 5 رؤساء حكومات جاؤوا منها إلى الرئاسة الثالثة، فضلا عن أنها رفدت الحريرية السياسية بدعم شعبي واسع في السنوات العشرين الماضية.

والمعركة الانتخابية الفرعية فيها تجرى، بحسب ما نص عليه القانون الجديد القائم على النظام النسبي، وفق النظام الأكثري، لصعوبة تطبيق النسبية والصوت التفضيلي، على التنافس حول مقعد واحد. كما أنها تُجرى في المدينة (الدائرة الصغرى) وحدها وليس في الدائرة الأوسع التي كانت ضمت إليها في انتخابات العام الماضي قضاءي الضنية والمنية.

وتترقب الأوساط السياسية الموقف النهائي لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي كان خاض المعركة في أيار (مايو) الماضي في الانتخابات العامة مترئسا لائحة “العزم” منافسة للائحة “المستقبل للشمال” التي تحالفت مع الوزير السابق محمد الصفدي، إذ أن الحريري وميقاتي عادا فتعاونا بعد الانتخابات وتوافقا على عدد من العناوين السياسية التي أفضت إلى ضم مرشح الثاني لتولي منصب وزاري في الحكومة الجديدة هو وزير شؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني.

ويقول قياديون في المدينة لـ”الحياة” إن التحالف بين الحريري وميقاتي سيحسم المعركة لمصلحة جمالي، إذ أنهما يشكلان سويا الثقل الانتخابي الأكثري، قياسا إلى تجمع القوى الأخرى المنافسة، وإلى نتائج الانتخابات العامة، بحيث أن توحيد جهودهما كونهما يمثلان الكتلتين الانتخابيتين الأقوى، في صندوقة الاقتراع خلافا لتنافسهما في الانتخابات العامة، يفضي إلى هذه النتيجة.

هذا فضلا عن أن الانتخابات العامة شهدت ظهور 8 لوائح انتخابية على الدائرة الموسعة تنافست على 11 مقعد، نظرا إلى الفرصة التي أتاحها القانون على أساس النسبية والصوت التفضيلي، للخرق، ما شجع الكثيرين على التوزع في هذه اللوائح، لعل القانون الجديد يسمح باختراق المنافسين التقليديين. كما كان من بين اللوائح الثمانية تلك التي تصدرها الوزير السابق اللواء أشرف ريفي الخارج من تحت عباءة الحريرية السياسية، بحجة تقديم الحريري التنازلات للخصوم السياسيين.

أما الانتخابات الفرعية على الأكثري، فإنها تخفض من رغبة الطامحين إلى الترشح وبالتالي تتركز المنافسة على المرشحين الرئيسيين المتنافسين، إذا قرر المرشج طه ناجي خوض المعركة أو اتفق خصوم الحريري على دعم ترشح غيره لضمان حصد أصوات أكثر، خصوصا أنه كان انضم إلى اللائحة الثالثة، “الكرامة الوطنية” التي تصدّرها النائب فيصل عمر كرامي، وخرق لائحتي “المستقبل” و”العزم” ومعه جهاد الصمد من الضنية.

وعلمت “الحياة” أن الاتصالات بدأت بين الحريري وميقاتي، انطلاقا من مناخ التعاون الذي ساد بينهما في المرحلة الأخيرة، وإن كان الثاني يتريث في إعلان دعمه لجمالي في انتظار إجراء اتصالاته مع فعاليات طرابلسية واستكشاف ما ينويه الفريق الآخر. وهو عبّر عن موقفه في بيان صدر أمس عن مكتبه الاعلامي جاء فيه الاتي: “تفاديا لتحليلات وإجتهادات في غير موقعها، يؤكد الرئيس نجيب ميقاتي حرصه على العلاقة مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وعلى التعاون المتين القائم بينهما، ويشدد على أن الأولوية لديه في موضوع الانتخابات الفرعية هي مصلحة طرابلس وأهلها، ومن هذا المنطلق فهو يجري الاتصالات اللازمة مع كل الأطراف المعنية بهذا الاستحقاق على قاعدة أن وحدة الصف هي أكثر من ضرورة في ظل التحديات الراهنة والداهمة، فاقتضى التوضيح”.