IMLebanon

فرنجية وجعجع معاً… إلى أين؟

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

لا يمكن المرور بعجالة على اللقاء الذي حصل في منزل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بنشعي مؤخرا، حيث حضر أمين سر كتلة القوات اللبنانية النيابية فادي كرم ومعه النائب جوزيف اسحق ورئيس اتحاد بلديات قضاء بشري ايلي معلوف، وكان في استقبالهم إلى جانب فرنجية ابنه النائب طوني ورئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير، وكان اللقاء مخصصا لتفعيل تواصل الميدان بين الفريقين.

فتطور العلاقة ميدانيا بين الطرفين بعد خصام استمر أكثر من 40 عاما، فيه الكثير من المؤشرات السياسية، خصوصا على الساحة المسيحية، ذلك أن للفريقين نفوذا واسعا في المناطق كافة لاسيما الشمالية منها، كذلك فلكل منهما كتلة نيابية وتمثيل وزاري مؤثر، وتفعيل التعاون بينهما يقلق بعض الأطراف على الساحة المسيحية، كما يلقي بظلال دافئة على أطراف أخرى.

كان وقع المصالحة التي جرت في بكركي برعاية البطريرك بشارة الراعي بين رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية في منتصف شهر تشرين الثاني 2018، كبيرا جدا في الأوساط المسيحية وفي لبنان عامة، وقد طوت المصالحة صفحة مأساوية بدأت قبل 40 عاما مع «مجزرة اهدن او لعنة العرب المسيحيين» كما أطلق عليها الكاتب الفرنسي ريتشارد لابفيير في كتابه الشهير الذي تناول تفاصيل الحادثة، وقد دعي لابفيير إلى بكركي وحضر لقاء المصالحة، على أمل أن يكتب جديدا عن أهمية ختم الجرح.

وتفعيل العلاقة بين القوات والمردة له مردوده الواسع أيضا على المستقبل، حيث إن زعيمي الفريقين مرشحان قويان لمركز رئاسة الجمهورية في المستقبل، وهما على تفاهم من جهة، وعلى تناقض من جهة ثانية مع التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل. د.سمير جعجع يرتبط مع التيار الوطني الحر «بتفاهم معراب» الذي ساهم بوصول الرئيس ميشال عون إلى بعبدا، على أمل أن يرد التيار الجميل للقوات بالمثل، عندما تسمح الفرصة في المستقبل، لكن هذا التفاهم يتعرض للاهتزاز كما تشير الأحداث والمواقف الأخيرة – لاسيما المعلنة منها – لأن جزءا كبيرا من الاتفاقات التي وردت في وثيقة التفاهم تم خرقه، خاصة لناحية تقاسم النفوذ في دوائر الدولة، كما أن توجهات كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على مستوى العلاقات مع الخارج – وتحديدا مع سورية – مختلفة تماما.

أما النائب السابق سليمان فرنجية، فهو على خلاف جوهري مع سياسة الوزير جبران باسيل في الداخل، لكنه يلتقي معه في جزء كبير من التوجهات الخارجية، وفي علاقة الطرفين المميزة مع حزب الله.

لكن جعجع وفرنجية المرشحين القويين للرئاسة، لا يبدو انهما يماشيان الوزير باسيل في تفاهمه الضمني مع رئيس الحكومة سعد الحريري على إدارة مرافق الدولة، كما أنهما يختلفان معه على طريقة العمل في الداخل اللبناني، لأن باسيل يبالغ في تحريك العصبيات الطائفية تحت شعار «استعادة حقوق المسيحيين» وهذا الشعار قد يخلق عداوات جديدة، كما يثير الحساسية المفرطة لدى الطوائف الأخرى اذا ما تم استخدامه لأسباب شعبوية، هل يكون تفاهم بنشعي في المستقبل بديلا عن تفاهم معراب؟