IMLebanon

التهويل على “المتمرنين”: “القطبة” قانونية أم طائفية؟

كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:

هل يستحضر معيار التوازن الطائفي لتعطيل ملف درجات المتمرنين على غرار ملفات الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية؟ وما صحة الكلام على امكانية تجميد الملف في انتظار التوافق بين القوى السياسية على سلة واحدة لهذه الملفات تراعي التوزيع الطائفي؟

منذ اللحظة الأولى لإقرار مجلس الوزراء الدرجات الست الاستثنائية للمتمرنين الملحقين بالتعليم الثانوي، صوّب وزراء ونواب ينتمون إلى كتل سياسية تحفظت عن القرار، لا سيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المردة، بأن رئيس الجمهورية، ميشال عون، يستطيع أن يستخدم صلاحياته الدستورية برد المرسوم إلى مجلس الوزراء.

ووسط تصويب المهاجمين لحقوق المتمرنين على عدم مراعاة الوعود المقطوعة للمجتمع الدولي بخفض الإنفاق من جهة، وعدم قانونية الدرجات من جهة ثانية لعدم وجود نص قانوني خاص بها، أوضحت مصادر نيابية مطلّعة أنّ «درجات الأساتذة طرحت على طاولة مجلس الوزراء بعد نيل الموضوع موافقة رئيس الجمهورية، وكان هناك توجه لدى الرئيس لإدراجها ضمن ملحق جدول الأعمال، قبل أن يجري الاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري على طرحها من خارج الجدول والتوافق مسبقاً على إقراره».

المصادر استغربت «الالتفاف على التصويت» في مجلس الوزراء، مبدية خشيتها من أن تكون أسباب الاعتراض على الملف طائفية لا مالية وقانونية كما هي معلنة، وأن يعطّل معيار التوازن الطائفي الملف تماماً كما عطّل سابقاً ملفات نحو 900 ناجح في مجلس الخدمة المدنية للتوظيف في الإدارات العامة. وتحدثت عن «معلومات بشأن مقايضات ستجري بين القوى السياسية المختلفة على ملفات الموظفين العالقة بغية التوافق عليها سلةً واحدة، ومن ضمنها مأمورو الأحراج والمراقبون الجويون والمفتشون التربويون والموظفون لصالح وزارة المال ووزارة الاقتصاد وغيرهم». وسألت ما إذا كانت درجات المتمرنين ستدخل ضمن هذه السلة؟

وكان جدل قانوني رافق الإقرار لجهة أنّ مجلس الوزراء لم يطبق المادة 9 من قانون السلسلة بسبب عدم إقراره المفعول الرجعي للدرجات، وبالتالي فإن أي انفاق إضافي يحتاج إلى قانون في مجلس النواب. إلاّ أن المصادر النيابية أشارت إلى أنّ مجلس الوزراء استند إلى معطيات قانونية تتعلق بالنقاشات التي حصلت في مجلس النواب ومجلس الوزراء واللجنة الوزارية، وما فعله مجلس الوزراء هو استخدام صلاحيته المنصوص عنها في المادة 97 من المرسوم الاشتراعي 112 /1959، والتي تجيز له البت في خلاف الرأي بين وزارة التربية وهي الوزارة المعنية التي أكدت أحقية الدرجات، وبين مجلس الخدمة المدنية الذي أكد أنّ إضافة أوضاع فئات لم يشملها قانون السلسلة تحتاج إلى نص تشريعي.

أما المصادر فتحدثت عن سند قانوني لأحقية استفادة الأساتذة الثانويين المتمرنين من الدرجات الست الاستثنائية المنصوص عنها في قانون السلسلة يتضمن:

– محضر جلسة مجلس النواب المتعلقة بمناقشة قانون السلسلة ومادته التاسعة التي صُدِّقت وتثبت أن نية المشرّع توجهت لإعطاء الأساتذة الثانويين المتمرنين الدرجات الست.

– المادتان الخامسة من مرسوم التعيين 89 /2017 والثانية من مرسوم الإلحاق في شباط 2019 اللتان تُثبتان أنّ مدة دراسة الأساتذة الثانويين المتمرنين في كلية التربية تُحسب من أصل خدماتهم الفعلية في الوظيفة العامة.

– تاريخ مباشرة العمل بتاريخ 17 تموز 2017 الصادرة عن كلية التربية يثبت أنهم في الخدمة الفعلية قبل إقرار قانون السلسلة في 21 آب 2017.

– البند الثاني من المادة السادسة من القانون 644 /2001 «… وإن المتمرن في وظيفة معينة يكون من العاملين في الخدمة الفعلية طيلة فترة تمرينه».

– إن رأي مجلس الخدمة هو استشاري غير ملزم والمجلس لا يمارس دور الرقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإذا حصل خلاف بين مجلس الخدمة والوزارة المختصة يُعرض الأمر على مجلس الوزراء للبت فيه.

أول المهاجمين لمرسوم الدرجات كان وزير الخارجية جبران باسيل الذي رأى أنّ تصويت أكثرية مجلس الوزراء على الدرجات لا يستند إلى أي خطة أو دراسة، واصفاً القرار بـ«الشعبوي». وسأل المجتمعين في مجلس الوزراء ما إذا كانوا يعرفون أن الدرجات تكلّف خزينة الدولة 4 مليارات ليرة سنوياً، وما إذا كانت الحكومة قادرة على تأمين هذا المبلغ؟». وأكد أن «فريقنا السياسي لن يقف متفرجاً ولن يشارك في مسرحية خبيثة، باعتبار أنّ الاستمرار في اتخاذ قرارات شعبوية ‏كسلسلة الرتب والرواتب وزيادة الرواتب والدرجات قد يرضي قسماً من الناس لبعض الوقت، لكنه يهدد مصير كل الناس، والاستمرار في نهج تقديم المصالح الانتخابية على المصلحة العامة سيؤدي إلى مزيد من التدهور».

بعدها، تولى الوزير السابق سليم جريصاتي استكمال الحملة بتقديم «الحجة» القانونية للرفض، وقال في حديث تلفزيوني إنّ «الدرجات الست لطلاب الكفاءة في كلية التربية تحتاج إلى قانون خاص والقانون غير موجود، في حين أن أسباب رد المرسوم إلى مجلس الوزراء موجودة، والقرار متروك لرئيس الجمهورية ليقرر ذلك، وإذا كانت النائبة بهية الحريري قد أعدت اقتراح قانون بالدرجات الست لإقراره في المجلس النيابي، فهذا يعني أنها مدركة تماماً أنه يدور في دائرة الاختصاص في مجلس النواب». وذكّر جريصاتي بأن رئيس الجمهورية له صلاحية دستورية أيضاً بإعادة النظر في القانون إذا ما أقر في المجلس النيابي!

مصادر لجنة متابعة قضية المتمرنين تمنت أن تقتصر هذه الحملة على «التهويل» وأن لا تكون جدية فعلا، ملوحة بإنهاء العام الدراسي، في ما لو ردّ المرسوم فعلاً. واستغربت المصادر حديث جريصاتي عن أنّ الحريري أعدت اقتراح القانون لإدراكها أن المادة 9 من قانون السلسلة لا تنطبق على المتمرنين، مشيرة إلى أن «الحريري أبلغتنا شخصياً أن اقتراح القانون كان كخطة ب تحسباً لعدم إقرار الدرجات في مجلس الوزراء». وكانت لجنة التربية النيابية قد وافقت على اقتراح القانون المعجل المكرر الذي أعده النائبان علي فياض وبهية الحريري.

من جهتها، ناشدت رابطة أساتذة التعليم الثانوي رئيس الجمهورية أن لا يضيع حق الأساتذة، خصوصاً أن الدرجات هي تطبيق للقانون وليست مطلباً جديداً بزيادات جديدة ولن تكون ذريعة لباقي القطاعات. ودعت إلى اتمام عام دراسي بشكل طبيعي من دون العودة إلى الإضرابات واقفال الثانويات مجدداً. يذكر أن الثانويات تعطلت خلال إضراب المتمرنين الأخير، إذ أن بعضها يضم 35 أستاذاً متمرناً.

وبدا غريباً أن يخرج رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية»، أمس، ليقول إنّه لا يعرف مَن “هؤلاء الأساتذة المتمرنين الذين نالوا الدرجات الست، قشة لفة، بأكثرية أصوات أعضاء مجلس الوزراء نجح ومن لم ينجح لعدم وجود وثائق تثبت ذلك»! في حين أن المتمرنين نجحوا في مباراة لمجلس الخدمة المدنية واجتازوا دورة إعداد في كلية التربية في الجامعة اللبنانية.

إضراب في «اللبنانية»

تزامناً مع انعقاد الجلسة التشريعية غداً وبعد غد، تبدأ اليوم الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية إضراباً لمدة ثلاثة أيام، من أجل إدراج مشروعي قانونين على جدول أعمال الجلسة: الأول: القاضي بإضافة 5 سنوات على خدمة الأستاذ الذي لا تصل خدمته لأربعين عاماً بسبب خصوصيته المتعلقة بطول سنوات دراسة الدكتوراه وبصعوبات التعاقد والتفرغ والدخول إلى الملاك بعد طول انتظار، والثاني معجل مكرر لإعطاء الأساتذة ثلاث درجات. قرار الإضراب جاء بعد اجتماع عقدته الرابطة مع وزير التربية أكرم شهيب، وأعلنت أنها ستعقد اليوم مؤتمرا صحافياً، على أن تنفذ اعتصاماً غداً في ساحة رياض الصلح، للمطالبة بإقرار القانونين وإحقاق باقي المطالب لا سيما إدخال المتفرغين إلى الملاك والمتعاقدين المستوفين الشروط إلى التفرغ.